حَقُّ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ فَقَطْ، لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ كَنِيفًا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ بِرِضَاءِ جِيرَانِهِ فَلِجِيرَانِهِ مَنْعُهُ حَتَّى قَبْلَ الْإِتْمَامِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ضَرَرٌ فِي ذَلِكَ (أَبُو السُّعُودِ وَالْوَاقِعَاتُ الْأَنْقِرْوِيُّ فِي الْحِيطَانِ) . وَقَدْ أَشَارَتْ الْمَجَلَّةُ بِقَوْلِهَا (يُمْنَعُ) إلَى حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ فِي الْمَنْعِ مِنْ أَهْلِ الْمُرُورِ أَيْ مَا عَدَّا الصِّبْيَانِ وَالْمَحْجُورِينَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٦١٦) .
وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِ الْمُسْلِمِينَ وَالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ حَقُّ الْمَنْعِ وَلَوْ كَانَ مِنْ سُكَّانِ مَحَلَّةٍ أُخْرَى (مُنْلَا مِسْكِينٍ) لِأَنَّهُ حَسْبَ الْمَادَّتَيْنِ (٩٢٦ و ٩٣١) لِلْعَامَّةِ حَقُّ الْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ بِالذَّاتِ وَبِحَيَوَانَاتِهِمْ فَلِذَلِكَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ حَقُّ الْمَنْعِ وَالنَّقْضِ (الدُّرَرُ) كَمَا هُوَ فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ، وَبَعْدَ الْمَنْعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يُبَاحُ الْإِنْشَاءُ ثَانِيَةً (الطُّورِيُّ) . أَمَّا عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّ اسْتِمَاعَ مَنْعِ الْإِنْشَاءِ يُوجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْمُدَّعِي عَلَى ذَلِكَ الطَّرِيقِ مِثْلُ تِلْكَ الْأَبْنِيَةِ فَإِذَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْمَنْعَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ هَذَا الْمُدَّعِي يَقْصِدُ إزَالَةَ الضَّرَرِ عَنْ النَّاسِ لَبَدَأَ بِنَفْسِهِ فَمَا دَامَ أَنَّهُ لَمْ يُزِلْ الضَّرَرَ الَّذِي يَقْتَدِرُ عَلَى إزَالَتِهِ فَقَدْ ظَهَرَ تَعَنُّتُهُ (الطُّورِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ والشُّرُنْبُلاليُّ وَأَبُو السُّعُودِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٢٩ ٩) .
أَمَّا إذَا لَمْ يُمْنَعْ عَنْ بِنَاءِ ذَلِكَ قَبْلَ الْإِنْشَاءِ فَأَنْشَأَ ذَلِكَ وَأَتَمَّهُ وَكَانَ الْجِسْرُ الَّذِي أَنْشَأَهُ مُرْتَفِعًا يَمُرُّ مِنْهُ الْمَارَّةُ بِلَا مُزَاحِمٍ وَلَيْسَ عَلَى الْمَارَّةِ مِنْ ضَرَرٍ فَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ يُهْدَمُ أَيْضًا أَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَلَا يُهْدَمُ.
إنَّ هَذِهِ الْفِقْرَةَ لَا تُعَدُّ فَرْعًا لِلْمَادَّةِ (٥٥) لِأَنَّ إحْدَاثَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ غَيْرُ جَائِزٍ ابْتِدَاءً أَيْضًا كَمَا سَيُوَضَّحُ فِي الْآتِي:.
- مَثَلًا لَوْ أَنْشَأَ أَحَدٌ دَارًا وَأَخْرَجَ مِنْهَا بُرُوزًا عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَكَانَ لَا يُوجَدُ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الْمَارَّةِ فَلَيْسَ لِبَعْضِ النَّاسِ الِادِّعَاءُ بِطَلَبِ هَدْمِ ذَلِكَ الْبُرُوزِ بِدَاعِي أَنَّهُ عِنْدَ خُرُوجِ نِسَائِهِمْ إلَى الطَّرِيقِ تُرَى مِنْ النَّوَافِذِ (الْبَهْجَةُ وَالْخَانِيَّةُ وَالْهِنْدِيَّةُ) . وَلَكِنْ إذَا كَانَ مُضِرًّا فَيُهْدَمُ حَسْبَ حُكْمِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَلَوْ أَوْقَفَهُ صَاحِبُهُ فَلِذَلِكَ لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ مَنْزِلًا فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ ثُمَّ أَوْقَفَهُ فَإِذَا كَانَ مُضِرًّا بِالْمَارَّةِ فَيُقْلَعُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . فَعَلَى ذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ مِنْ الْعَامَّةِ بِطَلَبِ هَدْمِ وَرَفْعِ الْأَبْنِيَةِ الَّتِي أُنْشِئَتْ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ الْوَاجِبِ هَدَمُهَا وَتَصَالَحَ الْمُدَّعِي مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالصُّلْحُ غَيْرُ جَائِزٍ وَلِلْمُدَّعِي الْمَصَالِحِ وَلِغَيْرِهِ حَقُّ طَلَبِ الْهَدْمِ وَالْمُخَاصَمَةِ (الْخَانِيَّةُ) لِأَنَّ الطَّرِيقَ الْعَامَّ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْعَامَّةِ وَلَيْسَ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ فِي الشَّرِكَةِ الْعَامَّةِ حَقُّ الِاعْتِيَاضِ بَلْ لَهُ بِطَرِيقِ الْحِسْبَةِ حَقُّ الرَّفْعِ وَالْمَنْعِ.
وَقَدْ أُشِيرَ شَرْحًا بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الطَّرِيقِ هُنَا هُوَ الطَّرِيقُ الْعَامُّ أَمَّا الطَّرِيقُ الْخَاصُّ فَهُوَ مِلْكٌ مُشْتَرَكٌ وَلَا يَحْدُثُ فِيهِ أَشْيَاءُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ بِدُونِ إذْنِ بَاقِي الشُّرَكَاءِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُضِرَّةً أَوْ غَيْرَ مُضِرَّةٍ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (٢٢٠ ١) .
كَذَلِكَ قَدْ قُيِّدَ فِي الشَّرْحِ بِأَنَّهُ لَا تُنْشَأُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّ الْأَمْرِ فَإِذَا وُجِدَ أَمْرٌ مِنْ وَلِيِّ الْأَمْرِ بِإِنْشَائِهَا فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ الْمُمَانَعَةُ بِإِنْشَائِهَا قَبْلَ الْإِنْشَاءِ كَمَا أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْمُنَازَعَةُ بِطَلَبِ هَدْمِهَا بَعْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute