الْغَاصِبِ، وَلَا يَجِبُ ذِكْرُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلٍ آخَرَ.
أَطْلُبُ أَخْذَهُ مِنْهُ - يَجِبُ عَلَى الْمُدَّعِي أَنْ يَذْكُرَ فِي دَعْوَاهُ هَذِهِ الْعِبَارَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ حَقَّهُ فَيَقْتَضِي أَنْ يَطْلُبَهُ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (١٦٢) .
قِيلَ فِي تَعْرِيفِ الْعَقَارِ: إنَّهُ يَجِبُ (أَوَّلًا) ذِكْرُ بَلْدَتِهِ (ثَانِيًا) قَرْيَتِهِ أَوْ مَحَلَّتِهِ (ثَالِثًا) زُقَاقِهِ (رَابِعًا) حُدُودِهِ وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَجِبُ أَوَّلًا ذِكْرُ الْأَعَمِّ ثَانِيًا الْأَخَصِّ ثَالِثًا أَخَصِّ الْأَخَصِّ رَابِعًا أَخَصِّ الْأَخَصِّ مِنْهُ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي النَّسَبِ؛ إذْ يُقَالُ: فُلَانُ ابْنُ فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ فَيُعَرَّفُ الْعَامُّ بِالْخَاصِّ مَثَلًا: إذَا قِيلَ: أَحْمَدُ فَكَثِيرُونَ مُسَمَّوْنَ بِهَذَا الِاسْمِ، فَإِذَا قِيلَ: ابْنُ مُحَمَّدٍ فَقَدْ خُصِّصَ، وَإِذَا قِيلَ: ابْنُ طَاهِرٍ فَقَدْ خُصِّصَ أَكْثَرَ، فَعَلَى هَذَا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي عَشْرَ قِطَعٍ مِنْ أَرَاضٍ وَبَيَّنَ حُدُودَ تِسْعٍ مِنْهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ حُدُودَ الْعَاشِرَةِ يُنْظَرُ.
إذَا كَانَتْ هَذِهِ الْقِطْعَةُ فِي وَسَطِ الْقِطَعِ التِّسْعِ فَتَكُونُ دَاخِلَةً فِي الْحُدُودِ وَمَعْلُومَةً، وَيَجُوزُ الْحُكْمُ بِهَا، وَإِذَا كَانَتْ تِلْكَ الْقِطْعَةُ فِي الطَّرَفِ فَلَا تُعْلَمُ مَا لَمْ تُذْكَرْ حُدُودُهَا؛ فَلِذَلِكَ لَا يُحْكَمُ بِهَا (الْهِنْدِيَّةُ وَالْبَحْرُ) .
كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى عَمْرٌو مُتَوَلِّي وَقْفَ زَيْدٍ عَلَى بَشِيرٍ مُتَوَلِّي وَقْفَ بِكْرٍ بِأَنَّ مِقْدَارًا مِنْ الْعَرْصَةِ الَّتِي تَحْتَ يَدِ بَشِيرٍ هِيَ وَقْفُ زَيْدٍ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ مُدَّعَاهُ، وَلَمْ يُحَدِّدْهُ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى دَعْوَى عَمْرٍو الَّتِي هِيَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ (جَامِعُ الْإِجَارَتَيْنِ) .
أَمَّا إذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ الدَّعْوَى بِأَنَّ الْعَقَارَ الْمُدَّعَى بِهِ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي فَيَأْمُرُ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِهِ لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ غَيْرُ مُضِرَّةٍ بِالْإِقْرَارِ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) .
قِيلَ (بِصُورَةٍ تُحِيطُ الْمُدَّعَى بِهِ) لِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُحِيطَ الْحَدُّ الْفَاصِلُ كُلَّ الْمُدَّعَى بِهِ حَتَّى يَكُونَ مَعْلُومًا فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ أَرْضًا، وَقِيلَ: إنَّ أَحَدَ حُدُودِهَا شَجَرٌ فَلَا يُكْتَفَى؛ لِأَنَّ الشَّجَرَةَ لَا تُحِيطُ كُلَّ الْمُدَّعَى بِهِ.
وَيَقْتَضِي أَنْ يُحِيطَ الْفَاصِلُ كُلَّ الْمُدَّعَى بِهِ حَتَّى يُعْلَمَ الْمُدَّعَى بِهِ (التَّكْمِلَةُ) .
وَقَدْ أَشَارَتْ الْمَجَلَّةِ بِقَوْلِهَا: أَوْ حُدُودُهُ (الثَّلَاثَةُ) بِأَنَّهُ إذَا ذُكِرَتْ حُدُودُهُ الثَّلَاثَةُ وَسَكَتَ عَنْ ذِكْرِ حَدِّهِ الرَّابِعِ فَالدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ صَحِيحَانِ، وَلَا يُسْأَلُ مَا هُوَ الْحَدُّ الرَّابِعُ؛ لِأَنَّهُ يُوجَدُ لِلْأَكْثَرِ حُكْمُ الْكُلِّ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُعْتَبَرُ الْحَدُّ الرَّابِعُ اعْتِبَارًا مِنْ حِذَاءِ الْحَدِّ الثَّالِثِ عَلَى الِاسْتِقَامَةِ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى مَبْدَأِ الْحَدِّ الْأَوَّلِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْبَحْرُ) كَذَلِكَ لَوْ كَانَ الرَّابِعُ مِلْكًا لِرَجُلَيْنِ فَذَكَرَ الْمُدَّعِي أَحَدَهُمَا، وَتَرَكَ ذِكْرَ الْآخَرِ صَحَّ.
كَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْحَدُّ الرَّابِعُ أَرْضًا وَمَسْجِدًا وَذَكَرَ الْمُدَّعِي الْأَرْضَ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَسْجِدَ صَحَّ.
أَمَّا إذَا ذَكَرَ الْمُدَّعِي أَوْ الشُّهُودُ الْحَدَّ الرَّابِعَ وَغَلِطُوا فِي ذِكْرِهِ فَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اخْتَلَفَ الْمُدَّعَى بِهِ بِالْحَدِّ الرَّابِعِ؛ إذْ إنَّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ: إنَّ هَذَا الْمَحْدُودَ لَيْسَ فِي يَدِي، أَوْ إنَّهُ لَا يَلْزَمُ هَذَا تَسْلِيمُ الْمَحْدُودِ لِلْمُدَّعِي، وَيُبَيِّنُ عَدَمَ تَوَجُّهِ الْخُصُومَةِ عَلَيْهِ.
أَمَّا إذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّ هَذَا الْمَحْدُودَ فِي يَدِي إلَّا أَنَّكَ قَدْ أَخْطَأْتَ فِي الْحُدُودِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ هَذَا، وَيَسْتَأْنِفُ الْمُدَّعِي الدَّعْوَى إذَا صَحَّ الْخَطَأُ.
وَنَظِيرُ ذَلِكَ هُوَ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي بِأَنَّهُ اشْتَرَى هَذَا الْمَالَ بِثَمَنٍ مَنْقُودٍ، وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى ذَلِكَ يُقْبَلُ، وَلَا يَلْزَمُ بَيَانُ جِنْسِ الثَّمَنِ إلَّا أَنَّهُ إذَا