وَقَدْ وَرَدَ فِي الْبَحْرِ وَيَضْرِبُ عِلَاوَتَهُ وَلَوْ رَامَ قَتْلَهُ بِغَيْرِ سَيْفٍ مُنِعَ، وَإِنْ فَعَلَ عُزِّرَ وَلَكِنْ لَا يَضْمَنُ لِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ.
ثَانِيًا: إذَا كَانَ الْحَقُّ حَقَّ شَتْمٍ فَلِصَاحِبِ الْحَقِّ أَنْ يَقُولَ لِخَصْمِهِ الْقَوْلَ الَّذِي قَالَهُ لَهُ، وَالْأَوْلَى أَلَّا يَقُولَهُ (الْبَحْرُ) .
ثَالِثًا: إذَا امْتَنَعَ الْمُسْتَأْجِرُ عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِيجَارِ عَنْ تَسْلِيمِ مِفْتَاحِ الدَّارِ لَلْمُؤَجِّرِ وَتَرَكَ مَتَاعَهُ فِي الدَّارِ، وَغَابَ فَلِلْمُؤَجِّرِ أَنْ يَفْتَحَ الدَّارَ بِمِفْتَاحٍ آخَرَ، وَأَنْ يُؤَجِّرَ الدَّارَ لِآخَرَ بِدُونِ إذْنِ الْقَاضِي، وَأَنْ يَضَعَ أَمْتِعَةَ الْمُسْتَأْجِرِ فِي مَكَان وَيَحْفَظَهَا لِحِينِ حُضُورِهِ، وَلَا تَحْتَاجُ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ إلَى إذْنِ الْقَاضِي.
رَابِعًا: إذَا شَغَلَ أَغْصَانَ شَجَرَةِ الْجَارِ هَوَاءٌ مِلْكُ الْجَارِ الْآخَرِ، وَكَانَ غَيْرَ مُمْكِنٍ رَبْطُ الْأَغْصَانِ وَتَفْرِيغُ الْهَوَاءِ فَإِذَا قَطَعَهَا الْجَارُ مِنْ الْمَحَلِّ الَّذِي يَقْطَعُهُ الْقَاضِي فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ.
اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٩٦١) .
أَمَّا إذَا قَطَعَهَا مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ، أَوْ قَطَعَهَا مَعَ إمْكَانِ تَفْرِيغِ الْهَوَاءِ بِشَدِّهَا فَيَلْزَمُهُ ضَمَانُهَا.
اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (١١٩٦) .
خَامِسًا: إذَا ظَفِرَ الدَّائِنُ بِمَالِ الْمَدِينِ الَّذِي هُوَ مِنْ جِنْسِ مَطْلُوبِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ بِلَا رِضَاءِ الْمَدِينِ كَأَنْ يَكُونَ الِاثْنَانِ ذَهَبًا، أَوْ يَكُونَا فِضَّةً.
أَمَّا إذَا كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ كَأَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ مَثَلًا فِضَّةً، وَالْمَالُ الَّذِي ظَفِرَ بِهِ ذَهَبًا فَعِنْدَ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيّ وَالْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ لَهُ أَخْذَ مِقْدَارِ قِيمَةِ دَيْنِهِ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ يَجُوزُ أَخْذُ الدَّنَانِيرِ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَدِينُ مُقِرًّا، أَوْ كَانَ مُنْكِرًا، وَسَوَاءٌ كَانَ عِنْدَ الدَّائِنِ بَيِّنَةٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ بَيِّنَةٌ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (١١١٣) .
وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا لَمْ يُتَوَصَّلْ إلَيْهِ إلَّا بِكَسْرِ الْبَابِ وَنَقْبِ الْجِدَارِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ لَهُ ذَلِكَ حَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ إلَّا بِأَخْذِ الْقَاضِي (الْبَحْرُ) .
سَادِسًا: إذَا أَخَذَ أَجْنَبِيٌّ مَالًا مِنْ مَدِينٍ أَحَدٍ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ بِقَصْدِ إيفَاءِ دَائِنِهِ، وَأَعْطَاهُ لِلدَّائِنِ فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَيَكُونُ مُعَيَّنًا لِلدَّائِنِ.
أَمَّا الْحُقُوقُ الَّتِي لَيْسَ لَهُ الِاسْتِحْصَالُ عَلَيْهَا بِالذَّاتِ فَهِيَ: أَوَّلًا: إذَا كَانَ الْحَقُّ حَقَّ قَذْفٍ فَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ اسْتِيفَاؤُهُ بِنَفْسِهِ بَلْ يَسْتَوْفِيهِ بِحُكْمِ الْقَاضِي.
لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي ذَلِكَ الْحَقِّ هُوَ حَقُّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيُسْتَوْفَى هَذَا الْحَقُّ بِطَلَبِ الْمَقْذُوفِ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي الْمَأْمُورِ بِإِقَامَةِ الْحُدُودِ.
ثَانِيًا: إذَا كَانَ الْحَقُّ حَقَّ تَعْزِيرٍ، وَكَانَ الْحَقُّ حَقَّ ضَرْبٍ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ اسْتِيفَاؤُهُ بِذَاتِهِ.
مَثَلًا: لَوْ ضَرَبَ أَحَدٌ آخَرَ وَضَرَبَ الْمَضْرُوبُ الضَّارِبَ مُقَابَلَةً فَيُعَزَّرُ كِلَاهُمَا.
إلَّا أَنَّهُ يُبْدَأُ بِتَعْزِيرِ وَتَأْدِيبِ الْبَادِئِ مِنْهُمَا بِالضَّرْبِ لِأَنَّهُ أَظْلِمُ.
وَيَجِبُ التَّعْزِيرُ عَلَى مَنْ بَدَأَ بِالِاعْتِدَاءِ (الْبَحْرُ) .