فِي حُكْمِ الْمُشَارِكِ فِي نَفْسِ الدَّارِ. وَصُوَرُ هَذَا هِيَ: أَنْ تَكُونَ عَرْصَةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ شَائِعَةً فَاقْتَسَمَاهَا بَعْدَ أَنْ أَنْشَآ فِي وَسَطِ الْعَرْصَةِ حَائِطَ الْبَاقِي مِنْ الْعَرْصَةِ، يَعْنِي لَوْ أَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمَا طَرَفًا مِنْ الْعَرْصَةِ مِنْ إحْدَى جِهَتَيْ الْحَائِطِ فَالْحَائِطُ وَالْأَرْضُ الَّتِي بُنِيَ عَلَيْهَا تَبْقَيَانِ مُشْتَرَكَتَانِ كَمَا فِي السَّابِقِ، (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَإِذَا بَاعَ أَحَدُهُمَا مَا أَصَابَهُ مِنْ الْحِصَّةِ مِنْ آخَرَ كَانَ صَاحِبُ الْحِصَّةِ الْأُخْرَى شَرِيكًا فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ وَعَلَيْهِ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْخَلِيطِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ، (١٠٩٠) وَكَمَا يَكُونُ الشَّرِيكُ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ شَرِيكًا فِي كُلِّ الْمَبِيعِ كَمَا مَرَّ تَفْصِيلُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ، (١٠٨٠) يَكُونُ بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ شَرِيكًا فِي جُزْءِ الْمَبِيعِ أَيْضًا (الْهِدَايَةُ) . لَكِنْ إذَا كَانَ الْحَائِطُ مُشْتَرَكًا فَقَطْ وَكَانَتْ الْأَرْضُ الْقَائِمُ عَلَيْهَا الْحَائِطُ غَيْرَ مُشْتَرَكَةٍ فَبِمَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي حُكْمِ الْمُشَارِكِ فَلَا يَتَقَدَّمُ الْجَارُ الْمُلَاصِقُ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَأَبُو السُّعُودِ) وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْجِيرَانِ شَرِيكًا فِي الْجِدَارِ لَا يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْجِيرَانِ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ فِي الْبِنَاءِ الْمُجَرَّدِ لَا يَسْتَحِقُّ بِهَا الشُّفْعَةَ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
وَصُورَةُ هَذَا هِيَ: أَنْ تَكُونَ عَرْصَتُهُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ شَائِعَةً وَقُسِمَتْ بَيْنَهُمَا وَجُعِلَ فِي الْوَسَطِ خَطٌّ فَاصِلٌ وَبَعْدَ ذَلِكَ أُفْرِزَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى طُولِ الْخَطِّ أَرْضًا مِنْ جِهَتِهِ وَبَنَيَا عَلَى تِلْكَ الْأَرْضِ الْمُفْرَزَةِ مِنْ الْجِهَتَيْنِ حَائِطًا فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ جَارًا فِي الْأَرْضِ وَشَرِيكًا فِي الْبِنَاءِ فَقَطْ وَالشَّرِكَةُ فِي الْبِنَاءِ الْمُجَرَّدِ لَا تُوجِبُ الشُّفْعَةَ بِسَبَبِ الِاشْتِرَاكِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) .
وَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الدُّرِّ الْمُنْتَقَى بِمَا أَنَّ ظَاهِرَ عِبَارَةِ الْمُلْتَقَى تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاشْتِرَاكَ فِي الْجِدَارِ بِدُونِ الْأَرْضِ أَوَّلُ أَسْبَابِ الشُّفْعَةِ، فَإِنَّ الشَّرِكَةَ فِي الْجِدَارِ كَمَا هُوَ شَرْحٌ فِي عَامَّةِ كُتُبِ الْمَذْهَبِ، غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ وَلَا تَكُونُ فِي الْبِنَاءِ الْمُجَرَّدِ مَشْفُوعًا بِهِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْمَكَانُ الْقَائِمُ عَلَيْهِ الْبِنَاءُ مُشْتَرَكًا كَانَ شَرِيكًا وَعَلَيْهِ فَيَلْزَمُ حَمْلُ الْمَتْنِ عَلَى هَذَا وَيَلْزَمُ أَيْضًا تَأْوِيلُ عِبَارَةِ الْمَجَلَّةِ فِي الشَّرْحِ، وَحَاصِلُ الْكَلَامِ: أَنَّ الِاشْتِرَاكَ فِي الْحَائِطِ فَقَطْ لَيْسَ سَبَبًا لِلشُّفْعَةِ أَمَّا الِاشْتِرَاكُ فِي الْحَائِطِ مَعَ الْأَرْضِ الْقَائِمِ عَلَيْهَا مِنْ أَسْبَابِ الشُّفْعَةِ فِي الدَّرَجَةِ الْأُولَى وَيُقَدَّمُ عَلَى الْخَلِيطِ وَالْجَارِ. وَعَلَيْهِ فَالْمُشَارِكُ فِي حَائِطِ الْعَقَارِ الْمَبِيعِ مَعَ الْأَرْضِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يُعَدُّ مُشَارِكًا فِي ذَلِكَ الْعَقَارِ كُلِّهِ عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ وَعَلَى رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ الصَّحِيحَةِ يُقَدَّمُ عَلَى الْجَارِ الْمُلَاصِقِ. وَلَا تَنْحَصِرُ هَذِهِ فِي الْحَائِطِ أَوْ فِي الْمَحَلِّ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ الْحَائِطُ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ أَخَصُّ بِهِ حَيْثُ كَانَ شَرِيكًا فِي الْبَعْضِ، وَفِي رِوَايَةٍ يُسَاوِي الْجَارَ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ فِيهِ بِالْجِوَارِ وَغَيْرِهِ يُسَاوِيهِ فِيهِ، (الطَّحْطَاوِيُّ) ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُشَارِكًا فِي الْحَائِطِ مَعَ الْأَرْضِ وَلَكِنْ كَانَتْ أَخْشَابُ دَارِهِ مُمْتَدَّةً عَلَى حَائِطِ جَارِهِ، أَيْ كَانَ غَيْرَ شَرِيكٍ فِي الْأَرْضِ مَعَ الْحَائِطِ بَلْ كَانَ لَهُ حَقُّ وَضْعِ الْأَخْشَابِ عَلَى حَائِطِ جَارِهِ، أَوْ كَانَ شَرِيكًا فِي الْأَخْشَابِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْحَائِطِ فَيُعَدُّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ جَارًا مُلَاصِقًا وَلَا يُعَدُّ شَرِيكًا فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ وَخَلِيطًا فِي حَقِّ الْمَبِيعِ بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ صَاحِبَ الْحَقِّ فِي وَضْعِ رُءُوسِ أَخْشَابِ بَيْتِهِ عَلَى حَائِطِ جَارِهِ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ فِي الْعَقَارِ أَوَّلُ سَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الشُّفْعَةِ، وَالشَّرِكَةُ الْحَاصِلَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَيْسَتْ شَرِكَةً فِي الْعَقَارِ، (الدُّرَرُ، وَالْهِدَايَةُ، وَالْكِفَايَةُ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي: وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute