يَتَضَمَّنُ كُلُّ قِسْمٍ مِنْ أَقْسَامِ شَرِكَةِ الْعَقْدِ السِّتَّةِ الْوَكَالَةَ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَلَا يَصِحُّ أَيُّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الشَّرِكَةِ بِدُونِ وَكَالَةٍ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَتَضَمَّنْ الْوَكَالَةَ بِالشِّرَاءِ فَلَا يُمْكِنُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُدْخِلَ مَالًا إلَى مِلْكِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ لِعَدَمِ وِلَايَةِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَبِذَلِكَ لَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ مِنْ الشَّرِكَةِ فِي الْمُشْتَرَى وَيَبْقَى الْمَالُ الْمُشْتَرَى غَيْرَ مُشْتَرَكٍ وَمُخْتَصًّا بِالْمُشْتَرِي (الزَّيْلَعِيّ) وَبِتَضَمُّنِ الشَّرِكَةِ الْوَكَالَةَ فَمَا يُحَصِّلُهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ الْمُحَصِّلُ قَدْ حَصَّلَ النِّصْفَ لِنَفْسِهِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ لِشَرِيكِهِ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَإِذَا لَمْ تَكُنْ الشَّرِكَةُ مُتَضَمِّنَةً الْوَكَالَةَ بِالْبَيْعِ فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ مَالِ الشَّرِكَةِ لِآخَرَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْهُ أَوْ وِلَايَةٍ عَلَيْهِ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (٩٦) . (الشِّبْلِيُّ)
وَالْوَكَالَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ هِيَ فِي نِصْفِ الْمُشْتَرَى حَصْرًا، أَمَّا فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ فَتَكُونُ الْوَكَالَةُ فِي النِّصْفِ أَوْ فِي أَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٣٣١) .
وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ فِي شَرِكَةِ الْأَمْوَالِ وَشَرِكَةِ الْوُجُوهِ وَكِيلٌ لِلْآخَرِ فِي تَصَرُّفِهِ يَعْنِي فِي الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ وَفِي شَرِكَةِ الْأَعْمَالِ فِي تَقَبُّلِ مَحَلِّ الْعَمَلِ مِنْ آخَرَ بِأُجْرَةٍ، فَلِذَلِكَ كَمَا أَنَّ الْعَقْلَ وَالتَّمْيِيزَ كَمَا ذَكَرَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (١٤٥٧ وَ ١٤٥٨) شَرْطٌ فِي الْوَكَالَةِ فَيُشْتَرَطُ عَلَى الْعُمُومِ فِي الشَّرِكَةِ أَنْ يَكُونَ الشُّرَكَاءُ عَاقِلِينَ وَمُمَيِّزِينَ أَيْضًا كَمَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩٥٧) .
أَمَّا الْبُلُوغُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ، فَلِذَلِكَ لِلصَّبِيِّ الْعَاقِلِ الْمَأْذُونِ أَنْ يَعْقِدَ شَرِكَةَ عِنَانٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩٥٧) وَالْمَعْتُوهُ الْمَأْذُونُ هُوَ فِي حُكْمِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ الْمَأْذُونِ أَمَّا إذَا كَانَتْ الشَّرِكَةُ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ فَالْبُلُوغُ شَرْطٌ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ وَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي الشَّرِكَةِ أَيْ الشَّيْءُ الَّذِي عُقِدَتْ الشَّرِكَةُ عَلَيْهِ مِمَّا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الشَّرِكَةُ عِنَانًا أَوْ كَانَتْ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ، فَلِذَلِكَ كَمَا لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي إحْرَازِ الْأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ كَالِاحْتِطَابِ وَالِاحْتِشَاشِ وَاجْتِنَاءِ الْأَثْمَارِ مِنْ الْجِبَالِ الْمُبَاحَةِ وَالِاصْطِيَادِ وَاسْتِيفَاءِ التَّكَدِّي وَإِخْرَاجِ الْمَعَادِنِ وَتَحَرِّي الْكَنْزِ الْمَجْهُولِ وَأَعْمَالِ اللَّبِنِ مِنْ الطِّينِ الْمُبَاحِ وَنَقْلِ التُّرَابِ مِنْ الْأَرْضِ الْمُبَاحَةِ وَنَقْلِ الثَّلْجِ فَلَا يَصِحُّ أَيْضًا عَقْدُ الشَّرِكَةِ عَلَى بَيْعِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْوَكِيلَ ثَابِتٌ لِلْمُوَكِّلِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ إثْبَاتِ وِلَايَةٍ لَمْ تَكُنْ ثَابِتَةً لِلْوَكِيلِ قَبْلَ التَّوْكِيلِ وَبِمَا أَنَّ الْوَكِيلَ يَمْلِكُ أَخْذَ هَذِهِ الْمُبَاحَاتِ بِدُونِ أَمْرِ الْمُوَكِّلِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (١٢٥٤ وَ ١٢٥٥) فَلَا يَكُونُ الْوَكِيلُ صَالِحًا لَأَنْ يَكُونَ نَائِبًا عَمَّنْ وَكَّلَهُ وَعَلَيْهِ فَالْمُبَاشِرُ لِسَبَبِ الْمِلْكِ فِي هَذِهِ الْمُبَاحَاتِ يَكُونُ مَالِكًا لَهَا (الْفَتْحُ وَالزَّيْلَعِيّ وَالْبَحْرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالدُّرَرُ وَالطَّحْطَاوِيُّ وَالشِّبْلِيُّ) وَلَا يَمْلِكُهُ الْمُوَكِّلُ وَإِذَا عُقِدَتْ الشَّرِكَةُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ فَكُلُّ مَا يُحَصِّلُهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنْهَا بِدُونِ انْضِمَامِ عَمَلِ الْآخَرِ يَكُونُ لَهُ خَاصَّةً وَلَا يَشْتَرِكُ فِيهِ الْآخَرُ، وَإِذَا حَصَّلَهُ أَحَدُهُمَا وَأَعَانَهُ الْآخَرُ فَيَكُونُ الْمَالُ لِمَنْ حَصَّلَهُ وَلِلْآخَرِ حَقُّ أَخْذِ أَجْرِ الْمِثْلِ، وَمِقْدَارُ أَجْرِ الْمِثْلِ هَذَا يَكُونُ بَالِغًا مَا بَلَغَ عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ لِأَنَّ الْمُسَمَّى مَجْهُولٌ وَالرِّضَاءُ بِالْمَجْهُولِ لَغْوٌ وَقَدْ اسْتَوْفَى مَنَافِعَهُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ فَلَهُ أَجْرُهُ بَالِغًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute