تَلِفَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ الْمَذْكُورِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ كَفِرَارِ الْأَمِينِ؛ لِأَنَّهُ بِمُقْتَضَى الْعَادَةِ يَكُونُ مَأْذُونًا بِذَلِكَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٤٣) (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) .
كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْوَكِيلُ أَنَّهُ أَرْسَلَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مَعَ الْأَمِينِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ بَعْضَ الدَّفَعَاتِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْوَكِيلِ. وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ تَفَاصِيلَ الدُّفْعَاتِ مَعَ طُولِ الْمُدَّةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . كَذَا إذَا وَضَعَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مَالَ مُوَكِّلِهِ فِي دُكَّانٍ ضِمْنَ شَيْءٍ، وَقَالَ لِصَاحِبِ الدُّكَّانِ الْمُجَاوِرَةِ لِدُكَّانِهِ (رَاقِبْ دُكَّانِي) وَضَاعَ مِنْ تِلْكَ الدُّكَّانِ فَإِذَا كَانَ هَذَا الْجَارُ أَمِينًا فَلَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ ضَمَانٌ، اُنْظُرْ الْفِقْرَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ الْمَادَّةِ (٧٨٠) . أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ أَمِينًا لَهُ فَيَلْزَمُ الْوَكِيلَ الضَّمَانُ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى) .
وَكَذَا إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الْمَالَ لِمَنْ لَا يَعْرِفُهُ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ مِنْ دُونِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ وَبَقِيَ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي الْمَجْهُولِ كَانَ الْوَكِيلُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ الْمَالَ لِمَنْ لَا يَعْرِفُهُ (الْبَحْرُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَا لَوْ أَضَاعَ الدَّلَّالُ الْمَالَ الَّذِي أَعْطَاهُ إيَّاهُ آخَرَ لِأَجْلِ بَيْعِهِ وَقَالَ: لَا أَعْرِفُ كَيْفَ ضَاعَ: كَانَ الدَّلَّالُ ضَامِنًا (الْأَنْقِرْوِيُّ) . أَمَّا لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ آخَرَ سَاعَةً مَثَلًا لِأَجْلِ أَنْ يَعْمُرَهَا وَأَعْطَاهَا الْآخَرُ إلَى السَّاعَاتِيِّ وَنَسِيَ الشَّخْصَ الَّذِي أَعْطَاهُ السَّاعَةَ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) ؛ لِأَنَّ النِّسْيَانَ لَيْسَ بِتَعَدٍّ. كَذَلِكَ لَوْ تُوُفِّيَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ بَعْدَ أَنْ قَبَضَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مُجَهَّلًا لَزِمَ الضَّمَانُ (التَّنْقِيحُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٨٠١) وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ وَرَثَتِهِ أَنَّهُ دَفَعَهُ فِي حَيَاتِهِ بِلَا بُرْهَانٍ؛ لِأَنَّهُ بِمَوْتِهِ مُجَهِّلًا تَقَرَّرَ فِي تَرِكَتِهِ الضَّمَانُ فَلَا بُدَّ لِلْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَتِهِ مِنْ الْبَيَانِ (الْخَيْرِيَّةُ) . الْمَالُ الَّذِي فِي يَدِ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ - وَهَذَا الْمَالُ أَيْضًا إمَّا أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا أَوْ مُشْتَرًى. وَكِلَاهُمَا أَمَانَةٌ أَيْضًا فَلَوْ أَعْطَى أَحَدٌ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ لِآخَرَ لِشِرَاءِ فَرَسٍ لَهُ، فَتَكُونُ الْعَشَرَةُ الدَّنَانِيرُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْوَكِيلِ وَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ بِتَلَفِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ. لَكِنْ تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بِتَلَفِ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ؛ لِأَنَّ النُّقُودَ فِي الْوَكَالَةِ تَتَعَيَّنُ فِي التَّعْيِينِ سَوَاءٌ أُعْطِيت النُّقُودُ لِلْوَكِيلِ أَوْ لَمْ تُعْطَ. كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٢٤٣) . مِثَالٌ لِلتَّعَيُّنِ بِالتَّعْيِينِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ: لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ: اشْتَرِ لِي بِهَذِهِ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَرَسًا وَسُرِقَ هَذَا الْمَبْلَغُ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ لِوَكِيلِهِ مِنْ يَدِهِ، فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ الْفَرَسَ فَإِنْ اشْتَرَاهُ كَانَ لَهُ. لَكِنْ إذَا هَلَكَ ذَلِكَ الْمَبْلَغُ بَعْدَ الشِّرَاءِ فِي يَدِ الْوَكِيلِ وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْمُوَكِّلِ، وَيَقْتَدِرُ الْوَكِيلُ عَلَى الرُّجُوعِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ عَلَى مُوَكِّلِهِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٤٩١) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا اُخْتُلِفَ فِي كَوْنِ الْهَلَاكِ وَقَعَ قَبْلَ الشِّرَاءِ أَوْ بَعْدَ الشِّرَاءِ كَانَ الْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْآمِرِ وَالْمُوَكِّلِ، (الْبَحْرُ مَعَ تَعْلِيقَاتِ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَيْهِ) .
وَالْمَالُ الَّذِي يَأْخُذُهُ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٤٩٢) . لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ كَذَا كَيْلَةً مِنْ الْحِنْطَةِ مِنْ الْمَمْلَكَةِ الْفُلَانِيَّةِ، وَاشْتَرَى الْآخَرُ بِنُقُودِهِ وَبِثَمَنِ الْمِثْلِ الْحِنْطَةَ وَقَبَضَهَا وَتَلِفَتْ فِي الطَّرِيقِ، كَانَتْ الْخَسَارَةُ عَائِدَةً عَلَى الْمُوَكِّلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute