للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَمَا أَنَّ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ الشَّيْءَ بِقِيمَتِهِ الْمِثْلِيَّةِ (وَالْمُرَادُ بِهِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِنَقْدٍ مِثْلِ الْقِيمَةِ فَلَا يَنْفُذُ بِغَيْرِ النَّقْدَيْنِ كَمَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَدَيْنٍ فِي الذِّمَّةِ) فَلَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ أَيْضًا، يَعْنِي أَنَّ الشِّرَاءَ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ نَافِذٌ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ.

وَمَعَ أَنَّ الشِّرَاءَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ لَا يَجُوزُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْآتِي فَقَدْ جَازَ الشِّرَاءُ مَعَ الْغَبْنِ الْيَسِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ التَّحَرُّزُ عَنْ الْغَبْنِ الْيَسِيرِ فَقَدْ جُعِلَ مَعْفُوًّا عَنْهُ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ الْغَبْنَ الْيَسِيرَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فِي تَصَرُّفِ أَبِ الصَّغِيرِ وَوَصِيِّهِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ، وَقَدْ بَيَّنَ الْغَبْنَ الْيَسِيرَ مَعَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١٦٥) (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . وَتَعْبِيرُ (قِيمَتِهِ الْمِثْلِيَّةِ) الَّتِي فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ مِنْ الْمَتْنِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ الَّذِي سَيُذْكَرُ فِي الْفِقْرَةِ الثَّالِثَةِ الْآتِيَةِ. وَلَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الشِّرَاءِ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ الْمِثْلِيَّةِ، قَيَّدَ بِالشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالنِّكَاحِ إذَا زَوَّجَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ كَمَا فِي الْحَمَوِيُّ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) لَكِنْ لَا يُعْفَى الْغَبْنُ الْيَسِيرُ مَهْمَا كَانَ قَلِيلًا فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي يَكُونُ سِعْرُهَا وَقِيمَتُهَا مَعْرُوفَيْنِ بَيْنَ النَّاسِ وَمُعَيَّنَيْنِ، (الْبَحْرُ) ؛ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ كَالْمَشْرُوطِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٤٣) وَعَلَيْهِ لَا تُقْبَلُ الزِّيَادَةُ فِي هَذَا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) ، عَلَيْهِ يَكُونُ الشِّرَاءُ الْمَذْكُورُ نَافِذًا فِي حَقِّ الْوَكِيلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

أَمَّا إذَا اشْتَرَى بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ فِي كُلِّ حَالٍ، أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ مَا وُكِّلَ بِهِ مُعَيَّنًا (كَمَا فِي الْوَكَالَةِ بِشِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ) أَمْ لَمْ يَكُنْ وَسَوَاءٌ أَكَانَ السِّعْرُ وَالْقِيمَةُ مَعْلُومَيْنِ أَمْ لَا، وَيَبْقَى الْمَالُ لِلْوَكِيلِ وَإِذَا كَانَ قَدْ أَعْطَى ثَمَنَهُ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ ضَمِنَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ الثَّمَنَ لِمُوَكِّلِهِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِي هَذَا مُتَّهَمٌ بِكَوْنِهِ قَدْ اشْتَرَى ذَلِكَ الْمَالَ لِنَفْسِهِ وَلَكِنَّهُ لَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ أُخِذَ فَكَّرَ بِتَرْكِهِ لِلْمُوَكِّلِ بِبَيَانِ كَوْنِهِ قَدْ اشْتَرَاهُ لَهُ، (الْبَحْرُ، الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . لَوْ رَضِيَ الْمُوَكِّلُ مُؤَخَّرًا بِالْمَالِ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ مَعَ كَوْنِهِ لَهُ وَقَبِلَ بِالْمُشْتَرَى فَلَا يَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ شَرْحِ الْمَادَّةِ (الـ ١٤٥٣) . سُؤَالٌ - بِمَا أَنَّ الْوَكِيلَ بِشِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ لَا يَكُونُ قَدْ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (١٤٨٥) فَلَا تُهْمَةَ فِي ذَلِكَ عَلَيْهِ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُوَكِّلِ وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ. الْجَوَابُ - بِمَا أَنَّ الْوَكِيلَ يَكُونُ فِي حَالِ الشِّرَاءِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ مُخَالِفًا فَتَكُونُ تُهْمَةُ اشْتِرَائِهِ لِنَفْسِهِ بَاقِيَةً (الْبَحْرُ) وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ إذَا اشْتَرَاهُ لَيْسَ احْتِرَازًا عَنْ التَّفَرُّغِ. وَعَلَيْهِ لَوْ تَفَرَّغَ الْوَكِيلُ بِالتَّفَرُّغِ بِعَقَارٍ لِوَقْفِ ذِي إجَارَتَيْنِ دُونَ أَنْ يُعَيِّنَ الْمُوَكِّلُ لَهُ بَدَلًا فِي مُقَابِلِ بَدَلٍ زَائِدٍ زِيَادَةً فَاحِشَةٌ عَنْ بَدَلِ مِثْلِهِ فَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>