وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِالْبَيْعِ.
الثَّانِي: وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُعْطِي الشَّفِيعُ الثَّمَنَ الْمُسَمَّى، أَيْ الثَّمَنَ الْمُسَمَّى فِي الْبَيْعِ الثَّانِي.
كَذَلِكَ لَوْ أَخْرَجَ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا الْمَبِيعَ مِنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مَا كَأَنْ يَهَبَهُ لِآخَرَ أَوْ يَجْعَلَهُ مَهْرًا فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَنْقُضَ تِلْكَ التَّصَرُّفَاتِ وَيَأْخُذَ الْمَبِيعَ بِقِيمَتِهِ، (أَبُو السُّعُودِ) .
تَنْبِيهَانِ التَّنْبِيهُ الْأَوَّلُ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ الَّذِي لَا تَجْرِي فِيهِ الشُّفْعَةُ تَنْبِيهَانِ:
التَّنْبِيهُ الْأَوَّلُ - الْبَيْعُ الْفَاسِدُ الَّذِي لَا تَجْرِي فِيهِ الشُّفْعَةُ هُوَ الْبَيْعُ الَّذِي يَنْعَقِدُ فَاسِدًا ابْتِدَاءً. أَمَّا فِي الْبَيْعِ الَّذِي يَكُونُ فَاسِدًا بَعْدَ أَنْ يَنْعَقِدَ صَحِيحًا ابْتِدَاءً فَتَجْرِي الشُّفْعَةُ فِيهِ مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى غَيْرُ مُسْلِمٍ عَقَارًا مِنْ آخَرَ غَيْرِ مُسْلِمٍ فِي مُقَابِلِ خَمْرٍ ثُمَّ أَسْلَمَ الِاثْنَانِ قَبْلَ التَّقَابُضِ، أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا لَكِنْ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلشَّفِيعِ، (أَبُو السُّعُودِ) .
تَنْبِيهَانِ:
التَّنْبِيهُ الثَّانِي - إنَّ الْعَقَارَ الَّذِي بِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا، كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ، لَا يَكُونُ مَشْفُوعًا، وَلَكِنْ يَكُونُ مَشْفُوعًا بِهِ أَحْيَانًا لِلْبَائِعِ وَأَحْيَانًا لِلْمُشْتَرِي. فَلَوْ بَاعَ أَحَدٌ عَقَارًا بَيْعًا فَاسِدًا وَقَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهُ لِلْمُشْتَرِي بِيعَ عَقَارٌ آخَرُ فِي جَانِبِهِ يَكُونُ الْبَائِعُ شَفِيعًا لِذَلِكَ الْعَقَارِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْبَائِعِ فِي الْمَشْفُوعِ لَهُ بَاقٍ. كَذَلِكَ لَوْ بِيعَ عَقَارٌ مُتَّصِلٌ بِالْعَقَارِ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَهُ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَكُونَ شَفِيعًا فِي الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْعَقَارِ الْمُشْتَرَى؛ لِأَنَّ الْمَشْفُوعَ بِهِ مِلْكٌ لِلْمُشْتَرِي، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ، (٣٧١) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ إقْرَارًا لِلْفَسَادِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حُكِمَ فِي هَذِهِ الْحَالِ بِالشُّفْعَةِ لِلْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ الْمِلْكِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ حَقِّ الْبَائِعِ فِي اسْتِرْدَادِ الْمَبِيعِ بِسَبَبِ فَسَادِ الْبَيْعِ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ يَبْقَى الْمِلْكُ الْمَشْفُوعُ الْمَذْكُورُ، كَمَا كَانَ، مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ بَيْعًا فَاسِدًا مَضْمُونٌ بِالْقَبْضِ كَالْمَغْصُوبِ أَمَّا لَوْ اسْتَرَدَّهُ الْبَائِعُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالشُّفْعَةِ فَتَبْطُلُ شُفْعَةُ الْمُشْتَرِي بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ، (٣٩٠١) ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ، أَبُو السُّعُودِ، الْهِدَايَةُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ مُخَيَّرًا وَحْدَهُ فَقَطْ فَتَجْرِي الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْمُشْتَرِي لَيْسَ مَانِعًا مِنْ زَوَالِ مِلْكِ الْبَائِعِ، وَفِي هَذِهِ الْحَالِ أَيْضًا يَزُولُ مِلْكُ الْبَائِعِ عَنْ الْمَبِيعِ بِالِاتِّفَاقِ. أَمَّا الشُّفْعَةُ فَتَكُونُ بِخُرُوجِ الْمَبِيعِ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ وَلَيْسَ بِدُخُولِهِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي. أَلَا تَرَى أَنَّهُ تَجْرِي الشُّفْعَةُ فِي الْعَقَارِ الَّذِي يَدَّعِي الْبَائِعُ أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْ زَيْدٍ وَيُنْكِرُ زَيْدٌ الشِّرَاءَ. وَالسَّبَبُ هُوَ أَنَّ الْبَائِعَ مُعْتَرِفٌ بِخُرُوجِ الْعَقَارِ مِنْ مِلْكِهِ، مَعَ أَنَّ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ زَيْدٍ لِإِنْكَارِهِ الشِّرَاءَ، (أَبُو السُّعُودِ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ، (٩٥٠) .
وَلَوْ ضَبَطَ الشَّفِيعُ الْعَقَارَ الْمَبِيعَ فِي مُدَّةِ خِيَارِ الْمُشْتَرِي بِالشُّفْعَةِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي بَعْدُ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ بِخِيَارِ الشَّرْطِ وَيَلْزَمُ الشَّفِيعَ وَلَا يَنْتَقِلُ خِيَارُ الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالشَّرْطِ. وَالشَّرْطُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي وَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ، (أَبُو السُّعُودِ) . وَإِذَا وَقَعَ الِاشْتِرَاءُ فِي مُقَابِلِ فَرَسٍ مُعَيَّنٍ وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي فَإِذَا أَخَذَ الشَّفِيعُ الْعَقَارَ بِالشُّفْعَةِ وَجَبَ الْبَيْعُ. وَإِذَا أَبْطَلَ الْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ خِيَارَهُ فَيُسَلِّمُ ذَلِكَ الْفَرَسِ لِلْبَائِعِ. وَإِذَا امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute