وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ.
الْمُتَعَرِّضُ بِأَنَّ تَعَرُّضَهُ يَحِقُّ فَالْقَاضِي يَمْنَعُ الْمُتَعَرِّضَ مِنْ التَّعَرُّضِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَهَذِهِ الدَّعْوَى تَكُونُ دَعْوَى الْحَقِّ الْعَدَمِيِّ.
أَمَّا دَعْوَى قَطْعِ النِّزَاعِ فَغَيْرُ مَسْمُوعَةٍ (الْبَحْرُ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى، الطَّحَاوِيَّ) مَثَلًا: لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ قَائِلًا: إذَا كَانَ لِفُلَانٍ عِنْدِي حَقٌّ فَلْيَدَّعِ عَلَيَّ بِهِ، وَإِلَّا فَلْيُشْهِدْ عَلَى بَرَاءَتِي فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُقَالُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ إنْ كَانَ لَكَ حَقٌّ فَادَّعِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ هُوَ لَهُ.
فَلَهُ أَنْ يَدَّعِيَ بِهِ، أَوْ أَنْ يَتْرُكَهُ.
وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إنْ شَاءَ ادَّعَى بِهِ هَذَا الْيَوْمَ، وَإِنْ شَاءَ يَدَّعِي بِهِ بَعْدَ خَمْسِ سَنَوَاتٍ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
كَذَا لَوْ رَاجَعَ أَحَدٌ الْقَاضِيَ قَائِلًا: إنَّنِي كُنْتُ مَدِينًا لِفُلَانٍ الْحَاضِرِ بِالْبَلَدِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، وَقَدْ أَبْرَأَنِي مِنْهَا، أَوْ إنَّنِي أَدَّيْتهَا لَهُ فَأَحْضِرُوهُ وَاسْأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ فَإِذَا أَنْكَرَ فَإِنَّنِي أُثْبِتُ قَوْلِي فَلَا يَقْبَلُ الْحَاكِمُ دَعْوَاهُ، وَلَا يَجْلِبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى الْمُحَاكَمَةِ.
كَذَا لَوْ رَاجَعَ الْمَدِينُ الْقَاضِيَ قَائِلًا: إنَّ الدَّائِنَ فِي مَدِينَةِ أُخْرَى، وَإِنَّهُ سَيَذْهَبُ إلَيْهِ، وَطَلَبَ اسْتِمَاعَ شُهُودِهِ عَلَى الْإِبْرَاءِ، أَوْ عَلَى التَّأْدِيَةِ فَلَا يَقْبَلُ مِنْهُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .
وَبِقَوْلِهِ حَقَّهُ: قَدْ أُضِيفَ الْحَقُّ إلَى الْمُدَّعِي، وَكَوْنُ الْحَقِّ لِلْمُدَّعِي إمَّا أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً كَأَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ مِلْكَ الْمُدَّعِي، أَوْ حُكْمًا كَأَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ مِلْكَ مُوَكِّلِهِ، أَوْ وَصِيِّهِ أَوْ وَلِيِّهِ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) .
بِإِضَافَتِهِ إلَى نَفْسِهِ - فَهَذَا يَكُونُ بِقَوْلِهِ: إنَّ لِي فِي ذِمَّةِ هَذَا الرَّجُلِ كَذَا دِرْهَمًا أَوْ بِقَوْلِهِ: إنَّنِي أَدَّيْتُ لِهَذَا الْمُدَّعِي الدَّيْنَ أَوْ إنَّهُ أَبْرَأَنِي مِنْهُ.
أَمَّا إذَا لَمْ يُضِفْهُ إلَى نَفْسِهِ كَقَوْلِ الْخَارِجِ لِذِي الْيَدِ: إنَّ هَذَا الشَّيْءَ لَيْسَ لَكَ، فَإِذَا لَمْ يَقُلْ: إنَّهُ لِي فَلَا يَكُونُ مُدَّعِيًا وَخَصْمًا فِي الدَّعْوَى؛ فَلِذَلِكَ لَوْ أَحْضَرَ الْمُدَّعِي أَحَدًا إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي، وَقَالَ: إنَّ هَذِهِ السَّاعَةَ الَّتِي فِي يَدِ هَذَا الرَّجُل لَيْسَتْ لَهُ فَلَا يَكُونُ هَذَا الْقَوْلُ دَعْوَى فَلِذَلِكَ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ السُّؤَالُ الْآتِي: هَلْ هَذِهِ السَّاعَةُ لَكَ؟ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ لَكَ، فَلِمَاذَا هِيَ فِي يَدِكَ؟ (الْبَحْرُ بِزِيَادَةٍ) .
يَدُلُّ عَلَى الْجَزْمِ - يُشْتَرَطُ فِي الدَّعْوَى، وُقُوعُ طَلَبِ الْحَقِّ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الْجَزْمِ وَالْيَقِينِ.
فَلِذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا: إنَّنِي أَظُنُّ، أَوْ أَشْتَبِهُ بِأَنَّ لِي فِي ذِمَّةِ هَذَا الرَّجُلِ كَذَا دِرْهَمًا، أَوْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لِي فِي ذِمَّتِهِ كَذَا دَرَاهِمَ لَا تَصِحُّ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ بِأَنَّهُ يَطْلُبُ لَهُ مِنْهُ يَقِينًا كَذَا مَبْلَغًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
قَوْلًا، أَوْ كِتَابَةً - فَكَمَا تَصِحُّ الدَّعْوَى قَوْلًا تَصِحُّ كِتَابَةً.
فَلِذَلِكَ لِلْإِنْسَانِ الَّذِي يَعْجَزُ عَنْ تَقْرِيرِ مُدَّعَاهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ أَنْ يُحَرِّرَ دَعْوَاهُ عَلَى وَرَقَةٍ وَيُقَرِّرَ دَعْوَاهُ مِنْهَا.
كَذَلِكَ يَسْتَجْوِبُ الْقَاضِي الْمُدَّعِيَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ الَّذِي يَجْهَلُ لُغَتَهُمَا بِوَاسِطَةِ تُرْجُمَانٍ.
اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٨٢٥) .
وَتَعْرِيفُ الدَّعْوَى هَذَا يَشْمَلُ دَفْعَ الدَّعْوَى أَيْضًا.
وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ دَفْعَ الدَّعْوَى قَدْ عُرِفَ فِي الْمَادَّةِ (١٦٣١) عَلَى حِدَةٍ إلَّا أَنَّهُ دَعْوَى.
مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنَّ لِي فِي ذِمَّةِ هَذَا الْمُدَّعَى