للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - لِلْمُسْتَأْجَرَيْنِ إجْرَاءُ الْمُهَايَأَةِ فِي الْمَأْجُورِ وَذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَ اثْنَانِ دَارًا بِالِاشْتِرَاكِ وَكَانَتْ غَيْرَ قَابِلَةٍ لِسُكْنَاهُمَا مَعًا فَلَهُمَا الْمُهَايَأَةُ بِالتَّرَاضِي وَلَكِنْ لَا تَكُونُ هَذِهِ الْمُهَايَأَةُ لَازِمَةً وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُهَا وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ (التَّنْقِيحُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَكَذَلِكَ تَصِحُّ الْمُهَايَأَةُ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمَالِكِ وَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ حِصَّةً شَائِعَةً مِنْ عَقَارٍ (أَيْ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ أَوَّلًا جَمِيعَ الدَّارِ ثُمَّ فَسَخَ الْإِجَارَةَ فِي النِّصْفِ الْعَائِدِ إلَى الشَّرِيكِ فَبَقِيَتْ الْإِجَارَةُ شَائِعَةً) وَتَهَايَأَ الْمُسْتَأْجِرُ مَعَ الْمَالِكِ فَالْمُهَايَأَةُ صَحِيحَةٌ إلَّا أَنَّهَا غَيْرُ جَائِزَةٍ قَضَاءً إذْ أَنَّ الْمُهَايَأَةَ الْمَذْكُورَةَ غَيْرُ لَازِمَةٍ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهَا وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ (التَّنْقِيحُ بِزِيَادَةٍ) . قَدْ بَيَّنَ فِي الْمَادَّةِ (٤٣٠) أَنَّهُ تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ رِضَاءً بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِينَ وَالْمَالِكِ، وَلَكِنْ هَلْ تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْآتِيَتَيْنِ بِحُكْمِ الْقَاضِي؟ ١ - هَلْ تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ بَيْنَ الْمَالِكِ وَالْمُسْتَأْجِرِ بِحُكْمِ الْقَاضِي.

مَثَلًا: إذَا أَجَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الدُّكَّانَ الصَّغِيرَةَ الْمُشْتَرَكَةَ الْغَيْرَ الْقَابِلَةِ لِلْقِسْمَةِ بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ لِأَجْنَبِيٍّ وَأَرَادَ الشَّرِيكُ الْغَيْرُ الْمُؤَجِّرِ اسْتِرْدَادَ حِصَّتِهِ فَلَا يُمْكِنُ اسْتِرْدَادُ حِصَّتِهِ خَاصَّةً وَإِذَا اسْتَرَدَّ حِصَّتَهُ مَعَ حِصَّةِ شَرِيكِهِ الْمُؤَجِّرِ فَيُنْتِجُ ذَلِكَ تَسْلِيمَ حِصَّةِ الشَّرِيكِ الْمُؤَجِّرِ إلَى الْمُدَّعِي الشَّرِيكِ الْغَيْرِ الْمُؤَجِّرِ مِمَّا لَا يُوَافِقُ الْعَدَالَةُ وَيَخْلُ بِحَقِّ تَصَرُّفِهِ فِي حِصَّتِهِ الْمَشْرُوعَةِ. ٢ - هَلْ تَجْرِي الْمُهَايَأَةُ قَضَاءً بَيْنَ مُسْتَأْجِرَيْنِ اثْنَيْنِ وَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ اثْنَانِ دُكَّانًا وَلَمْ يَتَّفِقَا عَلَى الِانْتِفَاعِ بِهَا فَإِذَا سُدَّتْ الدُّكَّانُ يَتَضَرَّرُ كِلَاهُمَا وَإِذَا أَذِنَ لِأَحَدِهِمَا بِالِانْتِفَاعِ وَحَرَّمَ الْآخَرُ فَيَكُونُ قَدْ أَضَرَّ وَظَلَمَ ذَلِكَ الْآخَرَ. إنَّ مُفْتِيَ دِمِشْقَ الْأَسْبَقَ مَحْمُودُ حَمْزَةَ أَفَنِدِّي - عَلَيْهِ رَحْمَةُ الْبَارِّي - الَّذِي تَدُلُّ تَآلِيفُهُ النَّفِيسَةُ الْفِقْهِيَّةُ عَلَى تَبَحُّرِهِ فِي عِلْمِ الْفِقْهِ قَدْ ذَكَرَ فِي رِسَالَتِهِ الْمُسَمَّاةِ (كَشْفُ الْمَسْتُورِ عَنْ صِحَّةِ الْمُهَايَأَةِ فِي الْمَأْجُورِ) جَوَازَ الْمُهَايَأَةِ قَضَاءً بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِينَ وَأَوْرَدَ مَسَائِلَ عَدِيدَةً مِنْ كَلَامِ الْفُقَهَاءِ دَلِيلًا عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ: تَجْرِي الْمُهَايَأَةُ جَبْرًا فِي الْمَأْجُورِ لِأَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّ مُهَايَأَةَ الْمُسْتَأْجِرِينَ صَحِيحَةٌ إلَّا أَنَّهَا غَيْرُ لَازِمَةٍ وَلَكِنْ إذَا كَانَ الْمَأْجُورُ غَيْرَ مُسَاعِدٍ لِانْتِفَاعِ الْمُسْتَأْجِرِينَ وَطَلَبَ أَحَدُهُمَا الْمُهَايَأَةَ أَثْنَاءَ انْتِفَاعِ الْآخَرِ فَيُقْبَلُ طَلَبُهُ وَيُجْبَرُ عَلَى قِسْمَةِ الْمَنَافِعِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُجْبَرُ فِيهَا عَلَى قِسْمَةِ الْأَعْيَانِ وَفِي الْأَحْوَالِ الَّتِي لَا يُجْبَرُ فِيهَا عَلَى الْقِسْمَةِ فِي الْأَعْيَانِ لَا يُجْبَرُ عَلَى قِسْمَةِ الْمَنَافِعِ بَلْ تَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَاءِ الشُّرَكَاءِ. وَقَدْ جَعَلَ السَّائِحَانِيُّ الْمُهَايَأَةَ فِي الْمَأْجُورِ مُسَاوِيَةً لِلْمُهَايَأَةِ فِي الْمِلْكِ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.

وَإِيضَاحَاتُ الْفِقْهِ الْمَذْكُورِ جَدِيرَةٌ بِالْقَبُولِ، فَعَلَى ذَلِكَ إذَا كَانَ حَانُوتٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَجَّرَ أَحَدُهُمَا جَمِيعَ الْحَانُوتِ الْمَذْكُورِ لِأَجْنَبِيِّ وَفَسَخَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ الْإِجَارَةَ فِي حِصَّتِهِ وَطَلَبَ اسْتِرْدَادَهَا فَبِمَا أَنَّ هَذَا الِاسْتِرْدَادَ مُبْطِلٌ لِحَقِّ الشَّرِيكِ الْمُؤَجِّرِ فَأَصْبَحَ غَيْرَ قَابِلِ الْإِنْفَاذِ فَيَجِبُ قَطْعُ النِّزَاعِ بِإِجْرَاءِ الْمُهَايَأَةِ الْجَبْرِيَّةِ بَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ وَبَيْنَ هَذَا الْمُدَّعِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>