للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُقْرَضِ عَلَى مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ يَكُونُ قَدْ اسْتَوْفَى بَعْضَ دَيْنِهِ، وَأَسْقَطَ الْبَاقِيَ أَيْ أَبْرَأَ ذِمَّةَ الْمَدِينِ مِنْ الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْوَاجِبِ تَصْحِيحُ تَصَرُّفِ الْعَاقِلِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ، وَحَيْثُ إنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُ هَذَا التَّصَرُّفِ عَلَى ذَلِكَ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ مُعَاوَضَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ مُبَادَلَةُ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ الْأَكْثَرِ بِالْأَقَلِّ، فَكَذَلِكَ الصُّلْحُ الَّذِي يَجْرِي عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ بَدَلِ الصُّلْحِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ وَالْخَانِيَّةُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .

وَهَذَا الصُّلْحُ لَيْسَ بِصَرْفٍ حَتَّى إنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ بَدَلِ الصُّلْحِ فِي الْمَجْلِسِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي عَنْ الْمُحِيطِ) وَيُفْهَمُ مِنْ تَعْبِيرِ الصُّلْحِ أَنَّهُ إذَا بَاعَ الدَّائِنُ دَيْنَهُ الْبَالِغَ خَمْسِينَ دِينَارًا بِمِقْدَارٍ مِنْهُ أَيْ بِعِشْرِينَ دِينَارًا مَثَلًا فَلَا يَجُوزُ (الْخَانِيَّةُ) .

، وَلَا يَجِبُ أَنْ يُفْهَمَ مِنْ عِبَارَةِ (أَيْ أَبْرَأَ ذِمَّةَ الْمَدِينِ مِنْ الْبَاقِي) أَنَّهُ يَجِبُ حُصُولُ الْإِبْرَاءِ مَعَ الصُّلْحِ، وَيَحْصُلُ الْإِبْرَاءُ مِنْ الْبَاقِي سَوَاءٌ أَقَالَ الْمُدَّعِي إنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْ الْبَاقِي أَمْ لَا إلَّا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ الْمُدَّعِي الْإِبْرَاءَ فَيَبْرَأُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَضَاءً، وَلَا يَبْرَأُ دِيَانَةً؛ فَلِذَلِكَ لَوْ ظَفِرَ الْمُدَّعِي بِبَاقِي مَطْلُوبِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ أَمَّا إذَا ذَكَرَ الْمُدَّعِي لَفْظَةَ الْإِبْرَاءِ فَيَبْرَأُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَضَاءً وَدِيَانَةً مَعًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْخَانِيَّةُ) وَتَتَفَرَّعُ عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا صَالَحَ الدَّائِنُ عَنْ دَيْنِهِ الْبَالِغِ مِائَةَ دِينَارٍ بِسِتِّينَ دِينَارًا فَيَكُونُ قَدْ اسْتَوْفَى السِّتِّينَ دِينَارًا مِنْ دَيْنِهِ وَأَبْرَأهُ مِنْ الْأَرْبَعِينَ دِينَارًا الْبَاقِيَةِ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ عَلَيْهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى بِأَنَّهُ أَوْفَاهُ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ، وَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ ثُمَّ تَصَالَحَ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَيَبْرَأُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ الْبَاقِي سَوَاءٌ ذُكِرَ الْإِبْرَاءُ مِنْ الْبَاقِي، أَوْ لَمْ يُذْكَرْ (الْبَزَّازِيَّةُ) .

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ فَرَسًا تُسَاوِي قِيمَتُهَا خَمْسِينَ دِينَارًا وَبَعْدَ أَنْ اسْتَهْلَكَهَا تَصَالَحَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مَعَ الْغَاصِبِ عَنْ الْفَرَسِ بِثَلَاثِينَ دِينَارًا فَيَكُونُ قَدْ اسْتَوْفَى الثَّلَاثِينَ دِينَارًا، وَأَبْرَأَ الْغَاصِبَ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا.

وَيَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ الْقِيَمِيِّ الَّذِي تَلِفَ عَلَى مَبْلَغٍ، أَوْ عَرَضٍ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ أَيْ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ فَرَسَ آخَرَ الَّتِي تُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَبَعْدَ أَنْ اسْتَهْلَكَهَا تَصَالَحَ مَعَ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَنْ تِلْكَ الْفَرَسِ بِأَلْفَيْ دِرْهَمٍ، أَوْ ثِيَابٍ، فَالصُّلْحُ صَحِيحٌ أَمَّا إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِقِيمَةِ الْمَغْصُوبِ، فَالصُّلْحُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مَبْلَغٍ أَكْثَرَ مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ (الدُّرَرُ) .

قِيلَ (عَلَى مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ) ؛ لِأَنَّ فِي الصُّلْحِ عَنْ بَعْضِ تِلْكَ الدَّيْنِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْبَدَلُ مُعَيَّنًا حَتَّى يُمْكِنَ أَنْ يَتَعَيَّنَ الْمِقْدَارُ الَّذِي حُطَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْإِبْرَاءِ أَنْ يَكُونَ الْمَحْطُوطُ مُعَيَّنًا.

فَلِذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَحْطُوطُ مُعَيَّنًا فَالصُّلْحُ وَالْحَطُّ غَيْرُ جَائِزَيْنِ.

مَثَلًا لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ عِنْدَ آخَرَ عَشَرَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>