وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي حُكْمِ الْوَدِيعَةِ، فَإِذَا تَلِفَ مَالُ الشَّرِكَةِ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ)
الشَّرِيكَانِ سَوَاءٌ فِي شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ أَوْ شَرِكَةِ الْعِنَانِ أَمِينَا بَعْضِهِمَا لِبَعْضٍ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ يَدُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى مَالِ الشَّرِكَةِ يَدُ أَمَانَةٍ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْمَالَ الْمَأْخُوذَ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْآخِذِ كَالْوَدِيعَةِ وَالْمُسْتَعَارِ وَالْمَالِ الْمَأْجُورِ وَالْمَالِ الْمَرْهُونِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٧٧١) . (الزَّيْلَعِيّ وَالشِّبْلِيُّ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . مَا لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ كَالْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ وَالْمَقْبُوضُ عَلَى وَجْهِ الْوَثِيقَةِ كَالْمَرْهُونِ. فَلِذَلِكَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ الْيَمِينِ فِي مِقْدَارِ الرِّبْحِ وَمِقْدَارِ الْخَسَارِ وَالضَّيَاعِ أَيْ ضَيَاعِ الْمَالِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا مِنْ غَيْرِ اتِّجَارٍ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَفِي الدَّفْعِ وَالتَّسْلِيمِ لِلشَّرِيكِ سَوَاءٌ كَانَ الْأَصْلُ الْمَالَ أَوْ الرِّبْحَ (الطَّحْطَاوِيُّ) .
وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْمُحَاسَبَةِ وَلَا يُكَلَّفُ بِحَلِفِ الْيَمِينِ عِنْدَ ادِّعَاءِ الْخِيَانَةِ الْمَجْهُولَةِ، فَلِذَلِكَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ الْيَمِينِ عَلَى تَلَفِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ عِنْدَهُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَعَلَى دَفْعِهِ وَتَسْلِيمِهِ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ لِلشَّرِيكِ.
مَثَلًا: إذَا اشْتَرَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مَتَاعًا بِمَالِ الشَّرِكَةِ فَقَالَ لَهُ شَرِيكُهُ: فَلْنَبِعْ الْمَتَاعَ فَأَجَابَهُ الشَّرِيكُ بِأَنَّ ذَلِكَ الْمَتَاعَ قَدْ ضَاعَ مِنْهُ بِدُونِ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ (الْفَيْضِيَّةُ) وَحَتَّى لَوْ ادَّعَى الضَّيَاعَ وَالدَّفْعَ بَعْدَ وَفَاةِ شَرِيكِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٧٧٤) مَثَلًا لَوْ تُوُفِّيَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ وَادَّعَى وَرَثَةُ الشَّرِيكِ الْمُتَوَفَّى عَلَى الشَّرِيكِ الْحَيِّ بِأَنَّ لِمُوَرِّثِهِمْ كَذَا مِقْدَارًا مِنْ الْمَالِ مِنْ حِصَّتِهِ فِي الشَّرِكَةِ فَادَّعَى الشَّرِيكُ قَائِلًا: إنَّنِي دَفَعْت كَذَا مِقْدَارًا مِنْ الْمَالِ الْمَذْكُورِ لِشَرِيكِي فِي حَيَاتِهِ فَيَخْلُصُ بِيَمِينِهِ مِنْ مُطَالَبَةِ الْوَرَثَةِ لَهُ بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ (الْفَيْضِيَّةُ) لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ مَنْ يَحْكِي أَمْرًا وَلَا يَقْتَدِرُ حَالَ حِكَايَتِهِ عَلَى اسْتِئْنَافِ ذَلِكَ الْأَمْرِ أَيْ عَلَى إيجَادِهِ وَإِحْدَاثِهِ فَإِذَا كَانَتْ مُتَضَمِّنَةً إيجَابَ الضَّمَانِ عَلَى الْغَيْرِ لَا تُصَدَّقُ وَإِذَا كَانَتْ تَتَضَمَّنُ دَفْعَ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ فَتُصَدَّقُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَسَتُوَضَّحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١٧٧٤) كَمَا إذَا ادَّعَى الْوَكِيلُ الَّذِي وَكَّلَهُ الْمَيِّتُ بِأَنْ يَأْتِيَ لَهُ بِدَيْنٍ مِنْ فُلَانٍ، أَنَّهُ اسْتَدَانَ وَأَدَّى إلَى الْمَيِّتِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إيجَابِ الضَّمَانِ عَلَى الْمَيِّتِ (الطَّحْطَاوِيُّ) .
كَذَلِكَ إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مُحَاسَبَةَ شَرِيكِهِ فَلَا تَلْزَمُ الْمُحَاسَبَةُ وَقَدْ وَرَدَ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ لَا تَلْزَمُهُ الْمُحَاسَبَةُ كُلَّ عَامٍ وَيَكْتَفِي الْقَاضِي مِنْهُ بِالْإِجْمَالِ لَوْ مَعْرُوفًا بِالْأَمَانَةِ وَلَوْ مُتَّهَمًا يُجْبِرُهُ عَلَى التَّعْيِينِ شَيْئًا فَشَيْئًا وَلَا يَحْبِسُهُ بَلْ يُهَدِّدُهُ وَلَوْ اتَّهَمَهُ يُحَلِّفُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الشَّرِيكِ وَالْمُضَارِبِ وَالْوَصِيِّ فَيُحْمَلُ إطْلَاقُهُ عَلَى غَيْرِ الْمُتَّهَمِ أَيْ الَّذِي لَمْ يُعْرَفْ بِالْأَمَانَةِ.
وَالْحُكْمُ فِي الْمُضَارِبِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُتَوَلِّي هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا وَمَقْصُودُ قُضَاةِ هَذَا الزَّمَانِ مِنْ الْمُحَاسَبَةِ الْوُصُولُ إلَى صِحَّةِ الْمَحْصُولِ وَلَيْسَ ظُهُورَ الْحَقِيقَةِ أَوْ بُرُوزَ الْعَدَالَةِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الشَّرِيكُ الْخِيَانَةَ الْمُبْهَمَةَ عَلَى شَرِيكِهِ لَا يُحَلَّفُ، أَمَّا إذَا ادَّعَى الشَّرِيكُ أَنَّ الرِّبْحَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute