جُوِّزَ هَذَا الْبَيْعُ بِالْإِجْمَاعِ. وَفِي (الْأَرْضِ) احْتِمَالَانِ: أَحَدُهُمَا: أَرْضُ الطَّرِيقِ بِأَنْ يَبِيعَ رَجُلٌ رَقَبَةَ أَرْضِهِ مَعَ حَقِّ الْمُرُورِ وَسَيَجِيءُ.
مِثَالُ ذَلِكَ: ثَانِيهِمَا أَرْضٌ غَيْرُ أَرْضِ الطَّرِيقِ بِأَنْ يَكُونَ لِرَجُلٍ بُسْتَانٌ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ إلَيْهِ مِنْ عَرْصَةِ آخَرَ فَيَبِيعُ ذَلِكَ الرَّجُلُ بُسْتَانَهُ مَعَ حَقِّ الْمُرُورِ الَّذِي لَهُ فِي أَرْضِ جَارِهِ فَبَيْعُ حَقِّ الْمُرُورِ تَبَعًا لِلْبُسْتَانِ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ وَالنَّصُّ الْوَارِدُ فِي الْمَجَلَّةِ يَشْمَلُ الِاحْتِمَالَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ إلَّا أَنَّ الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ هُوَ الْمُتَبَادَرُ فَالْأَوْلَى حَمْلُ النَّصِّ عَلَيْهِ فَيَكُونُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْأَرْضُ الَّتِي لَهَا حَقُّ الْمُرُورِ وَحَقُّ الْمَسِيلِ. أَمَّا إذَا بِيعَ حَقُّ الْمُرُورِ وَحَقُّ الشُّرْبِ أَوْ حَقُّ الْمَسِيلِ مَعَ غَيْرِ الْأَرْضِ الَّتِي لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ تَابِعًا لَهَا فَفِي جَوَازِ ذَلِكَ الْبَيْعِ خِلَافٌ سَيَجِيءُ ذِكْرُهُ.
تَوْضِيحُ الْقُيُودِ - قِيلَ فِي الْمَادَّةِ (تَبَعًا لِلْأَرْضِ) لِأَنَّهُ إذَا بِيعَ حَقُّ الْمُرُورِ مُسْتَقِلًّا فَالْبَيْعُ غَيْرُ جَائِزٍ عَلَى رِوَايَةٍ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْحُقُوقَ هِيَ مِنْ الْحُقُوقِ الْمُجَرَّدَةِ وَلِذَلِكَ عِبَارَةُ (تَبَعًا لِلْأَرْضِ) قَيْدٌ احْتِرَازِيٌّ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَعَلَى رِوَايَةٍ أُخْرَى بَيْعُ حَقِّ الْمُرُورِ مُسْتَقِلًّا جَائِزٌ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَحْرَزَتْ قَبُولَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ وَيُفْهَمُ مِنْ الْمَادَّةِ ١٧٨١ الَّتِي تَنُصُّ عَلَى إفْرَازِ حِصَّةٍ مِنْ الثَّمَنِ لِحَقِّ الْمُرُورِ وَحَقِّ الشُّرْبِ تَرْجِيحُهَا لِلرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ (فَتْحُ الْقَدِيرِ، رَدُّ الْمُحْتَارِ عَبْدُ الْحَلِيمِ، الْخَادِمِيُّ الدُّرَرُ الْغَرُّ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ) وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَا تَكُونُ عِبَارَةُ (تَبَعًا لِلْأَرْضِ) فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا إلَّا أَنَّ الْمَجَلَّةَ الَّتِي نَصَّتْ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ حَقِّ الْمُرُورِ، فَحَقُّ الشُّرْبِ وَحَقُّ الْمَسِيلِ مُنْفَرِدَةٌ حَسَبَ الرِّوَايَةِ الْمُفْتَى بِهَا تَكُونُ قَدْ أَفْتَتْ فُتْيَا مُخَالِفَةً فِي نَصِّهَا هَذَا لِحُكْمِ الْمَادَّةِ ١٦٨ ١.
أَمَّا بَيْعُ الْمَسِيلِ تَبَعًا لِلْأَرْضِ فَجَائِزٌ وَبَيْعُهُ مُنْفَرِدًا غَيْرُ جَائِزٍ بِالِاتِّفَاقِ وَقَدْ أَشَارَتْ إلَى ذَلِكَ الْمَادَّةُ ٦٨١١ وَفِي هَذِهِ الْمَادَّةِ الْإِيضَاحَاتُ الْكَافِيَةُ وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّ الْمُرُورِ أَنَّ حَقَّ الْمُرُورِ مَعْلُومٌ لِتَعَلُّقِهِ بِمَحِلٍّ مَعْلُومٍ وَهُوَ الطَّرِيقُ وَأَمَّا الْمَسِيلُ فَإِنْ كَانَ عَلَى السَّطْحِ فَنَظِيرُ حَقِّ التَّعَلِّي لَا يَجُوزُ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ حَقًّا مُتَعَلِّقًا بِمَا هُوَ مَالٌ بَلْ بِالْهَوَاءِ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْأَرْضِ وَهُوَ أَنْ يُسِيلَ الْمَاءَ عَنْ أَرْضِهِ كَيْ لَا يُفْسِدَهَا فَيَجُرَّهُ عَلَى أَرْضٍ لِغَيْرِهِ فَهُوَ مَجْهُولٌ لِجَهَالَةِ مَحِلِّهِ الَّذِي يَأْخُذُهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) قِيلَ فِي الْمَادَّةِ (حَقُّ الْمَسِيلِ) فَعَلَى هَذَا إذَا بَيَّنَ الْمَحِلَّ الَّذِي سَيَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ أَوْ صَارَ تَعْيِينُ الْحُدُودِ فِي أَرْضِ الْمَسِيلِ الَّذِي يَسِيلُ مِنْهَا النَّهْرُ وَغَيْرُهُ مِنْ اعْتِبَارِ حَقِّ التَّسْيِيلِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ، أَمَّا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمَحِلَّ الَّذِي سَيَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ وَبِيعَ الْمَسِيلِ فَالْبَيْعُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ.
أَمَّا بَيْعُ الْمَاءِ تَبَعًا لِبَيْعِ الْقَنَوَاتِ فَبِمَا أَنَّ حَقَّ الشُّرْبِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ ٤٣ ١ هُوَ النَّصِيبُ الْمُعَيَّنُ الْمَعْلُومُ مِنْ نَهْرٍ فَهُوَ أَيْضًا مَاءٌ فَإِذًا لَا فَرْقَ بَيْنَ حَقِّ الشُّرْبِ تَبَعًا لِلْأَرْضِ وَبَيْنَ الْمَاءِ تَبَعًا لِلْقَنَوَاتِ لَكِنْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ بَيْنَ مُتَعَلِّقِهِمَا؛ لِأَنَّ حَقَّ الشُّرْبِ مُتَعَلِّقٌ بِالْأَرْضِ وَالْمَاءَ مُتَعَلِّقٌ بِالْقَنَوَاتِ وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ بَاعَ إنْسَانٌ مَا يَجْرِي فِي قَنَاتِهِ مِنْ الْمَاءِ مَعَ قَنَوَاتِهِ مِنْ آخَرَ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ.
وَكَذَلِكَ بَيْعُ الطَّرِيقِ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى إذَا بَاعَ إنْسَانٌ مِنْ آخَرَ الطَّرِيقَ الَّتِي يَمْلِكُ رَقَبَتَهَا مُنْفَرِدَةً فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ فَإِذَا بَيَّنَ حِينَ الْعَقْدِ عَرْضَ الطَّرِيقِ فَهُوَ الْمِقْدَارُ الْمُعْتَبَرُ لِلطَّرِيقِ الْمَبِيعَةِ إذَا لَمْ يَبِعْ عَرْضَهَا حِينَئِذٍ فَعَرْضُ الطَّرِيقِ يَكُونُ عَرْضَ بَابِ دَارِ الْبَائِعِ الْخَارِجِيِّ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) لَكِنْ إذَا اتَّفَقَ أَصْحَابُ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ جَمِيعًا فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ بَيْعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute