للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْخَصْمِ الْأَصِيلِ حِينَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ وَالْحُكْمِ، أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ وَلِيِّهِ، أَوْ وَصِيِّهِ أَوْ الْمُتَوَلِّي كَمَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ.

وَاشْتِرَاطُ حُضُورِ الْخَصْمِ حِينَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ.

لِأَنَّ الْخَصْمَ إذَا لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا فَلَا يُعْلَمُ هَلْ يُقِرُّ، أَوْ يُنْكِرُ وَالْحَالُ أَنَّهُ يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ الْحُكْمِ بِنَاءً عَلَى الْإِقْرَارِ وَبَيْنَ الْحُكْمِ بِنَاءً عَلَى الْبَيِّنَةِ.

فَالْأَوَّلُ مَقْصُورٌ وَالثَّانِي مُتَعَدٍّ، كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ عَلَى الْغَائِبِ مَا لَمْ يَكُنْ نَائِبُهُ حَاضِرًا.

فَلِذَلِكَ لَا تُسْتَمَعُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ إلَّا بِمُوَاجَهَةِ الْخَصْمِ الْحَاضِرِ، وَلَا يُحْكَمُ عَلَى الْغَائِبِ فَعَلَى ذَلِكَ لَوْ حَكَمَ الْقَاضِي بِدَعْوَى الْمُدَّعِي بَعْدَ اسْتِمَاعِ بَيِّنَتِهِ بِدُونِ حُضُورِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ وَكِيلِهِ، وَأَصْدَرَ إعْلَامًا بِالْحُكْمِ لَا يُنَفَّذُ حُكْمُهُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .

وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (الـ ١٨٣٠) أَيْضًا بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْخَصْمِ حِينَ الْحُكْمِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الدَّعْوَى مُتَعَلِّقَةً بِحُقُوقِ الْعِبَادِ، أَوْ مُتَعَلِّقَةً بِحُقُوقِ اللَّهِ كَالطَّلَاقِ؛ إذْ يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْخَصْمِ فِي كِلَيْهِمَا فَلِذَلِكَ إذَا رَاجَعَ شَاهِدَانِ الْقَاضِيَ وَشَهِدَا بِأَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ بِدُونِ حُضُورِ ذَلِكَ الرَّجُلِ، أَوْ وَكِيلِهِ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ فَلَا يَصِحُّ حُكْمُهُ، وَلَا يُنَفَّذُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .

بِمَا أَنَّ جَلْبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُحَاكَمَةِ بِمُجَرَّدِ دَعْوَى الْمُدَّعِي إضْرَارٌ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَقَدْ بَيَّنَ الْفُقَهَاءُ التَّفْصِيلَاتِ الْآتِيَةَ فِي هَذَا الْبَابِ وَهِيَ: إذَا كَانَتْ دَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَرِيبَةً مِنْ الْمَحْكَمَةِ بِدَرَجَةٍ بِهَا يُمْكِنُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ إلَى بَيْتِهِ لِيَقْضِيَ لَيْلَهُ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَفْسُدَ عِشَاؤُهُ فَيُجْلَبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى أَمَّا إذَا كَانَتْ دَارُهُ غَيْرَ قَرِيبَةٍ بِهَذِهِ الدَّرَجَةِ فَعَلَى قَوْلٍ يُجْلَبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُحَاكَمَةِ بَعْدَ أَنْ يُقِيمَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ وَيُثْبِتَ دَعْوَاهُ فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ ذَلِكَ فَلَا يُجْلَبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَهَذِهِ الْبَيِّنَةُ هِيَ لِإِجْبَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْحُضُورِ، وَلَيْسَ لِأَجْلِ الْحُكْمِ (الْخَانِيَّةُ) .

وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ إنَّ الْقَاضِيَ يُحَلِّفُ الْمُدَّعِيَ الْيَمِينَ بِأَنَّهُ مُحِقٌّ فِي دَعْوَاهُ فَإِذَا حَلَفَ يُجْلَبُ خَصْمُهُ، وَإِذَا لَمْ يَحْلِفْ يُخْرَجُ الْمُدَّعِي مِنْ الْمَحْكَمَةِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَالْبَحْرُ) .

أَمَّا أَقْرِبَاءُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا يَنُوبُونَ عَنْ الْمُدَّعِي بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِمْ أَقْرِبَاءَهُ، وَعَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ لِأَحَدٍ دَعْوَى عَلَى امْرَأَةٍ تَتَعَلَّقُ بِعَرْصَةٍ فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي جَلْبُ زَوْجِهَا لِلْمَحْكَمَةِ، وَالْمُخَاصَمَةُ مَعَهُ فِي غِيَابِ زَوْجَتِهِ وَحَالَ كَوْنِهِ غَيْرَ وَكِيلٍ عَنْهَا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .

خُصُومَةُ الْحَاضِرِ عَنْ الْغَائِبِ - قِيلَ (الْخَصْمُ الْأَصِيلُ) لِأَنَّ الْخَصْمَ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مُدَّعًى عَلَيْهِ أَصْلًا لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ حِينَ الدَّعْوَى بَلْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِي غِيَابِهِ وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: أَوَّلًا: لَوْ أَمَرَ أَحَدٌ آخَرَ قَائِلًا: أَدِّ دَيْنِي الَّذِي عَلَيَّ لِفُلَانٍ فَادَّعَى الْمَذْكُورُ بَعْدَ ذَلِكَ أَدَاءَ ذَلِكَ الدَّيْنِ، وَطَلَبَ الرُّجُوعَ عَلَى الْآمِرِ فَأَنْكَرَ قَائِلًا: إنَّنِي لَمْ أَكُنْ مَدِينًا كَمَا أَنَّنِي لَمْ آمُرْ الْمُدَّعِيَ بِأَنْ يُؤَدِّيَ دَيْنًا عَنِّي كَمَا أَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ لِفُلَانٍ فَإِذَا أَقَامَ الْمَأْمُورُ الْبَيِّنَةَ فِي غِيَابِ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ فِي مُوَاجَهَةِ الْآمِرِ عَلَى الدَّيْنِ وَعَلَى الْأَمْرِ بِالْأَدَاءِ، وَعَلَى أَدَاءِ الدَّيْنِ تُقْبَلُ، وَيَحْكُمُ الْقَاضِي بِجَمِيعِ ذَلِكَ مَعَ كَوْنِ هَذَا الْحُكْمِ يَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ عَلَى الْغَائِبِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>