للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَصَرُّفَاتُهُ الْقَابِلَةُ لِلنَّقْضِ وَيُرَدُّ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ لِلْوَاهِبِ أَمَّا مَا لَيْسَ بِقَابِلٍ لِلنَّقْضِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ فَلَا يَنْقُضُهَا الْمُكْرَهُ وَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُجْبِرَ قِيمَةَ الْمَالِ يَوْمِ تَسْلِيمِهِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ. وَلَهُ أَنْ يَضْمَنَ الْمَوْهُوبُ لَهُ. وَمَتَى اخْتَارَ تَضْمِينَ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَيُضَمِّنُهُ إنْ شَاءَ قِيمَتَهُ وَقْتَ قَبْضِهِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ وَقْتَ إحْدَاثِهِ الْحَالَ الَّذِي أَصْبَحَ فِيهِ غَيْرَ قَابِلٍ لِلنَّقْضِ، (الْبَزَّازِيَّةُ) .

سَادِسًا، لَوْ أُكْرِهَ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يَهَبَ نِصْفَ دَارِهِ غَيْرَ مَقْسُومٍ، أَوْ لَمْ يُسَمِّ لَهُ مَقْسُومًا وَلَا غَيْرَهُ، وَأُكْرِهَ عَلَى التَّسْلِيمِ فَوَهَبَ وَسَلَّمَ الدَّارَ كُلَّهَا فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِغَيْرِ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ. أَمَّا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى هِبَةِ نِصْفِ دَارِهِ مَقْسُومًا أَوْ عَلَى هِبَةِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِهِ فَوَهَبَ الْكُلَّ لَمْ يَجُزْ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) .

وَيَلْزَمُ أَنْ يُبَيِّنَ الْفَرْقَ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ.

سَابِعًا، لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْهِبَةِ فَتَصَدَّقَ، أَوْ عَلَى الصَّدَقَةِ فَوَهَبَ، جَازَ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ غَيْرُ الصَّدَقَةِ.

ثَامِنًا، لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ، فَوَهَبَ فِي مُقَابِلِ عِوَضٍ، وَحَصَلَ التَّقَابُضَ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ جَازَ.

تَاسِعًا، إذَا أُكْرِهَ عَلَى الْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ وَأَعْطَى الْمَوْهُوبُ لَهُ لِلْوَاهِبِ عِوَضًا بِلَا إكْرَاهٍ بَعْدَ أَنْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ لِلْمَوْهُوبِ جَازَتْ الْهِبَةُ

. [٦]- فَرَاغُ الْأَرَاضِي وَالْأَوْقَافِ لَوْ أَكْرَهَ أَحَدٌ آخَرَ إكْرَاهًا مُعْتَبَرًا عَلَى فَرَاغِ الْأَرَاضِيِ الْأَمِيرِيَّةِ وَالْأَرَاضِيِ الْمَوْقُوفَةِ الَّتِي فِي عُهْدَتِهِ لِأَحَدٍ لَا يَلْزَمُ وَلَا يَنْفُذُ حَتَّى إنَّهُ لَوْ تَفَرَّغَ أَحَدٌ لِآخَرَ عَنْ الْأَرَاضِيِ الْمَذْكُورَةِ فَلَهُ الصَّلَاحِيَّةُ فِي دَعْوَى الْإِكْرَاهِ، فَلَوْ تُوُفِّيَ الْمُكْرَهُ فَلِوَرَثَتِهِ الَّذِينَ لَهُمْ حَقُّ الِانْتِقَالِ الصَّلَاحِيَّةُ فِي دَعْوَى الْإِكْرَاهِ. كَذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ فَرَاغُ عَرْصَةِ الْوَقْفِ بِالْإِكْرَاهِ الْمُعْتَبَرِ، (الْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ) . لَكِنَّ الَّذِي يَتَفَرَّغُ مُكْرَهًا إذَا تَفَرَّغَ بِالْعَقَارِ الْمَفْرُوضِ لَهُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ صَحَّ، وَصَارَ كَأَنَّهُ قَدْ أَجَازَ الْفَرَاغَ الَّذِي وَقَعَ وَهُوَ مُكْرَهٌ.

[٧]- الصُّلْحُ عَنْ مَالٍ: إذَا كَانَ لِأَحَدٍ دَعْوَى عَلَى آخَرَ وَكَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرًا فَأَكْرَهَهُ الْمُدَّعِي عَلَى الصُّلْحِ وَصَالَحَهُ الْمُنْكِرُ مُكْرَهًا. فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ. لَكِنْ لَوْ وَقَعَ بَعْدَ ذَلِكَ الصُّلْحَ مُخْتَارًا وَسَلَّمَهُ بَدَلَ الصُّلْحِ طَوْعًا نَفَذَ، (الْبَهْجَةُ)

[٨]- لَا يُعْتَبَرُ الْإِقْرَارُ الَّذِي يَقَعُ بِإِكْرَاهٍ فَلَوْ أَكْرَهَ أَحَدٌ آخَرَ عَلَى أَنْ يُقِرَّ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِزَيْدٍ بِكَذَا قِرْشًا أَوْ أَنْ يُقِرَّ بِعَقْدٍ مِنْ الْعُقُودِ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْمُكْرَهُ مُخَيَّرًا بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ، إنْ شَاءَ أَجَازَ أَيْ يَقُولُ إنَّنِي كُنْتُ صَادِقًا فِي إقْرَارِي، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ، يَعْنِي أَنْ يَقُولَ إنَّنِي كُنْتُ كَاذِبًا فِي إقْرَارِي، (مُنْلَا مِسْكِينٍ، عَبْدُ الْحَلِيمِ، الطَّحْطَاوِيُّ) .

لِأَنَّ الْإِقْرَارَ خَبَرٌ يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ. أَمَّا الْإِكْرَاهُ فَيُرَجَّحُ جِهَةَ الْكَذِبِ (الْبَزَّازِيَّةُ) ، وَعَلَيْهِ فَالْإِقْرَارُ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ حُجَّةٌ وَبِهَذَا السَّبَبِ يَتَرَجَّحُ جَانِبُ الصِّدْقِ، أَمَّا حَالُ الْإِكْرَاهِ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ، لِهَذَا يُرَجَّحُ جَانِبُ الْكَذِبِ عِنْدَ الْإِكْرَاهِ، (أَبُو السُّعُودِ) .

لَا يُعْتَبَرُ الطَّلَاقُ الَّذِي يُقَرُّ بِهِ بِالْإِكْرَاهِ فَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَكْتُبَ عَلَى قِرْطَاسٍ، (امْرَأَتُهُ طَالِقٌ، أَوْ أَمْرُهَا بِيَدِهَا) لَمْ يَصِحَّ الْإِقْرَارُ إنْ نَوَى الطَّلَاقَ أَوْ لَمْ يَنْوِ، (صُرَّةُ الْفَتَاوَى) .

كَذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ الرَّضَاعُ الَّذِي تُقِرُّ بِهِ الْمَرْأَةُ مُكْرَهَةً، أَمَّا الطَّلَاقُ الَّذِي يَقَعُ بِالْإِكْرَاهِ وَالرَّضَاعُ الَّذِي تُكْرَهُ عَلَيْهِ الْمَرْأَةُ فَمُغَيَّرَانِ وَيَثْبُتُ حُكْمُهُمَا، (عَبْدُ الْحَلِيمِ بِإِيضَاحٍ) وَقَدْ مَرَّ إيضَاحُهُ آنِفًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>