كَاخْتِلَاطِ الْحِنْطَةِ بِالشَّعِيرِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَقَدْ وَرَدَتْ تَفْصِيلَاتٌ مُتَعَلِّقَةٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٧٨٨) كَمَا إنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١٠٤٥) أَنَّ أَسْبَابَ التَّمَلُّكِ تَحْصُلُ عَلَى نَوْعَيْنِ.
مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَلَى حُصُولِ شَرِكَةِ الْمِلْكِ وَعَلَى عَدَمِ حُصُولِهَا:
إذَا حَصَلَتْ شَرِكَةُ الْمِلْكِ فَحُكْمُهَا، كَمَا ذَكَرَ فِي الْمَادَّةِ (١٠٤٥) عِبَارَةٌ عَنْ الِاشْتِرَاكِ بِالْمَخْلُوطِ وَاذَا تَلِفَ قِسْمٌ مِنْ ذَلِكَ الْمَخْلُوطِ فَخَسَارُ التَّالِفِ يَكُونُ عَلَى الشُّرَكَاءِ بِنِسْبَةِ مِلْكِهِمْ، كَمَا أَنَّ الْقِسْمَ الْبَاقِيَ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ بِنِسْبَةِ مِلْكِهِمْ، وَإِذَا لَمْ تَحْصُلْ شَرِكَةُ الْمِلْكِ فَخَسَارُ التَّالِفِ يَعُودُ عَلَى صَاحِبِهِ وَاَلَّذِي يَبْقَى مِنْهُ يَكُونُ مِلْكًا لِمَالِكِهِ الْأَصْلِيِّ.
إيضَاحُ الْقُيُودِ:
١ - قِيلَ (لَا يُمْكِنُ تَفْرِيقُهُ وَتَمَيُّزُهُ) لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَالُ الْمَخْلُوطُ قَابِلًا لِلتَّمَيُّزِ وَالتَّفْرِيقِ لَا تَحْصُلُ شَرِكَةُ الْمِلْكِ.
مَثَلًا: لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ ذَهَبَتَانِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ وَكَانَ لِلْآخَرِ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ كُلُّ قِطْعَةٍ بِدِينَارٍ وَخُلِطَتْ تِلْكَ الدَّنَانِيرُ بِبَعْضِهَا فَلَا تَحْصُلُ شَرِكَةُ الْمِلْكِ بَيْنَهُمَا فَلَوْ ضَاعَ دِينَارٌ مِنْ تِلْكَ الدَّنَانِيرِ فَيَكُونُ خَسَارُهُ عَائِدًا عَلَى صَاحِبِهِ كَمَا يُوَضَّحُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ.
٢ - خَلْطٌ، فَالْخَلْطُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْمِثَالِ الْآتِي عِبَارَةٌ عَنْ أَنْ يَخْلِطَ اثْنَانِ مَالَهُمَا بِالِاتِّفَاقِ أَوْ أَنْ يَخْلِطَهُ أَحَدُهُمَا بِإِذْنِ الْآخَرِ أَوْ يَخْلِطَهُ أَجْنَبِيٌّ بِإِذْنِهِمَا. فَلِذَلِكَ لَوْ خَلَطَ أَحَدُهُمَا الْمَالَ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ أَوْ خَلَطَهُ أَجْنَبِيٌّ بِدُونِ إذْنِهِمَا فَحُكْمُ ذَلِكَ حُكْمُ الْغَصْبِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ شَرْحِ الْمَادَّتَيْنِ (٧٨٨، ٧٩١) (الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالْخَلْطُ يَكُونُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ:
الْأَوَّلُ: أَنْ يَخْلِطَ الطَّرَفَانِ بِالِاتِّفَاقِ أَوْ يَخْلِطَ أَحَدُهُمَا بِإِذْنِ الْآخَرِ أَوْ يَخْلِطَ أَجْنَبِيٌّ بِإِذْنِهِمَا.
الثَّانِي: أَنْ يَخْلِطَ أَحَدُهُمَا الْمَالَ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَخْلِطَ أَجْنَبِيٌّ الْمَالَ بِدُونِ إذْنِهِمَا.
فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى تَحْصُلُ شَرِكَةُ الْمِلْكِ، وَأَمَّا فِي الصُّورَتَيْنِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ فَلَا تَحْصُلُ شَرِكَةُ الْمِلْكِ وَيَكُونُ الْمَخْلُوطُ مَالًا لِلْخَالِطِ وَيَضْمَنُ حِصَّةَ الْآخَرِ (الطَّحْطَاوِيُّ) .
٣ - كَوْنُ الشَّيْءِ، وَلَمْ يَقُلْ كَوْنُ الْعَيْنِ لِأَنَّهُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْمَادَّةِ (١٠٦٦) أَنَّ الشِّرْكَةَ الْمِلْكَ كَمَا تَكُونُ فِي الْعَيْنِ تَكُونُ فِي الدَّيْنِ أَيْضًا، وَقَدْ اُسْتُعْمِلَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ تَعْبِيرُ الْعَيْنِ إلَّا أَنَّ هَذَا الِاسْتِعْمَالَ هُوَ؛ لِأَنَّ شَرِكَةَ الْعَيْنِ غَالِبَةٌ أَوْ أَكْثَرُ أَوْ لِأَنَّ الْعَيْنَ الْمَقْصُودَةَ هُنَاكَ مُعَمَّمَةٌ عَلَى الْعَيْنِ حَالًا وَالْعَيْنُ مَالًا.
٤ - أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ، فَهَذَا التَّعْبِيرُ يَشْمَلُ الْمُتَشَارِكَيْنِ فِيمَا إذَا كَانَا اثْنَيْنِ كَمَا أَنَّهُ عَامٌّ يَشْمَلُ صُورَةً مَا إذَا كَانَ الشُّرَكَاءُ ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) . مَثَلًا: لَوْ اشْتَرَى اثْنَانِ أَوْ أَكْثَرُ مَالًا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ أَوْ بِعُقُودٍ مُتَعَدِّدَةٍ أَوْ وَهَبَهُمَا أَحَدٌ مَالًا أَوْ أَوْصَى بِهِ أَوْ