مَثَلًا لَوْ أَقْرَضَ اثْنَانِ الْخَمْسَمِائَةِ الدِّرْهَمِ الَّتِي يَمْلِكَانِهَا مُشْتَرَكًا لِآخَرَ مَعًا وَسَلَّمَاهَا إلَيْهِ ثُمَّ تَصَالَحَ أَحَدُهُمَا مَعَ الْمَدِينِ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ عَلَى مِقْدَارِ كَذَا مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ فَلِلشَّرِيكِ السَّاكِتِ أَنْ يَعْتَبِرَ الصُّلْحَ وَالْإِبْرَاءَ وَأَنْ يَأْخُذَ كَامِلَ حِصَّتِهِ مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ مِنْ الْمَدِينِ (الْفَيْضِيَّةُ) .
٣ - أَثْوَابُ قُمَاشٍ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الصُّلْحُ وَاقِعًا عَلَى خِلَافِ جِنْسِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى جِنْسِ الدَّيْنِ فَيَكُونُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ شَارَكَهُ فِي بَدَلِ الصُّلْحِ وَفِي هَذَا الْحَالِ يَبْقَى الْمَبْلَغُ الْبَاقِي فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ مُشْتَرَكًا كَمَا كَانَ وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْمَدِينِ وَلَا يَكُونُ الشَّرِيكُ الْمُصَالِحُ مُخَيَّرًا فِي ذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هِيَ بِمَنْزِلَةِ قَبْضِ بَعْضِ الدَّيْنِ وَيَجْرِي فِيهَا حُكْمُ الْمَادَّةِ ١ ٠ ١ ١) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) .
٤ - صُلْحٌ، وَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ الصُّلْحُ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ أَوْ عَنْ إنْكَارٍ فَكِلَاهُمَا مُتَسَاوٍ فِي الْحُكْمِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ فِي الصُّلْحِ) وَالْجَوَابُ عَلَى سُؤَالِ أَنَّ الصُّلْحَ عَنْ إقْرَارٍ هُوَ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ وَأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَجْرِيَ حُكْمُ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ، قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ، إنْ شَاءَ أَعْطَى شَرِيكَهُ مِقْدَارَ مَا أَصَابَ حِصَّتَهُ مِنْ الْأَثْوَابِ أَيْ مِنْ بَدَلِ الصُّلْحِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ غَيْرَ جَائِزٍ تَقْسِيمُ الدَّيْنِ الثَّابِتِ فِي الذِّمَّةِ فَيَكُونُ الصُّلْحُ وَاقِعًا عَلَى نِصْفِ الدَّيْنِ الْمُشَاعِ، وَبِمَا أَنَّ حَقَّ الشَّرِيكِ الْغَيْرِ الْمُصَالِحِ سَارَ عَلَى جُزْءٍ مِنْ الدَّيْنِ، مُتَعَلِّقٍ بِهِ فَلِذَلِكَ أَصْبَحَ الصُّلْحُ الْمَذْكُورُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الشَّرِيكِ الْغَيْرِ الْمُصَالِحِ وَأَخْذُ هَذَا الشَّرِيكِ نِصْفَ بَدَلِ الصُّلْحِ يَكُونُ دَلِيلًا عَلَى إجَازَتِهِ الصُّلْحَ وَقَدْ جَازَ (الدُّرَرُ) .
سُؤَالٌ - بِمَا أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى شَيْءٍ خِلَافِ جِنْسِ الْحَقِّ هُوَ مُعَاوَضَةٌ حَسَبِ مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (١٥٤٨ و ١٥٥٠) وَبِمَا أَنَّهُ فِي الْمُعَاوَضَةِ الْمَحْضَةِ لَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ حَقٌّ فِي الْمُدَاخَلَةِ فِي الْمَبِيعِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (٣ ١١) فَكَانَ مِنْ اللَّائِقِ أَنْ لَا يَكُونَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ حَقٌّ فِي بَدَلِ الصُّلْحِ؟ الْجَوَابُ - وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى خِلَافِ جِنْسِ الْحَقِّ شِرَاءٌ فِي الْحَقِيقَةِ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ إلَّا أَنَّهُ فِي بَعْضِهَا اسْتِيفَاءٌ لِعَيْنِ الْحَقِّ أَمَّا الْمُعَاوَضَةُ الْمَحْضَةُ فَلَيْسَ فِيهَا اسْتِيفَاءٌ لِبَعْضِ الْحَقِّ مُطْلَقًا أَلَا يُرَى أَنَّهُ إذَا صُودِقَ عَلَى عَدَمِ وُجُودِ الْعَيْبِ بَعْدَ الصُّلْحِ عَنْ الْعَيْبِ يَبْطُلُ الصُّلْحُ لِأَنَّ الصُّلْحَ اسْتِيفَاءٌ لِبَعْضِ الْحَقِّ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ الْحَقُّ لَا يَصِحُّ الِاسْتِيفَاءُ أَمَّا إذَا صُودِقَ بَعْدَ الشِّرَاءِ عَلَى عَدَمِ وُجُودِ الدَّيْنِ فَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ لِأَنَّ الشِّرَاءَ لَمْ يَكُنْ اسْتِيفَاءً لِبَعْضِ الْحَقِّ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ مَوْجُودًا وَجَبَ أَدَاءُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ (الْكِفَايَةُ) وَقَدْ مَرَّ ذِكْرُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٣ ٠ ١ ١) . وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ مِقْدَارَ حِصَّتِهِ مِنْ الْحَقِّ الَّذِي تَرَكَهُ بِسَبَبِ الصُّلْحِ لِأَنَّ حَقَّ الشَّرِيكِ الْغَيْرِ الْمُصَالِحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute