وَقَدْ بَيَّنَ فِي الْمَادَّةِ (١٠٧٥) أَنَّ الدَّارَ الْمُشْتَرَكَةَ تُعْتَبَرُ مِلْكًا خَاصًّا لِكُلِّ شَرِيكٍ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ فِي السُّكْنَى وتَوَابِعِهَا كَالدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ.
لَكِنْ إذَا أَدْخَلَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ أَجْنَبِيًّا إلَى تِلْكَ الدَّارِ فَلِلْآخَرِ مَنْعُهُ وَلَوْ كَانَ إدْخَالُ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ بِقَصْدِ الزِّيَارَةِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَدْخُلَ الدَّارَ الْمُشْتَرَكَةَ بِدُونِ إذْنِ جَمِيعِ الشُّرَكَاءِ؛ لِأَنَّ هَذَا الدُّخُولَ وَالْإِدْخَالَ هُوَ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ وَهُوَ مَمْنُوعٌ حَسْبَ الْمَادَّةِ (٩٦) (الْخَيْرِيَّةُ) حَتَّى إنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ إذَا أَذِنَ لَهُ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ وَلَمْ يَأْذَنْ الْآخَرُونَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٦٤) . أَمَّا إذَا أَذِنَ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ فَلَهُ الدُّخُولُ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٩٦) . فَلِذَلِكَ إذَا أَدْخَلَ الشَّرِيكُ أَجْنَبِيًّا فَلِلشَّرِيكِ الْآخَرِ مَنْعُهُ وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ أَخَوَيْنِ وَأُخْتَيْنِ فَإِذَا سَكَنَ الْأَخَوَانِ بِزَوْجَتَيْهِمَا تِلْكَ الدَّارَ فَلَيْسَ لِأُخْتَيْهِمَا أَنْ يَطْلُبَا السُّكْنَى فِي تِلْكَ الدَّارِ مَعَ زَوْجَيْهِمَا هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ زَوْجَاهُمَا غَيْرَ مَحْرَمَيْنِ لِأَخَوَيْهِمَا (الْأَنْقِرْوِيُّ وَالتَّنْقِيحُ) .
(الْمَادَّةُ ١٠٧١) - (يَجُوزُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَتَصَرَّفَ مُسْتَقِلًّا فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ بِإِذْنِ الْآخَرِ لَكِنْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ تَصَرُّفًا مُضِرًّا بِالشَّرِيكِ) أَيْ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي جَمِيعِ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ. وَهَذَا الْإِذْنُ عَلَى نَوْعَيْنِ:
النَّوْعُ الْأَوَّلُ - الْإِذْنُ صَرَاحَةً فَإِذَا أَذِنَ صَرَاحَةً فَلِلْمَأْذُونِ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِأَيِّ نَوْعٍ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي دَائِرَةِ الْإِذْنِ الَّذِي أُذِنَ لَهُ بِهِ مِنْ الشَّرِيكِ الْآذِنِ سَوَاءٌ كَانَ التَّصَرُّفُ مُضِرًّا أَوْ غَيْرَ مُضِرٍّ فَلِذَلِكَ لَهُ الْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ وَالْإِيدَاعُ وَالْإِعَارَةُ وَالْهِبَةُ وَالتَّسْلِيمُ وَالرَّهْنُ. مَثَلًا لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَبِيعَ الْمِلْكَ الْمُشْتَرَكَ لِآخَرَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (٢١٤ و ٢١٥) . وَأَنْ يُؤَجِّرَهُ وَيُودِعَهُ وَيُعِيرَهُ وَيَهَبَهُ وَيُسَلِّمَهُ لِآخَرَ وَيَكُونُ الْإِذْنُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَكَالَةً بِالْبَيْعِ أَوْ الْإِجَارَةِ أَوْ الْإِيدَاعِ أَوْ الْإِعَارَةِ أَوْ الْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ أَوْ الرَّهْنِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٤٥٢) وَلَهُ أَنْ يَهْدِمَهُ وَأَنْ يَبْنِيَ طَابَقًا فَوْقَهُ وَأَنْ يُعَمِّرَهُ. كَذَلِكَ لَوْ أَجَّرَ الشَّرِيكُ حِصَّتَهُ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ أَوْ أَعَارَهَا لَهُ فَلِلشَّرِيكِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَنْتَفِعَ مُسْتَقِلًّا بِذَلِكَ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ وَأَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (٤٢٩ و ٨١٢) . الْخُلَاصَةُ: لِلشَّرِيكِ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ التَّصَرُّفِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْمُضِرَّةِ وَغَيْرِ الْمُضِرَّةِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ الصَّرِيحِ.
النَّوْعُ الثَّانِي - الْإِذْنُ دَلَالَةً، وَهُوَ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْآتِيَةِ:
(أَوَّلًا) فِي السُّكْنَى وَتَوَابِعِهَا حَسْبَ الْمَادَّتَيْنِ (١٠٧٥ و ١٠٨٠) .
(ثَانِيًا) فِي تَحْمِيلِ الْحَيَوَانِ الْمُشْتَرَكِ وَفِي الْحَرْثِ عَلَيْهِ وَفِي اسْتِخْدَامِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ بِالْمَادَّةِ (١٠٨٠) .
(ثَالِثًا) فِي زِرَاعَةِ الْأَرْضِ حَسْبَ الْمَادَّةِ (١٠٨٥) .
لَكِنْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ تَصَرُّفًا مُضِرًّا بِالشَّرِيكِ بِالْإِذْنِ دَلَالَةً أَيْ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ إذْنٌ صَرِيحٌ مِنْ الشَّرِيكِ لِلتَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ تَصَرُّفًا مُضِرًّا وَرِضَاءً مِنْهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ ذَلِكَ التَّصَرُّفَ الْمُضِرَّ بِدَاعِي وُجُودِ إذْنِ الشَّرِيكِ دَلَالَةً وَرِضَاءً مِنْهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ حَرَامٌ مِنْ جِهَةِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ حَرَامٌ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ حَقِّ الْمَالِكِ فَإِذَا تَصَرَّفَ أَحَدٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute