للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِرُكْنِ التَّوْكِيلِ أَرْبَعُ صُوَرٍ: الصُّورَةُ الْأُولَى، يَكُونُ الرُّكْنُ الْمَذْكُورُ مَرَّةً مُطْلَقًا، يَعْنِي يَكُونُ غَيْرَ مُعَلَّقٍ بِشَرْطٍ وَلَا مُضَافٍ إلَى وَقْتٍ وَلَا مُقَيَّدٍ بِقَيْدٍ، كَقَوْلِهِ وَكَّلْتُكَ بِبَيْعِ الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ، فَرُكْنُ التَّوْكِيلِ فِي هَذَا الْمِثَالِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ مُعَلَّقًا فَهُوَ لَيْسَ بِمُضَافٍ وَلَا مُقَيَّدٍ بَلْ كَانَ مُطْلَقًا. وَالصُّورَةُ الثَّانِيَةُ، يَكُونُ الرُّكْنُ الْمَذْكُورُ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْوَكَالَةِ بِالشَّرْطِ صَحِيحٌ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٨٢) مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: وَكَّلْتُكَ عَلَى أَنْ تَبِيعَ فَرَسِي هَذَا إذَا جَاءَ فُلَانٌ التَّاجِرُ إلَى هُنَا وَقَبِلَ الْآخَرُ ذَلِكَ تَنْعَقِدُ الْوَكَالَةُ مُعَلَّقَةً بِمَجِيءِ التَّاجِرِ إلَى هُنَاكَ. وَعَلَيْهِ فَإِذَا جَاءَ التَّاجِرُ إلَى هُنَاكَ فَلِلْوَكِيلِ بَيْعُ ذَلِكَ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ ثُبُوتُ الشَّيْءِ الْمُعَلَّقِ عِنْدَ ثُبُوتِ الشَّرْطِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (٨٢) .

وَإِذَا لَمْ يَأْتِ التَّاجِرُ إلَى هُنَاكَ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ بَيْعُ ذَلِكَ الْمَالِ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ يَمْنَعُ الْمُعَلَّقَ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا لِلْحُكْمِ، فَلَوْ فَرَضْنَا أَنَّ الْمُوَكِّلَ قَالَ: قَدْ وَكَّلْتُكَ بِبَيْعِ فَرَسِي هَذَا فَمَعَ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ سَبَبٌ لِتَحْقِيقِ الْوَكَالَةِ فِي الْحَالِ وَصَلَاحِيَّةُ الْوَكِيلِ بِبَيْعِ الْفَرَسِ فَوْرًا، فَلَوْ قَالَ: قَدْ وَكَّلْتُكَ بِبَيْعِ حِصَانِي هَذَا إذَا جَاءَ التَّاجِرُ الْفُلَانِيُّ إلَى هُنَا فَإِنَّ التَّعْلِيقَ مَانِعٌ مِنْ أَنْ تَكُونَ الْوَكَالَةُ سَبَبًا فِي الْحَالِ وَيَتَوَقَّفُ ثُبُوتُ الْوَكَالَةِ عَلَى وُجُودِ الشَّرْطِ. يَعْنِي أَنَّهُ يَتَأَخَّرُ إلَى مَجِيءِ التَّاجِرِ، وَمَتَى وُجِدَ الشَّرْطُ فَالْكَلَامُ الْمَذْكُورُ يَكُونُ سَبَبًا لِلْوَكَالَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ رَهَنَ الْمَدِينُ عِنْدَ دَائِنِهِ مَالًا وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَقَالَ لَهُ: إذَا لَمْ أُؤَدِّ الدَّيْنَ إلَى الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ بِعْ الرَّهْنَ وَاسْتَوْفِ دَيْنَك مِنْهُ وَوَكَّلَ دَائِنَهُ فَلَوْ بَاعَ الدَّائِنُ الرَّهْنَ قَبْلَ حُلُولِ ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلَا يَكُونُ صَحِيحًا (الْبَهْجَةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٧٦) وَشَرْحَهُمَا أَيْضًا. تَعْلِيقٌ - الْوَكَالَةُ وَالْوَكَالَةُ الدَّوْرِيَّةُ: يُفْهَمُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ السَّالِفَةِ أَنَّ تَعْلِيقَ الْوَكَالَةِ بِالشَّرْطِ جَائِزٌ، وَقَدْ بُيِّنَتْ التَّفْصِيلَاتُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِهَذَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٨٢) . وَالْوَكَالَةُ الدَّوْرِيَّةُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَيْضًا فَلَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: قَدْ وَكَّلْتُكَ بِبَيْعِ هَذَا الْمَالِ وَكُلَّمَا عَزَلْتُك فَأَنْتَ وَكِيلِي كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ وَكِيلًا وَكُلَّمَا عَزْلَهُ الْمُوَكِّلُ تَجَدَّدَتْ الْوَكَالَةُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالسَّبَبُ فِي تَسْمِيَةِ هَذِهِ الْوَكَالَةِ دَوْرِيَّةً هَذَا التَّجَدُّدُ. وَيَجِبُ أَلَّا يُفْهَمَ وَهَذَا الْحَالُ أَنَّ عَزْلَ الْمُوَكِّلَ الْوَكِيلَ غَيْرُ مُمْكِنٍ؛ لِأَنَّ إمْكَانَ الْعَزْلِ مِنْ الْوَكَالَةِ هَذِهِ سَيُذْكَرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١ ٥٢ ١) . وَالصُّورَةُ الثَّالِثَةُ يُضَافُ رُكْنُ التَّوْكِيلِ بَعْضًا إلَى وَقْتٍ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ مِنْ الْعُقُودِ الْقَابِلَةِ لِلْإِضَافَةِ كَمَا قَدْ وُضِّحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٨٢) وَيُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ تَعْلِيقِ الْوَكَالَةِ وَإِضَافَتِهَا فَلِإِيجَابِ الْمُضَافِ يَكُونُ سَبَبًا فِي انْعِقَادِ الْوَكَالَةِ فِي الْحَالِ، فَإِذَا انْعَقَدَتْ الْوَكَالَةُ فِي الْإِضَافَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ حَالًا فَيَتَأَخَّرُ حُكْمُ الْوَكَالَةِ إلَى الْوَقْتِ الْمُضَافِ إلَيْهِ. أَمَّا الْإِيجَابُ الْمُعَلَّقُ فَالتَّعْلِيقُ الَّذِي فِيهِ مَانِعٌ لِصَيْرُورَتِهِ سَبَبًا لِحُكْمٍ فِي الْحَالِ وَعَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>