الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: لَوْ كَانَ أَحَدٌ وَكِيلًا بِالدَّرْكِ فِي الْبَيْعِ، فَلَا تَكُونُ لَهُ شُفْعَةٌ فِي ذَلِكَ الْبَيْعِ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ، (٦٣٨) ؛ لِأَنَّهُ بِضَمَانِهِ لَهُ الدَّرْكَ ضَمِنَ لَهُ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ الدَّارُ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِتَرْكِهِ الشُّفْعَةَ، وَفِي أَخْذِهِ بِهَا إبْطَالُ ذَلِكَ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: لَوْ عَقَدَ الْبَيْعَ عَلَى أَنَّ الشَّفِيعَ كَفِيلٌ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ عَلَى وَجْهِ الْمَادَّةِ، (١٨٧) وَكَانَ الشَّفِيعُ حَاضِرًا وَكَفَلَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ تَمَّ مِنْ جِهَةِ الشَّفِيعِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ لِشَخْصٍ ثَالِثٍ، وَنَفَّذَ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ الْبَيْعَ وَأَسْقَطَ الْخِيَارَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، إلَّا أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَدَى تَنْفِيذِ الْبَيْعِ، (قَدْ أَمْضَيْتُ الْبَيْعَ لِكَوْنِي أَخَذْتُ الْمَبِيعَ بِالشُّفْعَةِ) فَلَا يَكُونُ مُسْقِطًا لِشُفْعَتِهِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الشُّفْعَةِ) .
جَاءَ فِي مِثَالِ الْمَجَلَّةِ الْأَخِيرَةِ " إذَا كَانَ وَكِيلًا لِلْبَيْعِ " لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ. فَلَوْ وَكَّلَ الْمُشْتَرِي لِاشْتِرَاءِ عَقَارِ شَفِيعِهِ، وَالشَّفِيعُ الْمُشْتَرِي اشْتَرَاهُ بِالْوَكَالَةِ أَيْضًا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَحْصُلُ لِلْمُوَكِّلِ بِعَقْدِ الْبَيْعِ، وَالشُّفْعَةُ تَهَبُ بَعْدَهُ فَلَا تَبْطُلُ إلَّا بِتَسْلِيمٍ أَوْ سُكُوتٍ وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا؛ وَلِأَنَّ أَخْذَهُ بِالشُّفْعَةِ تَتْمِيمٌ لِلْعَقْدِ فَلِهَذَا صَحَّتْ لَهُ، فَإِذَا قُلْتَ كَيْفَ يَقْضِي بِهَا؟ قُلْتُ: إنْ كَانَ الْأَمْرُ حَاضِرًا قَضَى لَهُ بِالشُّفْعَةِ عَلَى الْآمِرِ، وَيُؤْمَرُ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ الشَّفِيعُ، بِقَبْضِهَا لِنَفْسِهِ، وَعُهْدَتُهُ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ الْآمِرُ غَائِبًا قَبَضَهَا أَوَّلًا لِلْآمِرِ وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ، (الْجَوْهَرَةُ) . كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ عَقَارًا فَصَارَ رَبُّ الْمَالِ لِذَلِكَ الْعَقَارِ شَفِيعًا، بِسَبَبِ عَقَارٍ آخَرَ، كَانَ لِرَبِّ الْمَالِ حَقُّ الشُّفْعَةِ وَالْحُكْمُ وَاحِدٌ سَوَاءٌ أَكَانَ الشِّرَاءُ مِنْ الْأَصِيلِ أَمْ مِنْ الْوَكِيلِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ)
٧ - بَعْدَ الْبَيْعِ: أَمَّا التَّسْلِيمُ قَبْلَ الْبَيْعِ فَلَا يُسْقِطُ الشُّفْعَةَ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الشُّفْعَةِ يَكُونُ بَعْدَ وُجُودِ الْبَيْعِ وَبِمَا أَنَّ الشُّفْعَةَ قَبْلَ الْبَيْعِ مَعْدُومَةٌ، فَالتَّسْلِيمُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . وَفِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ نَظِيرُ هَذَا، فَلَوْ أَسْقَطَ الْمُشْتَرِي خِيَارَهُ قَبْلَ رُؤْيَةِ الْمَبِيعِ فَلَا يَسْقُطُ أَمَّا بَعْدَ الْبَيْعِ فَالتَّسْلِيمُ صَحِيحٌ، سَوَاءٌ أَعَلِمَ الشَّفِيعُ بِوُجُوبِ الشُّفْعَةِ أَمْ لَمْ يَعْلَمْ وَسَوَاءٌ أَعَلِمَ الْمَسْقَطُ إلَيْهِ هَذَا الْحَقَّ أَمْ لَمْ يَعْلَمْ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ) ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ الشُّفْعَةِ إسْقَاطُ حَقٍّ وَلِهَذَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ وَلَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ، وَاسِقَاطُ الْحَقِّ يَعْتَمِدُ عَلَى وُجُوبِ الْحَقِّ دُونَ عِلْمِ الْمُسْقَطِ إلَيْهِ، كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَإِذَا وَهَبَ لِرَجُلٍ دَارًا عَلَى عِوَضِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَقَبَضَ أَحَدَ الْعِوَضَيْنِ دُونَ الْآخَرِ، ثُمَّ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ فَهُوَ بَاطِلٌ، حَتَّى إذَا قَبَضَ الْعِوَضَ الْآخَرَ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ قَبْلَ الْوُجُوبِ، (الطَّحْطَاوِيُّ) .
٨ - الْإِبْرَاءُ: لَوْ أَبْرَأَ الشَّفِيعُ بَعْدَ الْبَيْعِ الْمُشْتَرِيَ مِنْ حَقِّ الشُّفْعَةِ سَقَطَ حَقُّ الشُّفْعَةِ. وَهَذَا الْإِبْرَاءُ لَيْسَ بِمَوْقُوفٍ عَلَى قَبُولِ الْمُشْتَرِي كَمَا لَا يُرَدُّ بِرَدِّهِ، (أَبُو السُّعُودِ) . وَالْإِبْرَاءُ كَمَا يَكُونُ حَقِيقَةً يَكُونُ مَجَازًا، وَالْإِبْرَاءُ مِنْ الشُّفْعَةِ مَجَازًا هُوَ بَيْعُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ إجْرَاءُ صُلْحٍ عَلَى مَالٍ مَعَ الْمُشْتَرِي عَنْ حَقِّ الشُّفْعَةِ فَلَوْ بَاعَ الشَّفِيعُ حَقَّ شُفْعَتِهِ لِلْمُشْتَرِي بِكَذَا دِرْهَمًا وَأَخَذَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute