الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّ لِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةَ؛ لِأَنَّهَا عَادَتْ إلَى الْبَائِعِ عَلَى حُكْمِ مِلْكٍ مُبْتَدَأٍ. أَلَا تَرَى أَنَّهَا دَخَلَتْ فِي مِلْكِهِ بِقَبُولِهِ وَرِضَاهُ فَصَارَ ذَلِكَ كَالشِّرَاءِ مِنْهُ، (الْجَوْهَرَةُ) .
وَعَلَيْهِ فَلَوْ بَاعَ أَحَدٌ عَقَارَهُ مِنْ آخَرَ وَبَعْدَ أَنْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ أُقِيلَ فِي الْبَيْعِ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الْإِقَالَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْإِقَالَةَ هِيَ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ فِي حُكْمِ عَقْدٍ جَدِيدٍ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
إيضَاحُ السَّلَمِ: تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْعَقَارِ الَّذِي يُجْعَلُ رَأْسَ مَالِ لِلسَّلَمِ فَلَوْ عَقَدَ السَّلَمَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ فِي مُقَابِلِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ عَقَارًا مَعْلُومًا تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ. حَتَّى وَلَوْ نَقَضَ الطَّرَفَانِ عَقْدَ التَّسْلِيمِ وَالِافْتِرَاقِ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِفَسْخٍ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ بَلْ هُوَ بَيْعٌ جَدِيدٌ. أَمَّا لَوْ افْتَرَقَ الطَّرَفَانِ وَلَمْ يُسَلَّمْ الْعَقَارَ فِي الْمَجْلِسِ، عَقْدُ السَّلَمِ، بَطَلَ السَّلَمُ كَمَا بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ أَيْضًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (١٨٧) ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) .
إيضَاحُ الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ: سَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ إيضَاحُ بَعْضِ أَنْوَاعِ الصُّلْحِ: إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ الْإِقْرَارِ عَلَى مَالٍ عَنْ دَعْوَى مَالٍ مُعَيَّنٍ كَانَ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ. فَعَلَيْهِ تَجْرِي الشُّفْعَةُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْعَقَارُ مُصَالَحًا عَنْهُ أَوْ كَانَ مُصَالَحًا عَلَيْهِ وَإِذَا وَقَعَ عَلَى الْمَنْفَعَةِ كَانَ فِي حُكْمِ الْإِجَارَةِ وَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ عَقَارًا.
أَمَّا الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ فِي دَعْوَى مَالٍ مُعَيَّنٍ أَوْ عَنْ سُكُوتٍ، فَبِمَا أَنَّهُ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي مُعَاوَضَةٌ وَفِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تُقْطَعُ الْمُنَازَعَةُ بِالْخَلَاصِ مِنْ الْيَمِينِ، فَتَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْعَقَارِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ عِوَضًا عَنْ حَقِّهِ فِي زَعْمِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِهِ فَيُعَامَلُ بِزَعْمِهِ، (الْهِدَايَةُ) .
أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ الصُّلْحُ مِنْ بَعْضِ الْمُدَّعَى بِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ آخِذًا عَيْنَ حَقِّهِ فِي زَعْمِهِ فَلَا شُفْعَةَ، (الْكِفَايَةُ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) أَمَّا الْعَقَارُ الْمُصَالَحُ عَنْهُ فَلَا تَجْرِي الشُّفْعَةُ، اُنْظُرْ الْمَوَادَّ، (٤٨ ٥ ١، ٤٩ ٥ ١، ١٥٥) لِأَنَّهُ إذَا صَالَحَ عَنْهَا بِإِنْكَارٍ بَقِيَتْ الدَّارُ فِي يَدِهِ، فَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهَا لَمْ تَزَلْ عَنْ مِلْكِهِ وَكَذَا إذَا صَالَحَ عَنْهَا سُكُوتٌ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ بَذَلَ الْمَالَ اقْتِدَاءً لِيَمِينِهِ وَقَطْعًا لِشَغَبِ خَصْمِهِ كَمَا أَنْكَرَ صَرِيحًا بِخِلَافِ مَا إذَا صَالَحَ عَنْهَا بِالْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَثْبُتُ بِدُونِ شَرْطِهِ فَلَا يَثْبُتُ مَعَ الشَّكِّ وُجُودُ شَرْطِهِ وَلَكِنَّ الشَّفِيعَ يَقُومُ مَقَامَ الْمُدَّعِي فِي إقَامَةِ الْحُجَّةِ فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الدَّارَ كَانَتْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَنَكَلَ فَلَهُ الشُّفْعَةُ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) .
الْأَحْكَامُ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَى ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ: إذَا ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ لِلشَّفِيعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، فَلِلشَّفِيعِ نَقْضُ جَمِيعِ تَصَرُّفَاتِ الْمُشْتَرِي. فَلَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي الْمَشْفُوعَ أَوْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ دَفَعَهُ أَوْ اتَّخَذَهُ مَقْبَرَةً أَوْ مَسْجِدًا وَسَمِعَ الشَّفِيعُ ذَلِكَ مُؤَخَّرًا فَلَهُ أَنْ يَضْبِطَهُ بِالشُّفْعَةِ وَيَنْقُضَ التَّصَرُّفَاتِ الْمَذْكُورَةَ، (الْبَهْجَةُ بِزِيَادَةٍ) .
بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ بَاعَ أَحَدٌ مِلْكَهُ الْعَقَارِيَّ مِنْ آخَرَ بِثَلَاثِمِائَةِ قِرْشٍ وَسَلَّمَهُ لَهُ وَبَاعَهُ هَذَا بِثَلَاثِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute