صَفْقَةٌ، هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ ضَرْبِ الْيَدِ بِالْيَدِ حِينَ الْبَيْعِ، ثُمَّ أُطْلِقَتْ عَلَى نَفْسِ الْعَقْدِ، وَلِذَلِكَ فَقَدْ شُرِحَتْ عِبَارَةُ الصَّفْقَةِ الْوَاحِدَةِ بِالْعَقْدِ الْوَاحِدِ (كُلِّيَّاتُ أَبِي الْبَقَاءِ) .
٢ - مَالٌ وَاحِدٌ، وَقَوْلُ (وَاحِدٌ) لِلِاحْتِرَازِ مِنْ صُورَةِ كَوْنِ الْمَالِ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ. وَإِنْ يَكُنْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَالُ وَاحِدًا وَكَانَ اثْنَيْنِ مَثَلًا فَلَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ إلَّا أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ قَدْ بُيِّنَتْ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ.
٣ - إذَا بِيعَ، هَذَا التَّعْبِيرُ لَيْسَ بِاحْتِرَازِيٍّ فَلَوْ أَجَّرَ اثْنَانِ مَالَهُمَا الْمُشْتَرَكَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَبِصَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يُذْكَرْ وَلَمْ تُسَمَّ حِينَ الْبَيْعِ حِصَّةُ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَانَ بَدَلُ الْإِيجَارِ دَيْنًا مُشْتَرَكًا (الْبَهْجَةُ فِي الصُّلْحِ وَفَتْحُ الْمُعِينِ حَاشِيَةُ الْمَسْكَنِ) .
٤ - دَيْنًا مُشْتَرَكًا، وَهَذَا الِاشْتِرَاكُ يَكُونُ بِنِسْبَةِ الِاشْتِرَاكِ فِي الْمَبِيعِ، يَعْنِي إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُشْتَرَكًا مُنَاصَفَةً يَكُونُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مُشْتَرَكًا مُنَاصَفَةً، كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا مُثَالَثَةً فَيَكُونُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ أَيْضًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْ مُثَالَثَةً، إذَا جَرَتْ بَيْنَهُمَا مُقَاوَلَةٌ عَلَى تَقْسِيمِ الثَّمَنِ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَلَا حُكْمَ لَهَا.
وَالْخُلَاصَةُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لَأَنْ يَكُونَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ دَيْنًا مُشْتَرَكًا شَرْطَانِ:
أَوَّلًا - أَنْ تَكُونَ صَفْقَةُ الْبَيْعِ وَاحِدَةً.
ثَانِيًا - أَنْ لَا تُذْكَرَ وَلَا تُسَمَّى حِصَّةُ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ قَدْرًا أَوْ صِفَةً سَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ عَيْنًا مُشْتَرَكَةً كَمَا هُوَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَيْنَيْنِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِلْكٌ لِأَحَدِهِمَا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ (الدُّرَرُ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) وَأَمَّا إذَا فُرِّقَ وَمُيِّزَ حِينَ الْبَيْعِ مِقْدَارُ صِحَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ أَوْ نَوْعِهَا أَوْ عُيِّنَ وَصْفُهَا أَوْ عُيِّنَ وَسُمِّيَ مِقْدَارُهَا وَنَوْعُهَا وَوَصْفُهَا مَعًا كَأَنْ قِيلَ: إنَّ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا مِائَةُ دِرْهَمٍ وَحِصَّةَ الْآخَرِ كَذَا أَيْ تِسْعُونَ دِرْهَمًا وَعُيِّنَ الْمِقْدَارُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، أَوْ قِيلَ إنَّ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا مِنْ الثَّمَنِ مَسْكُوكَاتٌ خَالِصَةٌ وَحِصَّةَ الْآخَرِ مَسْكُوكَاتٌ مَغْشُوشَةٌ فَعُيِّنَ وَصْفُهَا، أَوْ قِيلَ إنَّ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا دِينَارٌ وَحِصَّةَ الْآخَرِ خَمْسَةُ رِيَالَاتٍ فَفُرِّقَتْ وَمُيِّزَتْ حِصَصُهُمَا جِنْسًا فَلَا يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَلَوْ أَخَذَا سَنَدًا وَاحِدًا وَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا دَائِنًا عَلَى حِدَةٍ وَلَا يُشَارِكُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِيمَا قَبَضَهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩٩ ٠ ١) لِأَنَّ تَفْرِيقَ التَّسْمِيَةِ فِي حَقِّ الْبَائِعِينَ كَتَفْرِيقِ صَفْقَةِ الْبَيْعِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ هُوَ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَقْبَلَ الْبَيْعَ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمَا وَأَنْ يَرُدَّهُ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ (الْفَيْضِيَّةُ وَالْعِنَايَةُ) قَدْ وَضَّحَ فِي الْمَادَّةِ (١٧٩) وَشَرْحِهَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَكَرَّرْ الْإِيجَابُ فَلَا تَتَعَدَّدُ صَفْقَةُ الْبَيْعِ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَلَوْ فَصَلَ الثَّمَنَ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ مُتَعَدِّدًا وَيَجِبُ أَنْ يَتَّحِدَ الْأَئِمَّةُ الْحَنَفِيَّةُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذْ لَيْسَتْ مَبْنِيَّةً عَلَى قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ لِأَنَّهُ قَدْ اُخْتِيرَ لِعَيْنِ الْمَسْأَلَةِ فِي مَوَادَّ مُخْتَلِفَةٍ مَذَاهِبُ مُخْتَلِفَةٌ، أَيْ أَنَّهُ قَدْ اُخْتِيرَ فِي الْمَادَّةِ (١٧٩) قَوْلُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَلِذَلِكَ لَا يُنَاسِبُ أَنْ يَخْتَارَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ مَذْهَبَ الْإِمَامَيْنِ، وَظَاهِرُ الْفَرْقِ هُوَ أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي الْمَادَّةِ (١٧٩) صُورَةَ مُجَرَّدِ تَفْصِيلِ الثَّمَنِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ تَفْرِيقَ الثَّمَنِ قَدْرًا أَوْ نَوْعًا أَوْ وَصْفًا وَقَدْ ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ الْمُحْتَرَزَ عَنْهُ فِي قَيْدِ (إذَا لَمْ يُذْكَرْ أَوْ تُسَمَّ حِصَّةُ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حِينَ الْبَيْعِ، كَمَا أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ الْمُحْتَرَزَ عَنْهُ فِي قَيْدِ صَفْقَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute