للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ أَسْقَطَ أَحَدُ الشُّفَعَاءِ حَقَّهُ قَبْلَ حُكْمِ الْحَاكِمِ، أَيْ حَقَّ شُفْعَتِهِ، فَلِلشَّفِيعِ الْآخَرِ، سَوَاءٌ أَكَانَ هَذَا الشَّفِيعُ فِي دَرَجَةِ الشَّفِيعِ الْمُسْقِطِ أَمْ دُونَهُ، أَنْ يَأْخُذَ تَمَامَ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ، أَيْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَشْفُوعَ كُلَّهُ أَوْ أَنْ يَتْرُكَهُ كُلَّهُ، وَلَيْسَ لَهُ، كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْمَادَّةِ، (١٠٤١) ، صَلَاحِيَّةٌ فِي أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ فَقَطْ وَيَتْرُكَ حِصَّةَ الْمُسْقِطِ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ) كَذَلِكَ إذَا كَانَ الشُّفَعَاءُ ثَلَاثَةً أَوْ أَكْثَرَ فَأَسْقَطَ أَحَدُهُمَا حَقَّهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ تُقَسَّمُ الشُّفْعَةُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِ الْبَاقِينَ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الشُّفَعَاءِ لَا يَتَقَرَّرُ قَبْلَ الْحُكْمِ، فَلَوْ تَرَكَ قَبْلُ تَقَرَّرَ مِلْكُهُ يَعْنِي لَوْ تَرَكَ أَحَدُ الشُّفَعَاءِ حِصَّتَهُ قَبْلَ دُخُولِهَا فِي مِلْكِهِ فِيمَا أَنَّهُ يُعَدُّ هَذَا التَّارِكُ فِي حُكْمِ الْعَدَمِ، فَيَأْخُذُ الْبَاقُونَ الْعَقَارَ الْمَشْفُوعَ تَمَامًا، مَثَلًا إذَا كَانَ لِعَقَارٍ شَفِيعَانِ، أَحَدُهُمَا حَاضِرٌ وَالْآخَرُ غَائِبٌ، فَاتَّخَذَ الْحَاضِرُ الشُّفْعَةَ فِي الْعَقَارِ، ثُمَّ اطَّلَعَ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فِي الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ فَتَرَكَهُ، فَلِلشَّفِيعِ الْغَائِبِ أَخْذُ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ كُلِّهِ بِالشُّفْعَةِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) مِثَالٌ لِلشَّفِيعِ الْآخَرِ الَّذِي يَكُونُ فِي دَرَجَةِ الْمُسْقِطِ: لَوْ بَاعَ أَحَدٌ ثَلَاثَةَ شُرَكَاءَ فِي عَقَارٍ شَائِعٍ حِصَّتَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ، وَأَسْقَطَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ حَقَّهُ فِي الشُّفْعَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ، فَلِلشَّرِيكِ الْآخَرِ أَخْذُ جَمِيعِ الْحِصَّةِ الْمَبِيعَةِ بِالشُّفْعَةِ. مِثَالٌ لِلشَّفِيعِ الَّذِي يَكُونُ دُونَ الشَّفِيعِ الْمُسْقِطِ: إذَا كَانَ لِعَقَارٍ شَفِيعَانِ، أَحَدُهُمَا شَرِيكٌ وَالثَّانِي جَارٌ مُلَاصِقٌ، وَأَسْقَطَ الشَّرِيكُ حَقَّهُ قَبْلَ الْحُكْمِ كَانَ لِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) .

وَإِذَا أَسْقَطَ أَحَدُ الشُّفَعَاءِ حَقَّهُ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ، فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ الْآخَرِ أَخْذُ حَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَدْ تَقَرَّرَ مِلْكُ كُلٍّ مِنْ الشُّفَعَاءِ فِي الْمَشْفُوعِ وَأَبْطَلَ حَقَّ الْآخَرِينَ فِيهِ وَأَسْقَطَ، فَلَا تَعُودُ حُقُوقُ الْآخَرِينَ السَّاقِطَةُ فِيهِ بِتَرْكِ أَحَدِهِمْ حَقَّهُ مُؤَخَّرًا، (فَتْحُ الْمُعِينِ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) .

سُؤَالٌ - يَمْلِكُ الشَّفِيعُ الْمَالَ الْمَشْفُوعَ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ، كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ (١٣٦٠) ، بِنَاءً عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ حَقٌّ فِي أَنْ يَقُولَ لَا آخُذَ الْمَشْفُوعَ، عَلَى مَا جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ، فَلَا يَقْصِدُ بِقَوْلِ، (حَقِّهِ) فِي الْمَتْنِ الْحِصَّةَ الْعَقَارِيَّةَ الَّتِي يَمْلِكُهَا الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ لَا تَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ، فَلَوْ كَانَ أَحَدٌ مَالِكًا لِدَارٍ وَقَالَ قَدْ أَسْقَطْت هَذِهِ الدَّارَ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ بَلْ تَبْقَى مِلْكًا لَهُ كَالْأَوَّلِ. وَإِنَّمَا يَزُولُ مِلْكُ ذَلِكَ الشَّخْصِ عَنْ تِلْكَ الدَّارِ بِتَمْلِيكِهِ إيَّاهَا بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ مَثَلًا، وَلَا يَقْصِدُ حَقَّ الشُّفْعَةِ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ، (حَقَّهُ) ؛ لِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ يَنْتَهِي بِلُحُوقِ الْحُكْمِ وَبَعْدَ ذَلِكَ لَا يَبْقَى حَقٌّ لِلشُّفْعَةِ. بِنَاءً عَلَيْهِ فَإِسْقَاطُ هَذَا الْحَقِّ إسْقَاطُ السَّاقِطِ أَلَا تَرَى لَوْ أَعْفَى وَلِيُّ الْقَتِيلِ الْقَاتِلَ مِنْ الْقِصَاصِ سَقَطَ عَنْهُ، أَمَّا لَوْ أَعْفَاهُ مِنْ بَعْدِ الْقِصَاصِ كَانَ الْعَفْوُ بَاطِلًا. وَقَدْ جَاءَ فِي الْهِنْدِيَّةِ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ: وَلَا يَصِحُّ تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ بَعْدَمَا أَخَذَ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ.

جَوَابٌ: الْمَقْصُودُ مِنْ قَوْلِهِ، (حَقَّهُ) الْحِصَّةُ الْعَقَارِيَّةُ الَّتِي أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْإِسْقَاطِ هُوَ التَّرْكُ أَيْضًا. يَعْنِي إذَا تَرَكَ الشَّفِيعُ بَعْدَ الْحُكْمِ الْعَقَارَ الْمَشْفُوعَ الْمَمْلُوكَ لَهُ حُكْمٌ، أَيْ إذَا رَدَّهُ لِلْمُشْتَرِي، بِخِيَارِ الْعَيْبِ مَثَلًا، فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ الْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ، أَيْ نَصِيبَهُ فِي الْعَقَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>