الْمَذْكُورُ ثَمَنَ الْمَالِ الْمُوَكَّلِ بِبَيْعِهِ صَحَّ الْقَبْضُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الصَّبِيُّ عَاقِلًا وَكَانَ أَصِيلًا فِي حُقُوقِ الْعَقْدِ، فَعَدَمُ لُزُومِ حُقُوقِ الْعَقْدِ لَا تَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ الْجَوَازِ (الْبَحْرُ) لَكِنْ إذَا كَانَ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ مَأْذُونًا وَوَكِيلًا بِالْبَيْعِ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَكَانَتْ حُقُوقُ الْعَقْدِ عَائِدَةً عَلَيْهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ بِثَمَنٍ حَالٍ أَوْ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ.
وَفِي صُورَةِ كَوْنِهِ وَكِيلًا بِالشِّرَاءِ بِثَمَنٍ حَالٍ يَكُونُ شِرَاؤُهُ صَحِيحًا أَيْضًا وَتَكُونُ حُقُوقُ الْعَقْدِ عَائِدَةً إلَيْهِ اسْتِحْسَانًا، وَإِذَا كَانَ وَكِيلًا بِالشِّرَاءِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ وَاشْتَرَى عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، كَانَتْ حُقُوقُ الْعَقْدِ عَائِدَةً إلَى الْمُوَكِّلِ وَلَيْسَ إلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَكُونُ بِمَعْنَى الْكَفَالَةِ (الْبَحْرُ، وَالْهِنْدِيَّةُ) . وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَطْلُبَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُوَكِّلِ. وَلَيْسَ مِنْ الْوَكِيلِ (الطَّحْطَاوِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَبِهَذِهِ الصُّورَةِ إذَا اُخْتُلِفَ فِي كَوْنِ الصَّبِيِّ مَحْجُورًا أَوْ مَأْذُونًا فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْإِذْنَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعَقْدِ النَّفَاذُ، وَإِقْدَامُ الصَّبِيِّ عَلَى الْعَقْدِ وَمُبَاشَرَتُهُ إيَّاهُ دَلِيلٌ عَلَى النَّفَاذِ (الْبَحْرُ) وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِحَالِ الْبَائِعِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ صَبِيٌّ مَحْجُورٌ، لَهُ خِيَارُ الْفَسْخِ. (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَيُفْهَمُ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ السَّابِقَةِ أَنَّ عِبَارَةَ الْمَجَلَّةِ هَذِهِ مُجْمَلَةٌ جِدًّا. ٢ - لُحُوقُ عِلْمِهِ بِكَوْنِهِ قَدْ وُكِّلَ: يُشْتَرَطُ لُحُوقُ عِلْمِ الْوَكِيلِ بِكَوْنِهِ قَدْ وَكَّلَهُ. بِنَاءً عَلَيْهِ فَلَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ غَائِبًا بِبَيْعِ مَالِهِ وَبَاعَ الْغَائِبُ ذَلِكَ مِنْ آخَرَ قَبْلَ أَنْ يَلْحَقَ التَّوْكِيلُ بِعِلْمِهِ كَانَ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ فُضُولِيًّا، وَيَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمُوَكِّلِ أَوْ إجَازَةِ الْوَكِيلِ بَعْدَ الْعِلْمِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٤٥٣ ١) ، (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْبَحْرُ، الْهِنْدِيَّةُ) .
وَحَكَى فِي الْبَدَائِعِ فِيهِ اخْتِلَافًا فَفِي الزِّيَادَةِ أَنَّهُ شَرْطٌ، وَفِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَكَمَا يَثْبُتُ الْعِلْمُ بِالتَّوْكِيلِ وَبِالْإِعْلَامِ وَالْإِخْبَارِ مُشَافَهَةً وَإِرْسَالِ كِتَابٍ وَإِرْسَالِ رَسُولٍ فَيَحْصُلُ أَيْضًا بِإِخْبَارِ رَجُلَيْنِ فُضُولِيَّيْنِ أَوْ إخْبَارِ رَجُلٍ وَاحِدٍ عَدْلٍ. وَكَذَلِكَ يَحْصُلُ الْعِلْمُ إذَا أَخْبَرَ رَجُلٌ غَيْرُ عَادِلٍ وَصَدَّقَهُ الْوَكِيلُ. أَمَّا إذَا لَمْ يُصَدِّقْ الْوَكِيلُ خَبَرَ الرَّجُلِ غَيْرِ الْعَادِلِ فَلَا يَحْصُلُ الْعِلْمُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَلَا تَثْبُتُ الْوَكَالَةُ، (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٢٩ ١) ٣ - عِلْمُ الْوَكِيلِ: كَوْنُ الْوَكِيلِ مَعْلُومًا شَرْطٌ يَعْنِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَلَا يَكُونَ الْوَكِيلُ مَجْهُولًا جَهَالَةً فَاحِشَةً. فَإِذَا كَانَ الْوَكِيلُ مَجْهُولًا فَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَمَرَ الدَّائِنُ مَدِينَهُ بِقَوْلِهِ أَعْطِ دَيْنِي لِمَنْ يَأْتِيكَ بِالْعَلَامَةِ الْفُلَانِيَّةِ، أَوْ مَنْ يَقُولُ لَكَ الْقَوْلَ الْفُلَانِيِّ، أَوْ مَنْ يَضْغَطُ عَلَى أُصْبُعِكَ فَلَا يَصِحُّ؛ فَلِذَلِكَ لَوْ أَعْطَى الْمَدِينُ الدَّيْنَ لِمَنْ جَاءَهُ بِتِلْكَ الْعَلَامَةِ فَلَا يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُودِعُ لِلْمُسْتَوْدَعِ: مَنْ أَتَى بِعَلَامَةِ كَذَا فَسَلِّمْ إلَيْهِ الْوَدِيعَةَ، فَبِمَا أَنَّ هَذَا التَّوْكِيلَ لَيْسَ صَحِيحًا فَإِذَا سَلَّمَهَا الْمُسْتَوْدَعُ مَنْ جَاءَهُ بِتِلْكَ الْعَلَامَةِ كَانَ ضَامِنًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute