جِهَةُ الْمُبَادَلَةِ فِي الْقِيَمِيَّاتِ أَيْ فِي الْعَقَارِ وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ رَاجِحَةٌ عَنْ جِهَةِ الْإِفْرَازِ؛ لِأَنَّهُ يُوجَدُ تَفَاوُتٌ فِي أَبْعَاضِ الْقِيَمِيَّاتِ فَلَا تَحْصُلُ بَيْنَهُمَا مُعَادَلَةٌ تَامَّةٌ فَلِذَلِكَ لَا يُمْكِنُ جَعْلُ النَّصِيبِ الَّذِي يَأْخُذُهُ الشَّرِيكُ عِنْدَ التَّقْسِيمِ عَيْنَ حَقِّهِ يَقِينًا (الدُّرُّ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَأَبُو السُّعُودِ) ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ نِصْفُ هَذَا النَّصِيبِ هُوَ عَيْنُ حَقِّهِ إلَّا أَنَّهُ النِّصْفُ الْآخَرُ هُوَ بَدَلٌ لِحَقِّهِ الَّذِي بَقِيَ عِنْدَ شَرِيكِهِ وَهَذَا الْبَدَلُ لَمْ يَكُنْ عَيْنَ الْمُبْدَلِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ مِثْلَهُ، وَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَاَلَّذِي يَأْخُذُ هَذَا النِّصْفُ الْآخَرُ وَلَا يَكُونُ آخِذٌ عَيْنَ حَقِّهِ حَقِيقَةً كَمَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ آخِذٌ مِثْلَهُ (حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ) فَلَا يَكُونُ آخِذًا عَيْنَ حَقِّهِ صُورَةً أَيْضًا. وَعَلَى ذَلِكَ يَكُونُ قَدْ أَخَذَ تِلْكَ الْحِصَّةَ بَدَلًا وَعِوَضًا إلَّا أَنَّهُ لَا يُوجِبُ هَذَا الدَّلِيلُ رُجْحَانَ جِهَةِ الْمُبَادَلَةِ بَلْ يُوجِبُ تَسَاوِي الْمُبَادَلَةِ وَالْإِفْرَازِ وَذَلِكَ إذَا قُسِمَتْ الدَّارُ الْكَبِيرَةُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو إلَى قِسْمَيْنِ فَأَخَذَ زَيْدٌ الْقِسْمَ الْخَاصَّ بِالضِّيَافَةِ وَأَخَذَ عَمْرٌو الْقِسْمَ الْعَائِدَ لِلسَّكَنِ فَنِصْفُ الْقِسْمِ الَّذِي أَخَذَهُ زَيْدٌ الَّذِي هُوَ دَارُ الضُّيُوفِ هُوَ مِلْكُهُ فِي الْأَصْلِ وَلَمْ يَأْخُذْهُ مِنْ عَمْرٍو فَالتَّقْسِيمُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ هُوَ إفْرَازُ صَرْفٍ وَأَخْذٍ لِعَيْنِ الْحَقِّ وَلَا يُوجَدُ فِي ذَلِكَ مُبَادَلَةٌ مُطْلَقًا وَأَمَّا النِّصْفُ الْآخَرُ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ فَقَدْ كَانَ مَالًا لِعَمْرٍو فَجُعِلَ بَدَلًا لِلْقِسْمِ الَّذِي أَخَذَهُ عَمْرٌو وَحَصَلَ بِذَلِكَ مُبَادَلَةٌ بَيْنَ حِصَّتِهِ وَحِصَّةِ زَيْدٍ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ إفْرَازٌ مُطْلَقًا فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ كَيْفَ رُجِّحَتْ الْمُبَادَلَةُ عَلَى الْإِفْرَازِ فِي ذَلِكَ؟ ،.
كَذَلِكَ إنَّ نِصْفَ دَارِ الضُّيُوفِ الَّذِي أَخَذَهُ عَمْرٌو هُوَ مِلْكُ عَمْرٍو أَصْلًا وَلَا يُوجَدُ فِي ذَلِكَ مُبَادَلَةٌ مُطْلَقًا فَالْقِسْمَةُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ إفْرَازُ صَرْفٍ وَأَمَّا النِّصْفُ الْآخَرُ فَقَدْ كَانَ مِلْكَ زَيْدٍ وَجُعِلَ عِوَضًا عَنْ الْقِسْمِ الَّذِي تُرِكَ لِعَمْرٍو فَالْقِسْمَةُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ مُبَادَلَةٌ صِرْفَةٌ فَكَيْفَ رُجِّحَتْ هَذِهِ الْمُبَادَلَةُ عَلَى الْإِفْرَازِ؟ ،.
إنَّ جِهَةَ الْإِفْرَازِ ثَابِتَةٌ فِي الْمِثْلِيَّاتِ حَيْثُ إنَّ الْمَأْخُوذَ فِي الْقِسْمِ الْمُعَاوِضِ هُوَ عَيْنُ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ هُوَ عَيْنُ الْمُبْدَلِ مِنْهُ صُورَةً وَمَعْنًى أَيْضًا وَأَخْذُ الْمِثْلِ بِيَقِينٍ يُجْعَلُ كَأَخْذِ الْعَيْنِ حُكْمًا كَمَا فِي الْقُرُوضِ (الْفَتْحُ) فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَالْقِسْمَةُ فِي الْمِثْلِيَّاتِ قِسْمَةُ إفْرَازٍ صَرْفٍ وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ لَيْسَ فِيهَا مُبَادَلَةٌ مُطْلَقًا وَالْأَمْرُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي الْقِيَمِيَّاتِ، وَكَذَلِكَ فِي الْمِثْلِيَّاتِ يُوجَدُ مُبَادَلَةُ قِسْمٍ، إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ فِي هَذِهِ الْمُبَادَلَةِ مَعْنَى الْإِفْرَازِ أَمَّا فِي الْقِيَمِيَّاتِ فَلَا يُوجَدُ فِي الْقِسْمِ الَّذِي فِيهِ جِهَةُ مُبَادَلَةٍ مَعْنَى الْإِفْرَازِ، وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ التَّفْصِيلَاتِ أَنَّهُ لَوْ قِيلَ هُنَا: جِهَةُ الْمُبَادَلَةِ وَالْإِفْرَازِ سِيَّانِ فِي الْقِيَمِيَّاتِ، لَكَانَ ذَلِكَ خَالِيًا مِنْ الِاعْتِرَاضِ (فَتْحُ الْقَدِيرِ) .
قَدْ أَوْرَدْتُ الْأَسْئِلَةَ الْآتِيَةَ عَلَى رُجْحَانِ جِهَةِ الْمُبَادَلَةِ: السُّؤَالُ الْأَوَّلُ - لَوْ كَانَتْ جِهَةُ الْمُبَادَلَةِ رَاجِحَةً لَوَجَبَ أَنْ لَا يُجْبَرَ الشَّرِيكُ فِي الْأَمْوَالِ الْقِيَمِيَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ عَلَى الْقِسْمَةِ حَيْثُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُبَادَلَةِ تَرَاضِي الطَّرَفَيْنِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَبْرُ عَلَى الْقِسْمَةِ كَمَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (١١٣٠) .
الْجَوَابُ - بِمَا أَنَّهُ يَجُوزُ الْإِجْبَارُ مِنْ أَجْلِ حَقِّ الْغَيْرِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ الِاسْتِحْصَالُ عَلَيْهِ بِدُونِ الْجَبْرِ فَلِذَلِكَ جَازَ الْإِجْبَارُ عَلَى الْمُبَادَلَةِ وَلِذَلِكَ نَظِيرَانِ، أَوَّلُهُمَا: يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى تَسْلِيمِ الْمَشْفُوعِ مَعَ كَوْنِ التَّسْلِيمِ الْمَذْكُورِ مُعَاوَضَةً وَمُبَادَلَةً اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٠٣٧) .
ثَانِيهِمَا: يُجْبَرُ الْمَدِينُ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ لِإِيفَاءِ الدَّيْنِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْكِفَايَةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩٩٨) .
وَالْقِسْمَةُ أَيْضًا هِيَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute