وَلَكِنْ يَلْزَمُ أَنْ لَا تَتَجَاوَزَ مَصَارِفُ السَّفَرِ بِطَلَبِ الدُّيُونِ مِقْدَارَ الدُّيُونِ وَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ طَلَبُ الْمُصْرَفِ الَّذِي يَزِيدُ عَنْ الدُّيُونِ مِنْ رَبِّ الْمَالِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَيُشَارُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ إلَى أَنَّهُ إذَا ذَهَبَ الْمُضَارِبُ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى لِغَيْرِ شُغْلِ الْمُضَارَبَةِ فَلَا تَلْزَمُ نَفَقَتُهُ عَلَى مَالِ الْمُضَارَبَةِ وَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَحَدٌ مِصْرِيًّا فَسَافَرَ إلَى دِمِشْقَ وَأَخَذَ هُنَاكَ مِنْ آخَرَ مَالًا بِطَرِيقِ الْمُضَارَبَةِ فَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ الْمَذْكُورِ أَخْذُ نَفَقَةٍ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ مَا دَامَ مُقِيمًا فِي دِمِشْقَ فَإِذَا ذَهَبَ لِشُغْلِ الْمُضَارَبَةِ إلَى مِصْرَ فَنَفَقَتُهُ حَتَّى وُصُولِ مِصْرَ تُؤَدَّى مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ أَمَّا نَفَقَتُهُ مُدَّةَ بَقَائِهِ فِي مِصْرَ فَلَا تَلْزَمُ مَالَ الْمُضَارَبَةِ؛ لِأَنَّ مِصْرَ وَطَنُهُ الْأَصْلِيُّ وَإِقَامَتُهُ فِيهَا هِيَ لِأَجْلِ الْوَطَنِ وَلَيْسَ لِأَجْلِ الْمُضَارَبَةِ وَإِذَا ذَهَبَ الْمُضَارِبُ بَعْدَ ذَلِكَ بِشُغْلِ الْمُضَارَبَةِ إلَى دِمِشْقَ فَمَصْرِفُهُ فِي الطَّرِيقِ وَمَصْرِفُ إقَامَتِهِ فِي دِمِشْقَ يَلْزَمُ مَالَ الْمُضَارَبَةِ (الْبَحْرُ) .
وَإِذَا سَافَرَ الْمُضَارِبُ بِمَالِهِ وَبِمَالِ الْمُضَارَبَةِ أَوْ خَلَطَ مَالَ الْمُضَارَبَةِ بِمَالِهِ بِإِذْنٍ مِنْ رَبِّ الْمَالِ أَوْ بِنَاءً عَلَى الْعُرْفِ الشَّائِعِ وَسَافَرَ بِهِ أَوْ ذَهَبَ بِمَالَيْ الْمُضَارَبَةِ اللَّذَيْنِ أَخَذَهُمَا مِنْ شَخْصَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَتُوَزَّعُ نَفَقَتُهُ بِنِسْبَةِ الْمَالِ الَّذِي سَافَرَ بِهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَيُفْهَمُ مِنْ تَعْبِيرِ (غَيْرِ الْبَلْدَةِ) أَنَّهُ إذَا عَمِلَ فِي بَلْدَةٍ هِيَ وَطَنُهُ فَتَلْزَمُ نَفَقَتُهُ مِنْ مَالِهِ وَأُطْلِقَ عَمَلُهُ فِي الْمِصْرِ فَشَمِلَ عَمَلَهُ لِلتِّجَارَةِ وَاقْتِضَاءِ الدُّيُونِ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ فِي مَالِهِ فِيمَا أَنْفَقَهُ فِي الْخُصُومَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَكُونُ الْمُضَارِبُ مُحْتَبِسًا بَلْ يَكُونُ الْمُضَارِبُ سَاكِنًا فِي وَطَنِهِ الْأَصْلِيِّ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) سَوَاءٌ كَانَتْ هَذِهِ الْبَلْدَةُ صَغِيرَةً أَمْ كَبِيرَةً كَمَا سَبَقَ ذِكْرُهُ وَمَعْنَى مَحَلٍّ غَيْرِ الْبَلْدَةِ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعًا لَوْ ذَهَبَ إلَيْهِ صَبَاحًا لَا تُمْكِنُهُ الْعَوْدَةُ وَالرُّجُوعُ مِنْهُ إلَى مَحَلِّهِ مَسَاءً أَيْ مَحَلٍّ يَقْتَدِرُ إذَا ذَهَبَ إلَيْهِ عَلَى الرُّجُوعِ إلَى بَيْتِهِ فِي نَفْسِ الْيَوْمِ وَالْبَيْتُوتَةِ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَحَلُّ مَسَافَةَ سَفَرٍ بَعِيدٍ - اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٦٦٤) - أَنَّ مَسَافَةَ سَفَرٍ غَيْرِ بَعِيدَةٍ كَقُرَى الْمَدِينَةِ، وَإِذَا خَرَجَ بِنِيَّةِ السَّفَرِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ فَنَفَقَتُهُ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ يَغْدُو إلَى بَعْضِ نَوَاحِي الْمِصْرِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَإِذَا ذَهَبَ الْمُضَارِبُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ فَيَأْخُذُ نَفَقَتَهُ فِي كُلِّ حَالٍ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ سَوَاءٌ نَوَى الْإِقَامَةَ هُنَاكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ أَوْ لَمْ يَنْوِ. أَمَّا إذَا ذَهَبَ إلَى مَوْضِعٍ يُمْكِنُهُ إذَا ذَهَبَ إلَيْهِ صَبَاحًا أَنْ يَعُودَ مَسَاءً إلَى بَيْتِهِ وَتَمْضِيَتُهُ كُلَّ اللَّيْلَةِ مَعَ أَهْلِهِ فَفِي هَذَا الْحَالِ تَلْزَمُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ وَلَوْ رَجَعَ الْمُضَارِبُ مِنْ سَفَرِهِ بَعْدَ مَوْتِ رَبِّ الْمَالِ فَلَهُ أَنْ يُنْفِقَ مِنْ الْمَالِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى الرَّقِيقِ وَكَذَا بَعْدَ النَّهْيِ وَلَوْ كَتَبَ إلَيْهِ يَنْهَاهُ وَقَدْ صَارَ الْمَالُ نَقْدًا لَمْ يُنْفِقْ فِي رُجُوعِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَالْمُرَادُ مِنْ الْمُصْرَفِ هُوَ مَأْكُولُهُ وَغَمُوسُهُ وَمَلْبُوسُهُ وَخَادِمُهُ أَيْ الْعَامِلُ لِلْأَشْيَاءِ الَّتِي تَلْزَمُهُ كَالطَّبَّاخِ وَغَاسِلِ ثِيَابِهِ وَأُجْرَةِ فُرُشِ النَّوْمِ وَالْحَيَوَانِ الَّذِي يَرْكَبُهُ وَعَلَفِهِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالنَّفَقَةِ وَمَا يَحْتَاجُهُ الْمُضَارِبُ حَسْبَ عَادَةِ التُّجَّارِ وَلَوْ فَاكِهَةً أَيْ مُعْتَادَةً وَاللَّحْمَ كَمَا كَانَ يَأْكُلُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَمِنْ مُؤْنَتِهِ الْوَاجِبَةِ فِيهِ غَسْلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute