للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - الْمُسَاوَاةُ فِي التَّصَرُّفِ يَعْنِي أَنْ يَكُونَ كُلُّ شَرِيكٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ مُقْتَدِرًا عَلَى جَمِيعِ مَا يَقْتَدِرُ عَلَيْهِ الشَّرِيكُ الْآخَرُ مِنْ الْعَمَلِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ مُسَاوَاةٌ فِي التَّصَرُّفِ بِالشَّرِكَةِ بِأَنْ لَا يَقْدِرَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ بِمَا يَتَصَرَّفُ بِهِ الْآخَرُ فَتَفُوتَ الْمُسَاوَاةُ بَيْنهمَا الْمَشْرُوطُ وُجُودُهَا فِي الْمُفَاوَضَةِ (الْبَحْرُ) فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ عَقْدُ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ بَيْنَ الصَّبِيِّ وَالْبَالِغِ لِأَنَّ الْبَالِغَ مُقْتَدِرٌ عَلَى التَّصَرُّفِ بِنَفْسِهِ أَمَّا الصَّبِيُّ فَغَيْرُ مُقْتَدِرٍ عَلَى التَّصَرُّفِ بِنَفْسِهِ بَلْ مَوْقُوفٌ تَصَرُّفُهُ عَلَى إذْنِ وَلِيِّهِ كَمَا أَنَّ الْبَالِغَ أَهْلٌ لِلْكَفَالَةِ وَالصَّبِيَّ غَيْرُ أَهْلٍ لَهَا (الزَّيْلَعِيّ وَالْبَحْرُ) .

وَالْحَالُ أَنَّ فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ مُقْتَدِرًا عَلَى شِرَاءِ الشَّيْءِ الَّذِي اشْتَرَاهُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ لِأَنَّ الشَّرِيكَ الْآخَرَ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَكِيلٌ لِشَرِيكِهِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِالْبَائِعِ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَيَجُوزُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ عَقْدُ الْمُفَاوَضَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَغَيْرِ الْمُسْلِمِ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ مُسَاوَاةٌ بَيْنَ تَصَرُّفِهِمْ وَذَلِكَ لِأَنَّ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِ شِرَاءَ الْخُمُورِ وَالْخَنَازِيرِ وَلَيْسَ لِلْمُسْلِمِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ أَنْ يَكُونَ الشَّرِيكَانِ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْوَكَالَةِ وَالْكَفَالَةِ فَإِذَا مَلَكَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ حَقًّا بِزِيَادَةِ التَّصَرُّفِ فَلَا أَهَمِّيَّةَ لَهُ.

كَمَا أَنَّهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَالْحَنَفِيِّ يَجُوزُ عَقْدُ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ عَلَى مَتْرُوكِ الْقِسْمَةِ عَمْدًا مَعَ تَفَاوُتِهِ فِي التَّصَرُّفِ (الْبَحْرُ) وَالْمَقْصُودُ مِنْ التَّسَاوِي فِي التَّصَرُّفِ أَنْ يَكُونَ الشَّرِيكَانِ مُقْتَدِرَيْنِ عَلَى جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ وَلَيْسَ أَنْ يَكُونَ عَدَدُ بَيْعِ وَشِرَاءِ أَحَدِهِمَا مُسَاوِيًا لِعَدَدِ بَيْعِ وَشِرَاءِ الْآخَرِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَيْعُ وَشِرَاءُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ عَدَدًا مِنْ الْآخَرِ.

٢ - الْمُسَاوَاةُ فِي الْمَالِ يَعْنِي أَنْ يُدْخِلُوا جَمِيعَ أَمْوَالِهِمْ الصَّالِحَةِ لَأَنْ تَكُونَ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ إلَى الشَّرِكَةِ وَأَنْ يَتَّخِذُوهَا رَأْسَ مَالٍ وَأَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَالُ مِنْ حَيْثُ الْمِقْدَارُ وَالْقِيمَةُ مُتَسَاوِيًا فَعَلَيْهِ لَوْ كَانَ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ أَوْ لِجَمِيعِهِمْ مَالٌ غَيْرُ الْمَالِ الَّذِي اتَّخَذُوهُ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ صَالِحًا لِاِتِّخَاذِهِ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ فَلَا تَحْصُلُ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ.

أَمَّا لَوْ كَانَ لِلشُّرَكَاءِ مَالٌ كَالْعُرُوضِ وَالْعَقَارِ الَّذِي لَا يَصْلُحُ لِاِتِّخَاذِهِ رَأْسَ مَالٍ لِلشَّرِكَةِ وَأُخْرِجَ عَنْ الشَّرِكَةِ فَلَا يَخْلُ ذَلِكَ بِشَرْطِ مُسَاوَاةِ رَأْسِ مَالٍ (الطَّحْطَاوِيُّ) قَدْ شُرِطَ التَّسَاوِي فِي رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ لَفْظَ الْمُفَاوَضَةِ دَالٌّ عَلَى التَّسَاوِي (الزَّيْلَعِيّ) وَالْمُسَاوَاةُ فِي رَأْسِ الْمَالِ تَكُونُ تَارَةً مِنْ حَيْثُ الْقَدْرُ وَالْقِيمَةُ مَعًا كَأَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ كُلِّ شَرِيكٍ مِائَةَ دِينَارٍ وَتَارَةً مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةُ وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ أَحَدِهِمَا مِائَةَ دِينَارٍ وَأَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ الْآخَرِ رِيَالَاتٍ فِضِّيَّةً بِقِيمَةِ الْمِائَةِ الدِّينَارِ أَيْ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ النُّقُودُ مُخْتَلِفَةً وَقِيمَتُهَا مُتَّحِدَةٌ فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةِ مُفَاوَضَةٍ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّهُمَا مُتَّحِدَا الْجِنْسِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى (الْبَحْرُ) وَقَدْ فَصَّلَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١٣٨٣)

كَمَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي هَذِهِ الشَّرِكَةِ الْمُسَاوَاةُ التَّامَّةُ فِي الِابْتِدَاءِ وَفِي الِانْتِهَاءِ أَيْ فِي مُدَّةِ الْبَقَاءِ فَلِذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>