الْوَصِيَّةِ أَوْ الصَّدَقَةِ أَيْ قَبَضَ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ أَوْ الْمُتَصَدَّقَ بِهِ أَوْ الْمَالَ الْمُوصَى بِهِ فَإِذَا كَانَ هَذَا الْمَالُ كَالنُّقُودِ أَيْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ فُلُوسٍ رَائِجَةٍ مَا يَصْلُحُ لِاِتِّخَاذِهِ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةٍ فَبِمَا أَنَّهُ يَكُونُ قَدْ اخْتَلَّ شَرْطُ تَسَاوِي رَأْسِ الْمَالِ فَتَنْقَلِبُ الْمُفَاوَضَةُ إلَى عِنَانٍ حَيْثُ لَا يُشْتَرَطُ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ تَسَاوِي رَأْسِ الْمَالِ (الطَّحْطَاوِيُّ) لِأَنَّ الْبَقَاءَ فِيمَا لَيْسَ لَازِمًا مِنْ الْعُقُودِ لَهُ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ وَالْمُفَاوَضَةُ مِنْهُ (الْبَحْرُ) وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِرْثِ أَنْ تَدْخُلَ النُّقُودُ الْمَوْرُوثَةُ إلَى يَدِ الْوَارِثِ لِبُطْلَانِ الْمُفَاوَضَةِ بَلْ بِمُجَرَّدِ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ يُصْبِحُ الْوَارِثُ مَالِكًا لِلْمَوْرُوثِ وَتَنْقَلِبُ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ إلَى عِنَانٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَذَلِكَ لَوْ كَانَ الشَّرِيكَانِ فِي دِمَشْقَ وَتُوُفِّيَ مُوَرِّثُ أَحَدِهِمَا فِي الْبَصْرَةِ وَكَانَ فِي خَزِينَةِ الْمُتَوَفَّى نُقُودٌ فَتَنْقَلِبُ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ إلَى عِنَانٍ بِدُونِ حَاجَةٍ لَأَنْ يُسَافِرَ الشَّرِيكُ الْوَارِثُ إلَى الْبَصْرَةِ وَيَقْبِضَ النُّقُودَ هُنَاكَ.
كَذَلِكَ لَوْ كَانَ رَأْسُ مَالِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَرَأْسُ مَالِ الْآخَرِ فِضَّةً قِيمَتُهَا عَشَرَةٌ وَتَزَايَدَتْ قِيمَةُ الْفِضَّةِ أَوْ الذَّهَبِ قَبْلَ الشِّرَاءِ بِالْمَالَيْنِ وَفَاتَتْ الْمُسَاوَاةُ فَتَنْقَلِبُ الْمُفَاوَضَةُ عِنَانًا، أَمَّا إذَا حَصَلَ التَّزَايُدُ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَيُنْظَرُ: فَإِذَا حَصَلَ التَّزَايُدُ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِالْمَالَيْنِ وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْبَائِعِ فَلَا تَفْسُدُ اسْتِحْسَانًا، وَإِذَا حَصَلَ الشِّرَاءُ بِأَحَدِ الْمَالَيْنِ وَكَانَ رَأْسُ الْمَالِ الَّذِي تَزَايَدَتْ قِيمَتُهُ غَيْرَ الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ فَتَفْسُدُ الْمُفَاوَضَةُ.
أَمَّا إذَا تَزَايَدَ الْمَالُ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ فَلَا تَفْسُدُ.
وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي الْقَدْرِ إنَّمَا هُوَ فَضَّلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فِيمَا يَصْلُحُ رَأْسَ مَالِ الْمُفَاوَضَةِ فَإِنَّ الْمُشْتَرَى بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرِكَةِ وَلِأَحَدِهِمَا زِيَادَةُ دَرَاهِمَ بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةُ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَإِنَّهَا حَصَلَتْ فِي مَالِ الْغَيْرِ لَا فِي مَالِ أَحَدِهِمَا فَلَمْ يَفُتْ التَّسَاوِي فِي مَالِهِمَا (الْبَحْرُ) . وَصَيْرُورَةُ الْمُفَاوَضَةِ عِنَانًا غَيْرُ مُنْحَصِرَةٍ بِفِقْدَانِ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْفَصْلِ بَلْ تَصِيرُ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ عِنَانًا أَيْضًا فِي حَالَةِ فِقْدَانِ شَرْطٍ مِنْ الشُّرُوطِ الَّتِي يَجِبُ وُجُودُهَا فِي الْمُفَاوَضَةِ وَلَا يَقْتَضِي وُجُودُهَا فِي الْعِنَانِ، وَذَلِكَ لَوْ عُقِدَتْ مُفَاوَضَةٌ بَيْنَ بَالِغٍ وَصَبِيٍّ فَلَا تَكُونُ الشَّرِكَةُ الْمَذْكُورَةُ، لِفِقْدَانِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ (١٣٣٤) ، مُفَاوَضَةً بَلْ تَكُونُ عِنَانًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٣٤٥) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا كَانَ مَالًا لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةٍ كَالْعُرُوضِ وَالْعَقَارِ وَالدُّيُونِ فَلَا يُخِلُّ بِالْمُفَاوَضَةِ لَوْ كَانَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ حِينَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ مَالٌ مِنْ هَذَا النَّوْعِ غَيْرُ رَأْسِ مَالِ الشَّرِكَةِ فَلَا يُخِلُّ بِالْمُفَاوَضَةِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا مَالٌ مِنْ هَذَا النَّوْعِ بَعْدَ عَقْدِ الْمُفَاوَضَةِ فَلَا يُخِلُّ أَيْضًا بِالْمُفَاوَضَةِ لِأَنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنْ الْمَالِ غَيْرُ صَالِحٍ ابْتِدَاءً لَأَنْ يَكُونَ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةٍ فَلَا يُبْطِلُ الْعَقْدَ بَقَاءً. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (١٣٤١ وَ ١٣٤٢)
مَثَلًا لَوْ وَرِثَ أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ دُيُونًا فِي ذِمَمِ النَّاسِ فَلَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى الْمُفَاوَضَةِ. أَمَّا إذَا قَبَضَ وَاسْتَوْفَى مُؤَخَّرًا مِقْدَارًا مِنْ تِلْكَ الدُّيُونِ فَتَنْقَلِبُ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ إلَى الْعِنَانِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالطَّحْطَاوِيُّ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute