إذَا عَقَدَ الشَّرِيكَانِ فِي شَرِكَةِ الْأَعْمَالِ الشَّرِكَةَ عَلَى أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَتَقَبَّلَ وَيَلْتَزِمَ أَيَّ عَمَلٍ كَانَ يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ الشَّرِيكُ الْمُتَقَبِّلُ قَادِرًا عَلَى إجْرَاءِ ذَلِكَ الْعَمَلِ أَوْ غَيْرَ قَادِرٍ كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ التَّعْمِيمُ بِأَنْ يُقَالَ فِي الشَّرِكَةِ جَمِيعُ الْأَعْمَالِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (١٣٣١) وَأَنْ يَكُونَا ضَامِنَيْنِ لِلْعَمَلِ وَمُتَعَهِّدَيْنِ بِهِ سَوِيَّةً وَمُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْمَنْفَعَةِ وَالضَّرَرِ وَأَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلًا لِلْآخَرِ بِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى أَحَدِهِمَا بِسَبَبِ الشَّرِكَةِ فَتَكُونُ هَذِهِ الشَّرِكَةُ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْبَحْرُ) .
وَلَا يُشْتَرَطُ فِي شَرِكَةِ الْأَعْمَالِ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْأَعْمَالُ مِنْ الْأَعْمَالِ الْمُتَّفِقَةِ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا اتِّحَادُ الْمَكَانِ. فَلِذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْأَعْمَالُ مِنْ الْأَعْمَالِ الْمُتَّفِقَةِ كَمَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْأَعْمَالِ الْمُخْتَلِفَةِ كَمَا أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (١٣٣٢) إنَّ اتِّفَاقَ خَيَّاطِينَ عَلَى الِاشْتِرَاكِ فِي الْخِيَاطَةِ أَوْ صَبَّاغِينَ عَلَى الِاشْتِرَاكِ فِي الصِّبَاغَةِ هُوَ مِنْ قَبِيلِ الِاشْتِرَاكِ فِي الْأَعْمَالِ الْمُتَّفِقَةِ، كَمَا أَنَّ اشْتِرَاكَ خَيَّاطٍ وَصَبَّاغٍ فِي الْخِيَاطَةِ وَالصِّبَاغَةِ هُوَ مِنْ قَبِيلِ الِاشْتِرَاكِ فِي الْأَعْمَالِ الْمُخْتَلِفَةِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ بِإِيضَاحٍ) وَبِمَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ لِلْآخَرِ فَيُطَالِبُ الصَّبَّاغَ بِالْخِيَاطَةِ وَلَهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَ الْأَجِيرَ أَوْ الْمُعِيرَ فِي عَمَلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى عَمَلِهِ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ عُمُولَةٌ عَلَى التَّوْكِيلِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) كَمَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الشَّرِيكَانِ فِي شَرِكَةِ الْأَعْمَالِ فِي حَانُوتٍ وَاحِدٍ أَوْ بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ بَلْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَشْتَغِلَ فِي حَانُوتٍ آخَرَ أَوْ مَحَلٍّ آخَرَ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَهَا لَا يَتَفَاوَتُ (الْبَحْرُ) . وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي شَرِكَةِ الْأَعْمَالِ أَنْ يَحُوزَ الْعَمَلُ شَرْطَيْنِ:
الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ حَلَالًا فَلَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ فِي الْعَمَلِ الْحَرَامِ كَالِاشْتِرَاكِ فِي السَّرِقَةِ وَالْغَصْبِ وَالِارْتِشَاءِ.
الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مِمَّا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِيهِ وَأَنْ يَكُونَ عَمَلًا إذَا قَامَ بِهِ الْعَامِلُ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ عَلَيْهِ كَالِاشْتِرَاكِ فِي تَعْلِيمِ الْكِتَابَةِ وَالْقُرْآنِ وَالْكُتُبِ الشَّرْعِيَّةِ فَلَوْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ فِي تَعْلِيمِ الْكُتُبِ الشَّرْعِيَّةِ جَازَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٧٥٠) . وَلَا يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ فِي الْأَعْمَالِ الَّتِي لَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِيهَا، فَلِذَلِكَ لَوْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ عَلَى أَنْ يَسْتَعْصِيَا وَيَسْأَلَا النَّاسَ وَأَنْ يَقْتَسِمَا مَا يَكْسِبَانِهِ مِنْ الِاسْتِعْصَاءِ وَالسُّؤَالِ مُنَاصَفَةً بَيْنَهُمَا فَلَا يَجُوزُ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (١٣٣٣) (عَبْدُ الْحَلِيمِ) .
وَتَجُوزُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مُطَالَبَةُ أَيَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَوَاءٌ كَانَ الشَّرِيكُ الْمُتَعَهِّدُ بِالْعَمَلِ أَوْ الشَّرِيكُ الْآخَرُ بِأُجْرَةِ الْأَجِيرِ وَأُجْرَةِ الْحَانُوتِ. اُنْظُرْ الْقَاعِدَةَ الْأُولَى الْمَذْكُورَةَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١٣٥٦) لِأَنَّ الْمُتَعَهِّدَ مِنْهُمَا يَجُوزُ مُطَالَبَتُهُ أَصَالَةً بِاعْتِبَارِهِ مُتَعَهِّدًا وَيَجُوزُ مُطَالَبَةُ الْآخَرِ حَسَبَ الشَّرِكَةِ وَالْكَفَالَةِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَطْلُبَ الْأُجْرَةَ مِنْ صَاحِبِ الْعَمَلِ وَلَوْ كَانَ الْقَائِمُ بِالْعَمَلِ غَيْرَهُ (الْقُهُسْتَانِيُّ) . اُنْظُرْ الْقَاعِدَةَ الْأُولَى الْوَارِدَةَ فِي شَرْحِ الْمَادَّة (١٣٥٦) .
وَإِذَا ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى أَحَدِهِمَا بِمَتَاعٍ وَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا فَيَنْفُذُ إقْرَارُهُ حَتَّى وَلَوْ أَنْكَرَهُ الْآخَرُ وَيُلْزَمُ الْآخَرُ بِإِقْرَارِ شَرِيكِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٣٥٦) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute