وَالْمُرَادُ مِنْ الثَّمَنِ الثَّمَنُ الْمُسَمَّى. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٥٣ ١) .
وَيُحْتَرَزُ بِتَعْبِيرِ (الثَّمَنِ) مِنْ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ فَلَيْسَ لِلْمُشَارِكِ الْآخَرِ أَنْ يَضْمَنَهَا وَتَكُونُ الزِّيَادَةُ وَالرِّبْحُ لِلْمُشْتَرِي كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ نَاقِصَةً فَالضَّرَرُ الْحَاصِلُ يَرْجِعُ عَلَى الشَّرِيكِ الْمُشْتَرِي. وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ أَنَّ الشَّرِيكَ الْمُصَالِحَ مُخَيَّرٌ فِي إعْطَاءِ بَدَلِ الصُّلْحِ أَوْ حِصَّةِ الشَّرِيكِ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ أَمَّا هُنَا فَلَا يَكُونُ مُخَيَّرًا فِي إعْطَاءِ الْمَالِ لِلْمُشْتَرِي أَوْ إعْطَاءِ حِصَّةِ الشَّرِيكِ. وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّ الْبَيْعَ مَبْنِيٌّ عَلَى السَّعْيِ وَالْإِقْدَامِ عَلَى الْمُمَاكَسَةِ وَالْمُضَايَقَةِ وَالْمُخَاصَمَةِ أَيْ يَكُونُ الشِّرَاءُ بِالْبَدَلِ الْكَامِلِ وَعَدَمِ الِاغْتِرَارِ فِيهِ، وَالْمُمَاكَسَةُ ضِدُّ الْمُسَاهَلَةِ أَمَّا الصُّلْحُ فَهُوَ مُؤَسَّسٌ عَلَى الْإِغْمَاضِ وَالْحَطِيطِ أَيْ عَلَى التَّنْزِيلِ وَلِذَلِكَ فَتَضْمِينُ حِصَّةِ الدَّيْنِ فِي الْبَيْعِ لَيْسَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الشَّرِيكِ الْمُشْتَرِي أَمَّا فِي الصُّلْحِ فَيُمْكِنُ حُصُولُ الضَّرَرِ عَلَيْهِ (أَبُو السُّعُودِ) . أَيْ أَنَّ الشَّرِيكَ الْمُصَالِحَ لَوْ أُلْزِمَ بِإِعْطَاءِ رُبْعِ الدَّيْنِ يَحْصُلُ ضَرَرٌ لَهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَبْنَى الصُّلْحِ هُوَ الْحَطُّ فَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ بَدَلِ الصُّلْحِ أَحْيَانًا بَالِغَةً رُبْعَ الدَّيْنِ فَقَطْ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ ضَمِنَ الشَّرِيكُ الْمُصَالِحُ رُبْعَ الدَّيْنِ يَبْطُلُ حَقُّهُ بِالْكُلِّيَّةِ فَلِذَلِكَ قَدْ جَعَلَ الشَّرِيكَ الْمُصَالِحَ مُخَيَّرًا فِي إعْطَاءِ رُبْعِ الدَّيْنِ أَوْ إعْطَاءِ بَدَلِ الصُّلْحِ حَتَّى لَا يَتَضَرَّرَ وَحَتَّى يَخْتَارَ الْجِهَةَ الَّتِي لَهُ فِيهَا مَنْفَعَةٌ (الْكِفَايَةُ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) .
مَثَلًا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ الْمُشْتَرَكُ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَاشْتَرَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ الْمَدِينِ مَالًا مُقَابِلَ خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَالدَّائِنُ الْآخَرُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الدَّائِنَ الْمُشْتَرِيَ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَالْخَمْسُمِائَةِ الدِّرْهَمِ الْبَاقِيَةُ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا، وَإِنْ شَاءَ طَلَبَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَدِينِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (٥ ٠ ١ ١) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَتَعْبِيرُ ((إذَا اشْتَرَى مَتَاعًا) الْوَارِدُ فِي الْمَجَلَّةِ احْتِرَازٌ مِنْ الزَّوَاجِ وَالْجِنَايَةِ عَلَى نَفْسِ الْمَدِينِ وَلْنُوَضِّحْ ذَلِكَ: الزَّوَاجُ، لَوْ كَانَ لِرَجُلَيْنِ عِشْرُونَ دِينَارًا فِي ذِمَّةِ امْرَأَةٍ فَتَزَوَّجَ أَحَدُهُمَا تِلْكَ الْمَرْأَةِ مُقَابِلَ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ الرُّجُوعُ عَلَى ذَلِكَ الشَّرِيكِ الْمُتَزَوِّجِ إلَّا أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ أَحَدُهُمَا تِلْكَ الْمَرْأَةَ بِتَسْمِيَةِ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ مَهْرًا لَهَا أَيْ لَمْ يُضِفْ الْعَقْدَ إلَى الدَّيْنِ الْمَطْلُوبِ مِنْ الْمَدِينِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَقَاصَصَ الدَّائِنُ بِالدَّيْنِ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ لِلْمَرْأَةِ مِنْ بَدَلِ الْمَهْرِ فَلِلشَّرِيكِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُتَزَوِّجِ، وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّهُ إذَا أُضِيفَ عَقْدُ النِّكَاحِ إلَى الدَّيْنِ فَيَتَعَلَّقُ النِّكَاحُ بِهِ وَيَسْقُطُ بِنَفْسِ الْقَبُولِ وَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْإِبْرَاءِ وَلَا رُجُوعَ فِي الْإِبْرَاءِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٠ ١ ١ ١) . أَمَّا إذَا لَمْ يُضِفْ عَقْدَ النِّكَاحِ إلَى الدَّيْنِ فَيَكُونُ الزَّوْجُ قَدْ اسْتَوْفَى حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ بِطَرِيقِ التَّقَاصِّ وَفِي حَالَةِ الِاسْتِيفَاءِ يَحِقُّ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ الرُّجُوعُ بِمُوجَبِ الْمَادَّةِ (١ ٠ ١ ١) (أَبُو السُّعُودِ) سَبَبُ تَضْمِينِ حِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِ الْمَتَاعِ هُوَ كَمَا وَضَّحَ آنِفًا لِأَنَّ الشَّرِيكَ الْمُشْتَرِيَ قَدْ اسْتَوْفَى وَقَبَضَ حِصَّتَهُ بِطَرِيقِ التَّقَاصِّ. وَلَكِنْ يَرِدُ هُنَا سُؤَالٌ هُوَ أَنَّهُ يَجِبُ عَدَمُ جَوَازِ التَّقَاصِّ مَا دَامَ تَقْسِيمُ الدَّيْنِ غَيْرَ جَائِزٍ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ بِالتَّقَاصِّ تَقْسِيمُ الدَّيْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ؟ . وَيُجَابُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ تَقْسِيمُ الدَّيْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ غَيْرَ جَائِزٍ قَصْدًا إلَّا أَنَّهُ جَائِزٌ ضِمْنًا وَالْقِسْمَةُ هُنَا قَدْ وَقَعَتْ ضِمْنَ الشِّرَاءِ وَالْمُصَالَحَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute