جَانِبِهِ كُلِّيًّا وَالِاكْتِفَاءَ بِسُتْرَةِ الْحَائِطِ الَّذِي فِي جِهَةِ جَارِهِ وَمَانَعَ الشَّرِيكُ فِي ذَلِكَ يُنْظَرُ: فَإِذَا أَقَرَّ الشَّرِيكَانِ بِأَنَّ جَمِيعَ الْحَائِطِ هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُحْدِثَ فِي الْحَائِطِ الْمَذْكُورِ أَيَّ شَيْءٍ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ، وَإِذَا كَانَ الشَّرِيكَانِ يُصَدَّقَانِ عَلَى أَنَّ كُلَّ قِسْمٍ مِنْ الْحَائِطِ هُوَ لِلشَّرِيكِ الَّذِي فِي جِهَتِهِ وَأَنَّهُ مَالِكٌ لَهُ اسْتِقْلَالًا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَعْمَلَ فِي قِسْمِهِ مِنْ الْحَائِطِ كَيْفَمَا يَشَاءُ (الْخَانِيَّةُ فِي الْحِيطَانِ) .
قَدْ ذُكِرَ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ قَصْرًا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ غُرْفَةٌ وَكَانَ حَائِطُ تِلْكَ الْغُرْفَةِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ صَاحِبِ الْغُرْفَةِ وَبَيْنَ جَارِهِ فَأَرَادَ صَاحِبُ الْغُرْفَةِ أَنْ يَبْنِيَ فَوْقَ غُرْفَتِهِ غُرْفَةً بِحَيْثُ لَا يَضَعُ شَيْئًا مِنْ جُذُوعِ الْبِنَاءِ عَلَى الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ فَلَيْسَ لِجَارِهِ مَنْعُهُ (الْخَانِيَّةُ) .
أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ جُذُوعٌ عَلَى الْحَائِطِ وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَبْنِيَ فِي عَرْصَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ مُسْتَقِلًّا غُرْفَةً وَأَرَادَ وَضْعَ جُذُوعٍ عَلَى ذَلِكَ الْحَائِطِ أَيْ تَرْكِيبَ رُءُوسِ الْجُذُوعِ عَلَى ذَلِكَ الْحَائِطِ فَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ مَنْعُهُ أَيْ لَيْسَ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَقُولَ لِشَرِيكِهِ: إنَّنِي سَوْفَ لَا أَضَعُ جُذُوعًا عَلَى الْحَائِطِ فَيَجِبُ عَلَيْكَ أَنْ لَا تَضَعَ أَنْتَ أَيْضًا جُذُوعَكَ: بَلْ يُجَابُ بِأَنْ ضَعْ أَنْتَ جُذُوعَكَ لِأَنَّ مَنْعَ الشَّرِيكِ شَرِيكَهُ مِنْ وَضْعِ الْجُذُوعِ عَلَى الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ هُوَ تَعْطِيلٌ لِمَنْفَعَةِ الْحَائِطِ (التَّنْقِيحُ وَالْبَهْجَةُ) .
أَمَّا إذَا كَانَ الْحَائِطُ الْمَذْكُورُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوِيَّةِ فَيَجِبُ أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي الْمَنْفَعَةِ أَيْضًا فَلِذَلِكَ بِمَا أَنَّ لِشَرِيكِهِ الْحَقَّ بِأَنْ يَضَعَ جُذُوعًا بِقَدْرِ مَا يَضَعُ شَرِيكُهُ جُذُوعًا فَلَهُ أَنْ يَضَعَ نِصْفَ الْعَدَدِ مِنْ الْجُذُوعِ الَّتِي يَتَحَمَّلُهَا الْحَائِطُ وَلَيْسَ لَهُ تَجَاوُزُ ذَلِكَ فَلَوْ وَضَعَ زِيَادَةً تُرْفَعُ.
مَثَلًا لَوْ كَانَ حَائِطٌ يَتَحَمَّلُ وَضْعَ عَشَرَةِ جُذُوعٍ فَوَضَعَ عَلَيْهِ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَشَرَةَ جُذُوعٍ فَيُؤْمَرُ بِرَفْعِ خَمْسَةٍ مِنْهَا وَلِلشَّرِيكِ أَنْ يَضَعَ خَمْسَةَ جُذُوعٍ أُخْرَى لِأَنَّ الْوَضْعَ الْمَذْكُورَ بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ هُوَ غَصْبٌ وَيَقْتَضِي رَفْعَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَوَادِّ (٥ ٠ ٩ و ٦ ٠ ٩ و ٧ ٩) .
كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْوَضْعُ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ فَهُوَ عَارِيَّةٌ وَالْعَارِيَّةُ غَيْرُ لَازِمَةٍ أَيْضًا وَيَجِبُ خَلْعُهَا أَيْضًا حَسْبَ الْمَادَّةِ (١ ٨٣) . (مُعِينُ الْحُكَّامِ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي والْخَانِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ فِي الشَّرِكَةِ) .
قَدْ بُحِثَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ عَنْ وَضْعِ الْجُذُوعِ حَدِيثًا أَمَّا إذَا كَانَتْ جُذُوعُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ قَدِيمَةً وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ جُذُوعٌ عَلَى الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ فَإِذَا كَانَ الْحَائِطُ مُتَحَمِّلًا بِأَنْ يَضَعَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ جُذُوعًا بِقَدْرِ جُذُوعِ الشَّرِيكِ وَكَانَ الشَّرِيكُ مُقِرًّا بِاشْتِرَاكِ الْحَائِطِ فَلِلشَّرِيكِ وَضْعُ الْجُذُوعِ (الْخَانِيَّةُ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَإِنْ كَانَ لَهُمَا عَلَى ذَلِكَ الْحَائِطِ جُذُوعٌ فِي الْأَصْلِ عَلَى قَدَمِ الْمُسَاوَاةِ وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا تَزْيِيدَ جُذُوعِهِ فَلِلْآخَرِ مَنْعُهُ.
قَدْ ذُكِرَ فِي الْفِقْرَةِ الْآنِفَةِ وَهِيَ (لَكِنْ إذَا أَرَادَ أَحَدُهُمَا وَضْعَ جُذُوعٍ لِبِنَاءِ غُرْفَةٍ فِي عَرْصَتِهِ إلَخْ) بِأَنَّ لَهُ حَقَّ وَضْعِ الْجُذُوعِ وَأَمَّا فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ فَلَا يَقْتَدِرُ عَلَى التَّصَرُّفِ. وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّ الْقِيَاسَ عَدَمُ تَصَرُّفِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ بِدُونِ إذْنِ الشَّرِيكِ بِأَيِّ تَصَرُّفٍ كَانَ، أَمَّا فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute