للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِقْرَارِ بِالْكِتَابَةِ أَيْضًا مَثَلًا لَوْ قَيَّدَ أَحَدُ التُّجَّارِ فِي دَفْتَرِهِ أَنَّهُ مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِمِقْدَارِ كَذَا يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِدَيْنِ مِقْدَارِ ذَلِكَ، وَيَكُونُ مُعْتَبَرًا وَمَرْعِيًّا كَإِقْرَارِهِ الشِّفَاهِيِّ عِنْدَ الْحَاجَةِ) .

الْقُيُودُ الَّتِي هِيَ فِي دَفَاتِرِ التُّجَّارِ الْمُعْتَدِّ بِهَا وَاَلَّتِي تَكُونُ عَلَيْهِمْ كَالصَّرَّافِ وَالْبَيَّاعِ وَالسِّمْسَارِ هِيَ مِنْ قَبِيلِ الْإِقْرَارِ بِالْكِتَابَةِ أَيْضًا وَلَوْ لَمْ تَكُنْ فِي شَكْلِ سَنَدٍ مُوَافِقٍ لِلرَّسْمِ وَالْعَادَةِ حَيْثُ إنَّهُ مِنْ الْعَادَةِ أَنَّ التَّاجِرَ يَكْتُبُ دَيْنَهُ وَمَطْلُوبَهُ فِي دَفْتَرِهِ صِيَانَةً لِلنِّسْيَانِ، وَلَا يَكْتُبُهُ لِلَّهْوِ وَاللَّعِبِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

وَعَلَيْهِ فَالْقُيُودُ الَّتِي تَكُونُ ضِدَّهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ أَمَّا الْقُيُودُ الَّتِي لِصَالِحِهِ فَلَا تَكُونُ حُجَّةً لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ادَّعَاهُ بِلِسَانِهِ صَرِيحًا لَا يُؤْخَذُ خَصْمُهُ بِهِ فَكَيْفَ إذَا كَتَبَهُ.

قَالَ الْبَيَّاعُ: وَجَدْتُ فِي دَفْتَرِي بِخَطِّي، أَوْ كَتَبْت فِي دَفْتَرِي بِيَدِي أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ كَانَ إقْرَارًا مُلْزِمًا، وَلَوْ قَالَ فِي ذِكْرِي، أَوْ فِي كِتَابِي لَزِمَهُ، وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ الْقُيُودَ الَّتِي يَكْتُبُهَا التَّاجِرُ بِخَطِّ يَدِهِ فِي دَفْتَرِهِ الْمُعْتَدِّ بِهِ هِيَ مِنْ قَبِيلِ الْإِقْرَارِ بِالْكِتَابَةِ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْقُيُودُ بِخَطِّ يَدِهِ بَلْ كَانَتْ بِخَطِّ كَاتِبِهِ، أَوْ بِخَطِّ أَحَدٍ أَجْنَبِيٍّ، وَادَّعَى التَّاجِرُ بِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِكِتَابَتِهَا فَالظَّاهِرُ أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ الْقَيْدُ مِنْ قَبِيلِ الْإِقْرَارِ بِالْكِتَابَةِ.

مَثَلًا؛ لَوْ قَيَّدَ أَحَدُ التُّجَّارِ فِي دَفْتَرِهِ الْمَحْفُوظِ لَدَيْهِ بِخَطِّ يَدِهِ أَنَّهُ مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِمِقْدَارِ كَذَا يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِدَيْنِ مِقْدَارِ ذَلِكَ وَيَكُونُ الْقَيْدُ الْمَذْكُورُ لَدَى الْحَاجَةِ مُعْتَبَرًا وَمَرْعِيًّا كَإِقْرَارِهِ الشِّفَاهِيِّ، وَيَكُونُ حُجَّةً عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ، وَبَعْدَ وَفَاتِهِ.

فَلِذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّهُ قَدْ قَيَّدَ فِي دَفْتَرِهِ بِخَطِّ يَدِهِ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِفُلَانٍ بِكَذَا دَرَاهِمَ فَيَلْزَمُ بِإِقْرَارِهِ هَذَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَكْتُبُ فِي دَفْتَرِهِ إلَّا مَا عَلَيْهِ صِيَانَةً مِنْ النِّسْيَانِ وَلِلْبِنَاءِ عَلَى الْعَادَةِ الظَّاهِرَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

وَعَلَيْهِ فَالْقُيُودُ الَّتِي فِي دَفَاتِرِ التُّجَّارِ الَّتِي تَكُونُ ضِدَّهُمْ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ.

أَمَّا الْقُيُودُ الَّتِي لِصَالِحِهِمْ فَلَا يُؤَاخَذُ الْخَصْمُ بِهَا.

مَثَلًا لَوْ كَانَ مُقَيَّدًا فِي دَفْتَرِ التَّاجِرِ أَنَّ لَهُ فِي ذِمَّةِ زَيْدٍ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَلَا يَكُونُ هَذَا الْقَيْدُ مِنْ الْأَسْبَابِ الثُّبُوتِيَّةِ لِلتَّاجِرِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ إثْبَاتُ مُدَّعَاهُ بِوَجْهٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَعْنَى إثْبَاتِ الْحَقِّ عَلَى الْغَيْرِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، وَلَيْسَ فِي الشَّرْعِ نَظِيرٌ لِذَلِكَ وَالْإِفْتَاءُ بِهِ ضَلَالٌ بَيِّنٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَتَكْمِلَتُهُ) .

مَثَلًا؛ لَوْ أَبْرَزَ أَحَدٌ سَنَدًا وَادَّعَى عَلَى صَرَّافٍ كَذَا أَلْفَ دِينَارٍ وَأَقَرَّ الصَّرَّافُ بِالسَّنَدِ وَادَّعَى تَأْدِيَتَهُ الْمَبْلَغِ وَأَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ اسْتِرْدَادِ السَّنَدِ إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ قَيْدٌ فِي دَفْتَرِ الصَّرَّافِ مُبَيَّنٌ فِيهِ تَأْدِيَةُ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ فَلَيْسَ لَهُ إبْرَازُ ذَلِكَ الدَّفْتَرِ، وَإِثْبَاتُ دَفْعِهِ.

وَيُشَارُ بِتَعْبِيرِ مُعْتَدٍ بِهِ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ غَيْرَ مُعْتَدٍ بِهِ، وَكَانَ احْتِمَالُ تَزْوِيرٍ فَلَا يُعْمَلُ بِهِ، وَعَلَيْهِ إذَا كَانَ لِلتَّاجِرِ كَاتِبٌ، وَكَانَ الدَّفْتَرُ فِي يَدِ الْكَاتِبِ فَإِذَا أَنْكَرَ التَّاجِرُ، أَوْ وَرَثَتُهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَلَا يُعْمَلُ بِذَلِكَ الدَّفْتَرِ حَيْثُ يُوجَدُ شُبْهَةُ تَزْوِيرٍ بِأَنَّ الْكَاتِبَ قَدْ قَيَّدَ فِي الدَّفْتَرِ دَيْنًا بِدُونِ عِلْمِ التَّاجِرِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

إلَّا أَنَّ بَعْضَ التُّجَّارِ قَدْ اتَّخَذَ أُصُولًا أَنْ يُقَيِّدَ مُعَامَلَتَهُ مَعَ شَخْصٍ آخَرَ فِي دَفْتَرِ ذَلِكَ الْآخَرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>