للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ دَارًا وَقَالَ لِلشَّفِيعِ اشْتَرَيْتُهَا لِنَفْسِي فَسَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ أَوْ سَكَتَ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِغَيْرِهِ فَلَا تَبْقَى الشُّفْعَةُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، (الْأَنْقِرْوِيُّ) وَلَوْ قَالَ سَلَّمْتُهَا إنْ كُنْتُ اشْتَرَيْتُ لِأَجْلِ نَفْسِي فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ لِغَيْرِهِ فَلَا تَبْقَى الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ، وَالْإِسْقَاطُ يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ) .

٤ - مِقْدَارُ الْمَبِيعِ: لَوْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ بِنَاءً عَلَى اسْتِخْبَارِ أَنَّ مَا بِيعَ هُوَ نِصْفُ الْعَقَارِ فَقَطْ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَهِمَ أَنَّهُ قَدْ بِيعَ كُلُّ الْعَقَارِ فَتَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلشَّفِيعِ فِي كُلِّ الْمَبِيعِ وَلَيْسَ فِي الْبَاقِي فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ أَخْذُ الْكُلِّ مِنْ حَقِّ الشَّفِيعِ، وَهُوَ إنَّمَا سَلَّمَ بِالنِّصْفِ، وَالْكُلُّ غَيْرُ النِّصْفِ، فَإِسْقَاطُ النِّصْفِ لَيْسَ إسْقَاطًا لِلْكُلِّ. وَكَذَلِكَ تَسْلِيمُ الشَّفِيعِ الشُّفْعَةَ نَاشِئٌ عَنْ خَوْفِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ أَمَّا بَيْعُ الْكُلِّ فَلَيْسَ فِيهِ شَرِكَةٌ. وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَسْتَقِيمُ فِي الْجَارِ دُونَ الشَّرِيكِ، وَالْأَوَّلُ يَسْتَقِيمُ فِيهِمَا، (أَبُو السُّعُودِ) .

أَمَّا الْحُكْمُ فِي عَكْسِهِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ يَعْنِي لَوْ سَلَّمَ الشُّفْعَةَ بِنَاءً عَلَى اسْتِمَاعِهِ بَيْعَ الْعَقَارِ بِتَمَامِهِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَهِمَ أَنَّ الْمَبِيعَ هُوَ نِصْفُهُ فَلَا تَكُونُ لَهُ شُفْعَةٌ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، (الْهِدَايَةُ) ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ فِي الْكُلِّ تَسْلِيمٌ فِي أَبْعَاضِهِ؛ لِأَنَّ رَغْبَةَ النَّاسِ فِي الْكُلِّ عَادَةً أَكْثَرُ مِنْ رَغْبَتِهِمْ فِي الْأَشْقَاصِ لِخُلُوِّ الْجَمَلِ عَنْ التَّشْقِيصِ فَإِذَا لَمْ يَرْغَبْ فِيهِ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَرْغَبَ فِي التَّشْقِيصِ، (أَبُو السُّعُودِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .

وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ ثَمَنُ الْكُلِّ بِأَنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ اشْتَرَى الْكُلَّ بِأَلْفٍ فَسَلَّمَ ثُمَّ أَظْهَرَ أَنَّهُ اشْتَرَى النِّصْفَ بِالْأَلْفِ، أَمَّا إذَا أَخْبَرَ أَنَّهُ اشْتَرَى الْكُلَّ بِأَلْفٍ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ اشْتَرَى النِّصْفَ بِخَمْسِمِائَةٍ فَإِنَّهُ عَلَى شُفْعَتِهِ، (الْجَوْهَرَةُ) .

كَذَلِكَ لَوْ زَادَ الْبَائِعُ مَالًا عَلَى الْمَبِيعِ بَعْدَ تَسْلِيمِ الشَّفِيعِ الشُّفْعَةَ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلشَّفِيعِ وَإِنْ كَانَ هَذَا الْمَالُ مَنْقُولًا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا كَانَ الشَّيْءُ الْمَزِيدُ مَنْقُولًا فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ الْعَقَارِ فَقَطْ مِنْ الثَّمَنِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ)

التَّقْسِيمُ الْأَوَّلُ لِتَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ: مُبْطِلَاتُ الشُّفْعَةِ بَعْدَ ثُبُوتِهَا قِسْمَانِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ اخْتِيَارِيٌّ. وَالْقِسْمُ الثَّانِي ضَرُورِيٌّ الِاخْتِيَارَاتُ نَوْعَانِ:

النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الصَّرِيحُ وَمَا تَجْرِي مَجْرَاهُ. كَأَبْطَلْت شُفْعَتِي أَوْ أَسْقَطْتُهَا أَوْ أَبْرَأْتُكَ مِنْ الشُّفْعَةِ أَوْ سَلَّمْتُكَ الشُّفْعَةَ وَمَا إلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ، وَلَوْ قَالَ أَجْنَبِيٌّ لِلشَّفِيعِ سَلِّمْ الشُّفْعَةَ لِلْمُشْتَرِي فَقَالَ سَلِّمْهَا لَكَ أَوْ وَهَبْتُهَا وَأَعْرَضْتُ عَنْهَا كَانَ تَسْلِيمًا فِي الِاسْتِحْسَانِ؛ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ إذَا خَاطَبَهُ لِزَيْدٍ فَقَالَ سَلَّمْتُهَا لَكَ فَكَأَنَّهُ قَالَ سَلَّمْتُهَا لَهُ مِنْ أَجْلِكَ، فَإِنْ قَالَ الشَّفِيعُ لَمَّا خَاطَبَهُ الْأَجْنَبِيُّ قَدْ سَلَّمْتُ لَكَ شُفْعَةَ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ وَهَبْتُ لَكَ شُفْعَتَهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ، (الْجَوْهَرَةُ) .

كَذَا لَوْ سَمِعَ الشَّفِيعُ عَقْدَ الْبَيْعِ وَقَالَ هُوَ مُنَاسِبٌ، يَسْقُطُ حَقُّ الشُّفْعَةِ، وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ طَلَبُ الشُّفْعَةِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (١ ٥) . وَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْمِثَالِ " إذَا سَمِعَ عَقْدَ الْبَيْعِ " لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ وَالْجَهْلَ مُتَسَاوِيَانِ فِي الْإِسْقَاطِ الصَّرِيحِ، بِخِلَافِ الْإِسْقَاطِ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ ثَمَّةَ إلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْبَيْعِ، (الْهِنْدِيَّةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>