وَشُرُوحَهَا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ)
الثَّانِي - شَرِكَةُ الْأَعْمَالِ عِنَانًا فِي ضَمَانِ الْعَمَلِ فِي حُكْمِ الْمُفَاوَضَةِ اسْتِحْسَانًا، فَلِذَلِكَ يَلْزَمُ إيفَاءُ الْعَمَلِ الَّذِي تَقَبَّلَهُ أَحَدُهُمَا عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُشْرَطْ الْعَمَلُ بِالذَّاتِ عَلَى ذَلِكَ الشَّرِيكِ بِحُكْمِ الْأَصَالَةِ وَعَلَى شَرِيكِهِ أَيْضًا بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ، وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُتَفَرِّعَةٌ عَنْ الْفِقْرَةِ الْآنِفَةِ حَيْثُ إنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ فِي الْوَكَالَةِ تَعُودُ إلَى الْعَاقِدِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (١٤١٦) وَمُؤَاخَذَةُ الشَّرِيكِ فِي إيفَاءِ الْعَمَلِ لَمْ تَكُنْ بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ بَلْ بِاقْتِضَاءِ الْكَفَالَةِ، فَلِذَلِكَ قَدْ شَرَحَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَبَيَّنَ الْمُتَفَرِّعَ عَلَيْهِ عَلَى حِدَةٍ كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ قَائِلًا: قَدْ سَلَّمْتُك كَذَا قُمَاشًا لِتُخَيِّطَهُ فَإِذَا أَقَرَّ الشَّرِيكُ الْآخَرُ بِأَخْذِهِ الْقُمَاشَ وَقَبْضِهِ الْأُجْرَةَ فَيَكُونُ هَذَا الْإِقْرَارُ صَحِيحًا فِي حَقِّ الشَّرِيكِ الْآخَرِ أَيْضًا لِأَنَّهُمَا كَالْمُفَاوِضَيْنِ (الْبَحْرُ)
وَعَلَى ذَلِكَ فَشَرِكَةُ الْأَعْمَالِ عِنَانًا فِي ضَمَانِ الْعَمَلِ فِي حُكْمِ الْمُفَاوَضَةِ اسْتِحْسَانًا، فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَطْلُبَ إيفَاءَ الْعَمَلِ الَّذِي تَقَبَّلَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ وَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُجْبَرًا عَلَى إيفَاءِ ذَلِكَ الْعَمَلِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَقُولَ: إنَّ هَذَا الْعَمَلَ تَقَبَّلَهُ شَرِيكِي فَلْيَفِهِ هُوَ وَلَا دَخْلَ لِي فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ قَدْ شُرِطَ أَنْ يَعْمَلَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِنَفْسِهِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (١٣٨٩) أَيْ أَنَّهُ إذَا شُرِطَ أَنْ يُوَفِّيَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ ذَلِكَ الْعَمَلَ بِذَاتِهِ فَلَا يَلْزَمُ الشَّرِيكَ الْآخَرَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٥٧١) وَشَرْحَهَا (الْبَحْرُ)
قِيلَ (فِي ضَمَانِ الْعَمَلِ) لِأَنَّ شَرِكَةَ الْأَعْمَالِ عِنَانًا لَمْ تَكُنْ فِي حُكْمِ الْمُفَاوَضَةِ سِوَى فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَالْمَادَّةِ الْآتِيَةِ فَقَطْ مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ الشَّرِيكُ بِدَيْنٍ نَاشِئٍ عَنْ شِرَاءِ الصَّابُونِ وَالْمَاءِ مَثَلًا فَلَا يَلْزَمُ الْآخَرَ شَيْءٌ (الْبَحْرُ) إنَّ هَذَا الْحُكْمَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَتْ شَرِكَةُ الْأَعْمَالِ مُفَاوَضَةً، أَمَّا إذَا كَانَتْ الشَّرِكَةُ الْمَذْكُورَةُ مُقَيَّدَةً بِقَيْدِ الْعِنَانِ أَوْ عُقِدَتْ مُطْلَقَةً وَكَانَتْ مُنْصَرِفَةً حَسَبَ الْمُعْتَادِ إلَى الْعِنَانِ فَجَرَيَانُ هَذَا الْحُكْمِ فِيهَا هُوَ اسْتِحْسَانِيٌّ وَلَيْسَ بِقِيَاسِيٍّ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ هِيَ مِنْ مُقْتَضَى الْمُفَاوَضَةِ، وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ هُوَ أَنَّ هَذِهِ الشَّرِكَةَ مُقْتَضِيَةٌ لِلضَّمَانِ. أَلَا تَرَى أَنَّ مَا يَتَقَبَّلُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَضْمُونٌ عَلَى الْآخَرِ وَلِهَذَا يُسْتَحَقُّ الْأَجْرُ بِسَبَبِ نَفَاذِ تَقَبُّلِهِ عَلَيْهِ فَجَرَى مَجْرَى الْمُفَاوَضَةِ فِي ضَمَانِ الْعَمَلِ وَاقْتِضَاءِ الْبَدَلِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالطَّحْطَاوِيُّ)
الثَّالِثُ - الْمَادَّةُ الْآتِيَةُ:
الْمَادَّةُ (١٣٨٨) - (شَرِكَةُ الْأَعْمَالِ عِنَانًا فِي خُصُوصِ اقْتِضَاءِ الْبَدَلِ فِي حُكْمِ الْمُفَاوَضَةِ أَيْضًا، أَيْ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ مُطَالَبَةَ الْمُسْتَأْجِرِ بِكُلِّ الْأُجْرَةِ وَإِذَا دَفَعَهَا الْمُسْتَأْجِرُ لِأَيِّهِمَا يَبْرَأُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute