ادَّعَى حَقًّا مِنْ جِهَةِ. الْكَفَالَةِ لَا تُسْمَعُ فَعَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى بِقَوْلِهِ: أَنْتَ كُنْتَ قَبْلَ الْإِبْرَاءِ كَفِيلًا فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَذَلِكَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَى آخَرَ بِقَوْلِهِ: أَنْتَ كُنْتُ كَفِيلًا لِمَنْ أَبْرَأْتَهُ قَبْلَ الْإِبْرَاءِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٦٦٢) .
إذَا قَالَ أَحَدٌ: أَبْرَأْتُ فُلَانًا مِنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى، أَوْ لَيْسَ لِي طَرَفَهُ حَقٌّ مُطْلَقًا أَوْ لَيْسَ لِي مَعَهُ دَعْوَى مُطْلَقًا، أَوْ أَبْرَأْتُهُ مِنْ كُلِّ حَقٍّ لِي يَكُونُ إبْرَاءً عَامًّا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ لِنَفْسِهِ بِحَقٍّ قَبْلَ الْإِبْرَاءِ مَالِيٍّ أَوْ غَيْرِ مَالِيٍّ عَيْنٍ، أَوْ دَيْنٍ أَوْ كَفَالَةٍ، أَوْ إجَارَةٍ، أَوْ حُدُودٍ، أَوْ قِصَاصٍ، أَوْ سَرِقَةٍ، أَوْ قَذْفٍ قَلِيلًا كَانَ، أَوْ كَثِيرًا مِنْ الْحُقُوقِ كَمَا أَنَّهُ تَدْخُلُ الشُّفْعَةُ بِالْإِبْرَاءِ الْعَامِّ الْحَاصِلِ بِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ، وَتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ قَضَاءً أَمَّا دِيَانَةً فَلَا تَدْخُلُ الشُّفْعَةُ فِي الْإِبْرَاءِ إذَا لَمْ تَكُنْ مَقْصُودَةً فِيهِ.
لَكِنْ لَا تَدْخُلُ فِي الْإِبْرَاءِ عَنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى الْأَعْيَانُ الْقَائِمَةُ، فَعَلَيْهِ لَوْ تَبَارَأَ الزَّوْجَانِ مِنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى بَعْدَ الِافْتِرَاقِ فَإِذَا وُجِدَتْ عَلَى أَرْضِ الزَّوْجِ مَزْرُوعَاتٌ لِلزَّوْجَةِ، أَوْ أَعْيَانٌ أُخْرَى قَائِمَةً فَلَا تَدْخُلُ فِي الْإِبْرَاءِ الْمَذْكُورِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَرِسَالَةُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ وَابْنُ عَابِدِينَ) .
إنَّ أَلْفَاظَ الْإِبْرَاءِ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ هِيَ عِبَارَةُ لَا حَقَّ لِي عَلَيْهِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَى هَذَا شَيْءٌ.
قَدْ قِيلَ عَنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ فِي الْبَزَّازِيَّةُ وَالْبَحْرِ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ وَالصُّلْحِ تَارَةً إنَّهَا إقْرَارٌ وَتَارَةً إنَّهَا إبْرَاءٌ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ) .
حَتَّى لَوْ ادَّعَى حَقًّا مِنْ جِهَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ، أَوْ بَدَلِ الْإِجَارَةِ، أَوْ الْقَرْضِ، أَوْ الْغَصْبِ أَوْ الْوَدِيعَةِ، أَوْ الْعَارِيَّةِ أَوْ الْإِرْثِ، أَوْ الْمُضَارَبَةِ أَوْ التَّرِكَةِ، أَوْ الْمَزْرَعَةِ أَوْ الدَّارِ، أَوْ مِنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ لَا تُسْمَعُ لِلتَّنَاقُضِ إلَّا إذَا كَانَتْ حَادِثَةً بَعْدَ الْإِبْرَاءِ فَعَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى بِقَوْلِهِ: أَنْتَ كُنْتَ قَبْلَ الْإِبْرَاءِ كَفِيلًا بِالْمَالِ، أَوْ كَفِيلًا بِالنَّفْسِ لِفُلَانٍ فَسَلِّمْنِي الْمَالَ الْمَكْفُولَ بِهِ أَوْ النَّفْسَ الْمَكْفُولَ عَنْهَا، أَوْ قَالَ لَهُ: كَفَلْتُك بِأَمْرِك عَلَى الدَّيْنِ الْمَطْلُوبِ مِنْك لِفُلَانٍ، وَقَدْ أَدَّيْته لَهُ حَسَبَ الْكَفَالَةِ فَأَدِّهِ لِي لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَمَا أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ فِيمَا لَوْ ادَّعَى بِقَوْلِهِ: أَنْتَ كُنْتَ كَفِيلًا لِمَنْ بَرَّأْته قَبْلَ الْإِبْرَاءِ فَأَدِّ لِي الْمَالَ الْمَكْفُولَ بِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٦٦٢) (رِسَالَةُ الْإِبْرَاءِ لِابْنِ عَابِدِينَ) .
كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بَعْدَ أَنْ أَبْرَأَهُ إبْرَاءً عَامًّا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِأَنَّ لَهُ مِيرَاثًا عَنْ مُورَثِهِ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ مُورَثُهُ قَدْ تُوُفِّيَ قَبْلَ الْإِبْرَاءِ فَإِبْرَاؤُهُ صَحِيحٌ، وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ حَتَّى وَلَوْ كَانَ يَجْهَلُ وَفَاةَ مُورَثِهِمْ (رِسَالَةُ الْإِقْرَارِ وَالْبَزَّازِيَّةُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ الصُّلْحِ) .
كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: لَيْسَ لِي قِبَلَ فُلَانٍ دَيْنٌ، أَوْ أَبْرَأْتُ فُلَانًا مِنْ دَيْنِي، أَوْ تَرَكْت دَيْنِي الَّذِي عَلَى فُلَانٍ، أَوْ جَعَلْتُ دَيْنِي عَلَى فُلَانٍ حَلَالًا لَهُ يَكُونُ إبْرَاءً عَامًّا عَنْ الْمَطْلُوبِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى هَذَا الدَّيْنِ حَتَّى لَوْ قَالَ الْمُبْرِئُ: إنَّنِي قَصَدْتُ بِهَذَا اللَّفْظِ الْإِبْرَاءَ عَنْ بَعْضِ الدَّيْنِ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا أَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْأَمَانَاتِ أَوْ الْغَصْبِ، أَوْ الدَّارِ أَوْ الْمَزْرَعَةِ، أَوْ الْحَيَوَانِ.
لِأَنَّ الدَّيْنَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ الْمَدِينِ، وَمَا ذُكِرَ فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ.
كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: لَيْسَ لِي أَمَانَةٌ عِنْدَ فُلَانٍ كَانَ ذَلِكَ إبْرَاءً عَامًّا عَنْ الْأَمَانَةِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى مِنْهُ تَتَعَلَّقُ بِالْأَمَانَةِ إلَّا أَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ فِي الْجِهَاتِ الْأُخْرَى كَالدَّيْنِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٥٦٤) .