النَّوْعُ الْأَوَّلُ - أَنْ يُقَسِّمَ الشُّرَكَاءُ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ بِالتَّرَاضِي بِمُبَاشَرَتِهِمْ التَّقْسِيمَ بِالذَّاتِ.
النَّوْعُ الثَّانِي - أَنْ يُرَاجِعَ الشُّرَكَاءُ الْقَاضِيَ وَأَنْ يُقَسِّمَهُ الْقَاضِي بِرِضَائِهِمْ جَمِيعًا.
وَقَدْ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ قِسْمَةِ الرِّضَاءِ فِي الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ الْمَبْحُوثِ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ، إلَّا أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ وَعَدَمِ جَوَازِ قِسْمَةِ الرِّضَاءِ فِي النَّوْعِ الثَّانِي مِنْهَا فَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ بِجَوَازِ قِسْمَةِ الرِّضَاءِ فِي هَذَا النَّوْعِ أَيْضًا الْكَنْزُ وَالطُّورِيُّ.
وَأَمَّا عِنْدَ بَعْضِهِمْ فَلَا تَجْرِي قِسْمَةُ الرِّضَاءِ فِي النَّوْعِ الثَّانِي أَيْ أَنَّهُ لَوْ رَضِيَ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ وَطَلَبُوا مِنْ الْقَاضِي الْقِسْمَةَ فَلَا يُقَسِّمُهُ الْقَاضِي لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَشْتَغِلُ بِالْأَمْرِ الْغَيْرِ الْمُفِيدِ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ مُوجِبًا لِأَضْرَارِ النَّاسِ وَإِضَاعَةِ الْمَالِ وَتَفْوِيتِ الْمَنْفَعَةِ؛ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ وَلِذَلِكَ لَا يُبَاشِرُ تِلْكَ الْقِسْمَةِ وَلَوْ طَلَبَ ذَلِكَ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ وَبِمَا أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الَّذِي يَتَصَدَّى لِإِتْلَافِ مَالِهِ مِنْ الْإِتْلَافِ بِحُكْمِ الْقَاضِي فَإِذَا اتَّفَقَ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ عَلَى التَّقْسِيمِ بِالذَّاتِ وَقَسَّمُوا فَلَا يَمْنَعُهُمْ الْقَاضِي مِنْ التَّقْسِيمِ (الطُّورِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَفِقْرَةُ الْمَجَلَّةِ السَّالِفَةُ الذِّكْرِ لَا تُعَيِّنُ وَلَا تُخَصِّصُ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ.
وَكَذَلِكَ الْحَمَّامُ وَالْبِئْرُ وَالْحَوْضُ وَلَوْ كَانَ عَشَرًا فِي عَشَرٍ وَالْقَنَاةُ وَالشُّرْبُ سَوَاءٌ مَعَ الْأَرْضِ أَوْ بِلَا أَرْضٍ وَالْغُرْفَةُ الصَّغِيرَةُ وَالْحَائِطُ بَيْنَ الدَّارَيْنِ أَيْضًا كَذَلِكَ. أَيْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُقَسِّمُ ذَلِكَ جَبْرًا حَتَّى أَنَّ الْبِئْرَ وَالْقَنَاةَ لَوْ كَانَتَا ضِمْنَ الْعَرْصَةِ الْقَابِلَةِ لِلْقِسْمَةِ فَتُقَسَّمُ الْعَرْصَةُ عَلَى حِدَةٍ وَتُتْرَكُ الْبِئْرُ وَالْقَنَاةُ مُشْتَرَكَتَيْنِ وَكَذَلِكَ الْقَنَاةُ وَالشُّرْبُ الْمُجَرَّدُ أَيْ بِلَا أَرْضٍ لَا يُقَسَّمَانِ. وَإِذَا كَانَتْ الْقَنَاةُ مَعَ الْأَرْضِ فَتُقْسَمُ الْأَرْضُ عَلَى حِدَةٍ وَتُتْرَكُ الْقَنَاةُ وَالشُّرْبُ مُشْتَرِكَيْنِ الطُّورِيُّ.
وَلِلشُّرَكَاءِ أَنْ يَقْتَسِمُوا ذَلِكَ بِرِضَائِهِمْ كَأَنْ يَقْتَسِمُوا الْحَمَّامَ وَالْغُرْفَةَ الصَّغِيرَةَ بِاِتِّخَاذِ الْحَمَّامِ مَخْزَنًا وَقَدْ ذُكِرَ آنِفًا أَنَّ الْحَمَّامَ يَكُونُ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ بَعْضًا كَمَا أَنَّ مَعْصَرَةَ الزَّيْتِ إذَا كَانَتْ مُشْتَرِكَةً مُنَاصَفَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ وَكَانَ لَهَا عُودَانِ وَمَطْبَخَانِ وَبِئْرَانِ وَكَانَ مِنْ الْمُمَكَّنِ قِسْمَتُهَا بِلَا ضَرَرٍ فَهِيَ قَابِلَةٌ لِلْقِسْمَةِ (الْحَامِدِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَالْعُرُوضُ الْمُحْتَاجَةُ لِلْقَطْعِ وَالْكَسْرِ كَحَيَوَانٍ وَاحِدٍ وَمَرْكَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَسَرْجٍ وَاحِدٍ وَقَوْسٍ وَاحِدَةٍ وَبُنْدُقِيَّةٍ وَاحِدَةٍ وَجُبَّةٍ وَاحِدَةٍ وَحُلَّةٍ وَاحِدَةٍ وَحَجَرِ خَاتَمٍ وَاحِدٍ وَكُلِّ عُرُوضٍ يُوجِبُ تَقْسِيمُهَا ضَرَرًا هِيَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَلَا تَجْرِي فِي أَيْ وَاحِدَةٍ مِنْهَا قِسْمَةُ قَضَاءٍ إذْ لَوْ قُسِّمَتْ حُلَّةٌ وَاحِدَةٌ فَيَحْصُلُ هَذَا التَّقْسِيمُ بِإِتْلَافِ جُزْءٍ مِنْهَا وَهُوَ ضَرَرٌ أَمَّا إذَا اتَّفَقَ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ عَلَى تَقْسِيمِهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَيَصِحُّ مَثَلًا لَوْ كَانَتْ حُلَّةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَاقْتَسَمَاهَا بِالرِّضَاءِ فَشَقَّاهَا طُولًا أَوْ عَرْضًا وَكُلٌّ مِنْهُمَا أَخَذَ قِسْمًا مِنْهَا فَهُوَ جَائِزٌ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ الرُّجُوعُ عَنْ هَذِهِ الْقِسْمَةِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالطُّورِيُّ) .
وَمَعْنَى قَوْلِ الْمَجَلَّةِ (حَيَوَانٌ وَاحِدٌ وَمَرْكَبَةٌ وَاحِدَةٌ) أَنَّهُ لَا يُقَسَّمُ الْحَيَوَانُ الْوَاحِدُ وَالْمَرْكَبَةُ الْوَاحِدَةُ إلَى قِسْمَيْنِ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ عَدَمَ جَوَازِ إعْطَاءِ حَيَوَانٍ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَإِعْطَاءِ الْآخَرِ مُقَابِلَ ذَلِكَ مَرْكَبَةً لِأَنَّ هَذَا الْمَعْنَى الثَّانِي قَدْ مَرَّ ذِكْرُهُ فِي الْمَادَّةِ (١١٣٥) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute