لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ إيجَارُ حِصَّتِهِ وَحْدَهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (٤٢٩ و ٤٣١) وَهَذِهِ الْمُهَايَأَةُ وَاقِعَةٌ عَلَى الِاسْتِغْلَالِ وَفِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ لِكُلِّ شَرِيكٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ تَأْجِيرُ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ كَامِلًا فِي نَوْبَتِهِ، أَمَّا إذَا كَانَ الشُّرَكَاءُ اثْنَيْنِ وَأَجَّرَا الْمِلْكَ الْمُشْتَرَكَ فِي نَوْبَتِهِمَا فَزَادَتْ غَلَّتُهُ أَيْ أُجْرَتُهُ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا تُقَسَّمُ تِلْكَ الزِّيَادَةُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ لِأَنَّ فُضْلَةَ غَلَّةِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي جَرَتْ الْمُهَايَأَةُ فِيهِ ابْتِدَاءً لِلِاسْتِغْلَالِ تَكُونُ مُشْتَرَكَةً كَمَا بُيِّنَ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ
(١١٨٦) وَهَذِهِ الْفِقْرَةُ فَرْعٌ لِتِلْكَ الْمَادَّةِ. مَثَلًا لَوْ كَانَ حَانُوتٌ مُشْتَرَكًا مُنَاصَفَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ وَجَرَتْ الْمُهَايَأَةُ فِيهِ عَلَى أَنْ يَسْتَغِلَّهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَنَةً وَاحِدَةً وَكَانَتْ أُجْرَتُهُ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَأُجْرَتُهُ فِي نَوْبَةِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ أَرْبَعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ فَتُقَسَّمُ الْأَلْفُ دِرْهَمٍ الزَّائِدَةُ مُنَاصَفَةً بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ.
إنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ مُفَصَّلَةٌ لِلْمَادَّةِ (١١٨٣) الْمَارَّةِ الذِّكْرِ.
الْمَادَّةُ (١١٨٥) - (كَمَا يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَرْبَابِ الْحِصَصِ بَعْدَ الْمُهَايَأَةِ زَمَانًا أَوْ مَكَانًا أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْعَقَارَ الْمُشْتَرَكَ فِي نَوْبَتِهِ أَوْ الْمُقَسَّمَ الَّذِي أَصَابَ حِصَّتَهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ ذَلِكَ إلَى آخَرَ وَيَأْخُذُ الْأُجْرَةَ بِنَفْسِهِ) .
تَقَعُ الْمُهَايَأَةُ أَحْيَانًا عَلَى الِاسْتِعْمَالِ فَلِذَلِكَ يَجُوزُ - فِي الْمُهَايَأَةِ الَّتِي تَقَعُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ - لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَرْبَابِ الْحِصَصِ بَعْدَ الْمُهَايَأَةِ زَمَانًا أَوْ مَكَانًا أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْعَقَارَ الْمُشْتَرَكَ فِي نَوْبَتِهِ أَيْ حَتَّى انْقِضَاءِ نَوْبَتِهِ أَوْ الْمُقَسَّمَ الَّذِي أَصَابَ حِصَّتَهُ بِالذَّاتِ كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ ذَلِكَ إلَى آخَرَ وَيَأْخُذُ الْأُجْرَةَ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُطَالِبَ بِحِصَّتِهِ مِنْ ذَلِكَ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) .
وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَنَّ لِلشَّرِيكِ الْإِيجَارُ فِي نَوْبَتِهِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ سَوَاءٌ شُرِطَ الْإِيجَارَ لِآخَرَ أَثْنَاءَ الْمُهَايَأَةِ أَوْ لَمْ يَشْرُطْ، لِأَنَّهُ مَا دَامَ أَنَّ الْمُهَايَأَةَ جَازَتْ عَلَى الِاسْتِغْلَالِ مُنْفَرِدًا فَيَجُوزُ الِاسْتِغْلَالُ تَبَعًا لِلْمُهَايَأَةِ عَلَى السُّكْنَى (الطُّورِيُّ) وَلِلشَّرِيكِ الْإِيجَارُ فِي الْمُهَايَأَةِ الَّتِي وَقَعَتْ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ سَوَاءٌ وَقَعَتْ الْمُهَايَأَةُ عَلَى دَارٍ أَوْ دَارَيْنِ حَيْثُ إنَّ الْمَنَافِعَ حَادِثَةٌ فِي مِلْكِهِ فَلَهُ الِاقْتِدَارُ عَلَى تَمْلِيكِ تِلْكَ الْمَنَافِعِ لِآخَرَ، وَعَدَمُ جَوَازِ تَأْجِيرِ الْمُسْتَعِيرِ الْعَارِيَّةَ مَعَ أَنَّ مَنَافِعَهَا عَائِدَةٌ لَهُ هُوَ لِأَنَّ لِلْمُعِيرِ اسْتِرْدَادُ الْعَارِيَّةِ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ وَلِعَدَمِ الْفَائِدَةِ مِنْ الْإِجَارَةِ لِلسَّبَبِ الْمَذْكُورِ (نَتَائِجُ الْأَفْكَارِ) إلَّا أَنَّهُ يَرِدُ عَلَى هَذَا الدَّلِيلِ السُّؤَالُ الْآتِي: وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (١١٩٠) جَوَازُ الِاسْتِرْدَادِ فِي الْمُهَايَأَةِ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَعَلَيْهِ فَكَيْفَ يَسْتَغِلُّ الشَّرِيكُ الْقِطْعَةَ الَّتِي أَصَابَتْهُ بِسَبَبِ أَنَّ الْمَنَافِعَ حَادِثَةٌ فِي مِلْكِهِ وَمَا الْفَائِدَةُ إذَا طَلَبَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْمُهَايَأَةِ الْقِسْمَةَ (فَتْحُ الْقَدِيرِ) .
مَثَلًا: إذَا أُجْرِيَتْ الْمُهَايَأَةُ الزَّمَانِيَّةُ فِي دَارِ عَلَى السُّكْنَى وَسَكَنَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِيهَا وَأَرَادَ الْآخَرُ إيجَارَ الدَّارِ فِي نَوْبَتِهِ لِآخَرَ فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ بِدَاعِي أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ وَقْتَ الْمُهَايَأَةِ الْإِيجَارَ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ قَوْلِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ وَقَدْ اخْتَارَتْهُ الْمَجَلَّةُ. عَلَى قَوْلٍ آخَرَ إذَا جَرَتْ الْمُهَايَأَةُ عَلَى السُّكْنَى وَلَمْ يُشْرَطْ الْإِيجَارَ فَلَا يُؤَجَّرُ (التَّتَارْخَانِيَّة فِي الْقِسْمَةِ وَالْمُهَايَأَةِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute