بِالسَّقْيِ وَبِتَجَاوُزِ الْكَرْيِ أَرَاضِيَهُ يَحْصُلُ هَذَا الْمَقْصِدُ وَلَيْسَ لَهُ فِي كَرْيِ وَإِصْلَاحِ مَا بَعْدَ ذَلِكَ فَائِدَةٌ فَلِذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَئُونَةِ الَّتِي تُصْرَفُ بَعْدَ ذَلِكَ.
سُؤَالٌ - إنَّ هَذَا الشَّرِيكَ مُحْتَاجٌ لِكَرْيِ النَّهْرِ فِي الْقِسْمِ الْأَسْفَلِ مِنْ أَرْضِهِ لِتَصْرِيفِ الْمَاءِ الزَّائِدِ؟
الْجَوَابُ - بِمَا أَنَّهُ يُمْكِنُهُ سَدُّ فَمِ النَّهْرِ مِنْ الْأَعْلَى فَهُوَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ لِذَلِكَ وَعَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ إلْزَامُهُ بِدَفْعِ مَئُونَةِ الْقِسْمِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّهْرِ.
وَخَلَاصُ الشَّرِيكِ مِنْ الْمَئُونَةِ بَعْدَ الْمُرُورِ مِنْ أَرْضِهِ هُوَ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ الْمُفْتَى بِهِ وَقَدْ اخْتَارَتْهُ الْمَجَلَّةُ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَجَمِيعُ الشُّرَكَاءِ مُتَشَارِكُونَ فِي مَئُونَةِ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ مِنْ أَعْلَاهُ إلَى أَسْفَلِهِ لِأَنَّ الشَّرِيكَ الَّذِي فِي الْأَعْلَى مَجْبُورٌ عَلَى تَصْرِيفِ مِيَاهِهِ لِلْأَسْفَلِ وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ صَاحِبَ الْحِصَّةِ الْأُولَى يَتَخَلَّصُ مِنْ الْمَئُونَةِ بَعْدَ الْمُرُورِ وَالتَّجَاوُزِ عَنْ حِصَّتِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ الِانْتِفَاعُ بِسَقْيِ أَرَاضِيهِ وَبِحَقِّ الشِّرْبِ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ مِنْ الْكَرْيِ لِأَنَّهُ تَحْصُلُ تُهْمَةٌ بِأَنَّ حَقَّ الشِّرْبِ مُنْحَصِرٌ فِيهِ وَأَنْ لَيْسَ لِلشُّرَكَاءِ الْآخَرِينَ حِصَّةٌ فِي ذَلِكَ فَيَجِبُ مَنْعُهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ نَفْيًا لِهَذِهِ التُّهْمَةِ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ الْآخَرِينَ بِأَنَّ لَهُ حَقَّ السَّقْيِ وَالِانْتِفَاعِ قَبْلَ الْفَرَاغِ وَبِمَا أَنَّ هَذِهِ التُّهْمَةَ لَا تَسْلُبُ حَقًّا فَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ الثَّانِي هُوَ الرَّاجِحُ وَهَكَذَا يُنْزَلُ إلَى أَسْفَلِ النَّهْرِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ أَيْ يَتَخَلَّصُ مِنْ الْمَئُونَةِ بَعْدَ ذَلِكَ الثَّانِي ثُمَّ الثَّالِثُ ثُمَّ الرَّابِعُ لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالْغُنْمِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٨٧) يَعْنِي أَنَّ جَمِيعَ أَصْحَابِ الْحِصَصِ يَسْتَفِيدُونَ مِنْ كَرْيِ الْجَدْوَلِ الَّذِي يَمُرُّ مِنْ أَرَاضِي الشَّرِيكِ الْوَاقِعَةِ أَرَاضِيهِ فِي أَعْلَى النَّهْرِ فَلِذَلِكَ يَضْمَنُونَ وَيَغْرَمُونَ مَئُونَةَ الْكَرْيِ، وَإِذَا مَرَّ مِنْ أَرَاضِي الشَّرِيكِ الْوَاقِعَةِ أَرَاضِيهِ فِي الْأَعْلَى فَلَا يَبْقَى لَهُ انْتِفَاعٌ وَاغْتِنَامٌ فِي الْجِهَةِ السُّفْلَى مِنْ النَّهْرِ وَلِذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَغْرَمَ شَيْئًا مِنْ الْمَئُونَةِ وَتَلْزَمُ الْمَئُونَةُ غَيْرَهُ وَيُسَارُ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ إلَى الْآخَرِ.
وَسَبَبُ قَوْلِهِ " فَعِنْدَ الْمُرُورِ وَالتَّجَاوُزِ مِنْ أَرَاضِيهِ " وَقَوْلِهِ مِنْ الْمِثَالِ الْآتِي " إلَى مُنْتَهَى أَرَاضِيهِ، هُوَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فَمُ جَدْوَلِ الشَّرِيكِ الَّذِي فِي الْأَعْلَى فِي مُنْتَصَفِ أَرَاضِيهِ مَثَلًا فَلَا يَبْرَأُ مِنْ الْمَئُونَةِ بِتَجَاوُزِ الْكَرْيِ فَمَ جَدْوَلِهِ بَلْ يَكُونُ شَرِيكًا فِي الْمَئُونَةِ إلَى مُنْتَهَى أَرَاضِيهِ لِأَنَّ لِهَذَا الشَّرِيكِ أَنْ يَتَّخِذَ فَمًا لِجَدْوَلِهِ فِي الْأَعْلَى أَوْ الْأَسْفَلِ إلَّا أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مَخْصُوصٌ بِالنَّهْرِ الْخَاصِّ أَمَّا إذَا كَانَ النَّهْرُ نَهْرًا عَامًّا فَإِذَا وَصَلَ الْكَرْيُ إلَى فَمِ نَهْرِ قَرْيَةٍ فَيَخْلُصُ أَهَالِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ مِنْ مَئُونَةِ الْكَرْيِ مَثَلًا إذَا لَزِمَ كَرْيُ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ عَشَرَةِ أَشْخَاصٍ فَمَصَارِفُ أَعْلَى حِصَّةِ شَرِيكٍ إلَى نِهَايَةِ أَرَاضِيهَا تُقْسَمُ عَلَى جَمِيعِهِمْ، وَبِمَا أَنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَبْقَى لِلشَّرِيكِ الَّذِي فِي أَعْلَى النَّهْرِ مَنْفَعَةٌ فِي أَرَاضِيهِ فَيَبْرَأُ وَمَا بَعْدَهَا مِنْ الْمَصَارِفِ فَعَلَى التِّسْعَةِ، وَإِذَا مُرَّ عَنْ أَرَاضِي الثَّانِي فَيَبْرَأُ هُوَ أَيْضًا وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْمُصْرَفِ يَكُونُ عَلَى الثَّمَانِيَةِ، وَإِذَا مُرَّ عَنْ أَرَاضِي الثَّالِثِ فَيَكُونُ الْمُصْرَفُ عَلَى السَّبْعَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute