الْآخَرُ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ فَإِذَا اشْتَرَى شَخْصَانِ حِصَانًا صَفْقَةً وَاحِدَةً فَغَابَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُعْلَمْ مُسْتَقَرُّهُ قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ وَقَبْضِ الْمَبِيعِ فَلِلْمُشْتَرِي الْحَاضِرِ أَدَاءُ كُلِّ الثَّمَنِ وَأَخْذُ الْحِصَانِ مِنْ الْبَائِعِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ غَيْرَ مِثْلِيٍّ أَمَّا الْمِثْلِيُّ كَالْبُرِّ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ فَلَا جَبْرَ عَلَى دَفْعِ الْكُلِّ وَلِذَا مَثَّلْتُ الْمَسْأَلَةَ بِالْحِصَانِ كَمَا ذَكَرْنَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) أَقُولُ لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ كُلِّهِ مِثْلِيًّا أَوْ قِيَمِيًّا لِاسْتِيفَاءِ كُلِّ الثَّمَنِ فَإِذَا دَفَعَ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ فَلَيْسَ لَهُ الْقَبْضُ مِنْ الْمَبِيعِ الْمِثْلِيِّ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ فَاضْطِرَارُ الْمُشْتَرِي الْحَاضِرِ إلَى إيفَاءِ الثَّمَنِ كُلِّهِ ظَاهِرٌ أَيْضًا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْقِيَمِيِّ وَالْمِثْلِيِّ (شَارِحٌ) .
فَعَلَيْهِ لَيْسَ لِلْبَائِعِ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ جَمِيعِهِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي الْحَاضِرِ فَإِذَا حَضَرَ الْمُشْتَرِي الْغَائِبُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلِلْمُشْتَرِي الَّذِي أَدَّى جَمِيعَ الثَّمَنِ أَنْ يُمْسِكَ الْمَبِيعَ عَنْهُ حَتَّى يَقْبِضَ مِنْهُ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ فَإِذَا تَلِفَ الْحِصَانُ قَبْلَ حُضُورِ الْمُشْتَرِي الْغَائِبِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ طَلَبِهِ الْحِصَانَ فَلِلْحَاضِرِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْغَائِبِ فِي حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي الْحَاضِرَ لَيْسَ فِي دَفْعِهِ حِصَّةَ الْغَائِبِ مِنْ الثَّمَنِ مُتَبَرِّعًا بَلْ أَنَّهُ فِي ذَلِكَ مُجْبَرٌ (الْمُخْتَارُ) (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
أَمَّا إذَا حَضَرَ الْغَائِبُ وَطَلَبَ مِنْ الْمُشْتَرِي تَسْلِيمَهُ الْحِصَانَ فَلَمْ يُسَلِّمْهُ إلَيْهِ وَحَبَسَهُ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ مِنْهُ فَإِذَا تَلِفَ الْحِصَانُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي الْحَاضِرِ فِي أَثْنَاءِ حَبْسِهِ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْمُشْتَرِي الْغَائِبَ بِمَا دَفَعَهُ عَنْهُ كَمَا لَا يَحِقُّ لِلْمُشْتَرِي الْغَائِبِ أَنْ يَطْلُبَ تَضْمِينَ الْمُشْتَرِي الْحَاضِرِ قِيمَةَ الْحِصَانِ (هِنْدِيَّةٌ) (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٩١) وَإِنَّمَا قِيلَ (إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي غَائِبًا وَلَمْ يُعْلَمْ مُسْتَقَرُّهُ) لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي الْآخَرُ لَيْسَ غَائِبًا بَلْ حَاضِرًا فَاَلَّذِي يَدْفَعُ كُلَّ الثَّمَنِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مُضْطَرًّا فِي إيفَاءِ الْكُلِّ إذْ يُمْكِنُهُ أَنْ يُخَاصِمَهُ إلَى الْقَاضِي فِي أَنْ يَنْقُدَ حِصَّتَهُ لِيَسْتَوْفِيَ نَصِيبَهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَمَا دَامَ لِلْبَائِعِ حَقُّ وَقْفِ الْمَبِيعِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يَكُونُ الْمُشْتَرِي حَسَبَ الْمَادَّةِ ٢٦٢ مُجْبَرًا عَلَى إيفَاءِ الثَّمَنِ قَبْلًا فَلِذَلِكَ إذَا بَاعَ شَخْصٌ خَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً بِأَلْفِ قِرْشٍ حَالَّةً فَأَوْفَى الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعِينَ قِرْشًا مِنْ الْأَلْفِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَحْبِسَ الْمَبِيعَ حَتَّى يَقْبِضَ عَشَرَةَ الْقُرُوشِ الْبَاقِيَةِ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْبَائِعِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ تِسْعًا وَأَرْبَعِينَ كَيْلَةً وَنِصْفًا.
وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ شَخْصٌ سَبْعِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَلْفُ قِرْشٍ مِنْهَا مُعَجَّلَةً وَخَمْسُمِائَةٍ مُؤَجَّلَةً فَلِلْبَائِعِ حَبْسُ كُلِّ الْمَبِيعِ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ الْقِسْمَ الْمُعَجَّلَ وَهُوَ الْأَلْفُ الْقِرْشِ وَلَا يَحِقُّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَطْلُبَ تَسْلِيمَهُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ كَيْلَةً حِصَّةَ الثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ وَكَذَلِكَ إذَا أَوْدَعَ شَخْصٌ آخَرَ فِي الْآسَتَانَةِ كَذَا رِطْلِ زَيْتٍ ثُمَّ لَاقَى الْمُسْتَوْدَعَ فِي مَدِينَةٍ بُورْصَةَ فَبَاعَ الْوَدِيعَةَ مِنْهُ فَإِذَا لَمْ يُجَدِّدْ تَسْلِيمَ ذَلِكَ الزَّيْتِ إلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ ٢٦٢) لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ إذَا اشْتَرَى مَا أُودِعَ فَلَا يَكُونُ قَابِضًا بِقَبْضِ الْإِيدَاعِ وَلَا بُدَّ مِنْ قَبْضٍ جَدِيدٍ.
وَأَمَّا تَسْلِيمُ الثَّمَنِ فَيَقْتَضِي إحْضَارَ السِّلْعَةِ لِيُعْلَمَ أَنَّهَا قَائِمَةٌ فَإِذَا أَحْضَرَهَا الْبَائِعُ أَمَرَ الْمُشْتَرِيَ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ وَلَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ دَفْعِهِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ غَائِبًا عَنْ مِصْرِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ غَيْرِهَا (خَيْرِيَّةٌ) . إذَا نُظِرَ فِي الْأَحْكَامِ الَّتِي تَتَرَتَّبُ عَلَى غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَدَائِهِ الثَّمَنَ فَحَسَبَ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute