للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَادَّعَى الْمَدِينُ بِأَنَّهُ أَدَّى الْمَبْلَغَ لِأَخِيهِ وَعَجَزَ عَنْ الْإِثْبَاتِ وَبَعْدَ تَحْلِيفِ الْمُدَّعِي عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ وَحُكْمِ الْقَاضِي بِالدَّعْوَى جَاءَ زَيْدٌ وَأَقَرَّ بِأَنَّهُ قَبَضَ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ بِالتَّمَامِ مِنْ الْمَدِينِ فَيَثْبُتُ دَفْعُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَيْثُ إنَّ تَصْدِيقَ زَيْدٍ الْمَأْذُونَ بِالْقَبْضِ كَتَصْدِيقِ نَفْسِ الْمُدَّعِي (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ بِإِيضَاحٍ وَزِيَادَةٍ) . فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ يَثْبُتُ الدَّفْعُ - (أَوَّلًا) بِإِقْرَارِ الْمُدَّعِي (ثَانِيًا) بِالْبَيِّنَةِ (ثَالِثًا) بِنُكُولِ الْمُدَّعِي (رَابِعًا) بِإِقْرَارِ الشَّخْصِ الثَّالِثِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ. وَإِنْ عَجَزَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ إثْبَاتِ الدَّفْعِ بِنَاءً عَلَى إنْكَارِ الْمُدَّعِي فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي الْأَصْلِيُّ بِطَلَبِ صَاحِبِ الدَّفْعِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ تَكُونُ مُوَافِقَةً لِلْقَاعِدَةِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُتَضَمَّنَةِ بِ (أَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ) . مَثَلًا: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ كَذَا دِرْهَمًا مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ وَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى قَائِلًا: إنَّنِي أَدَّيْت لَك ذَلِكَ فَيَسْأَلُ حِينَئِذٍ الْمُدَّعِيَ هَلْ إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَدَّى لَك الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ. وَالْمُدَّعِي إمَّا أَنْ يُقِرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ أَوْ يُنْكِرَ فَإِذَا أَنْكَرَ وَأَثْبَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَدَاءَهُ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ يَحْكُمُ الْقَاضِي بِمَنْعِ الْمُدَّعِي مِنْ دَعْوَاهُ وَإِذَا عَجَزَ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُدَّعِيَ عَلَى عَدَمِ قَبْضِهِ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الدَّعْوَى الْمَشْرُوحَةِ آنِفًا بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَبْرَأَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى وَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي الْإِبْرَاءَ وَعَجَزَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْإِثْبَاتِ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي عَلَى كَوْنِهِ لَمْ يُبْرِئْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى وَهُوَ الصَّحِيحُ حَيْثُ إنَّهُ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْئًا لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْمُدَّعِي يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فَفِي حَالَةِ إنْكَارِهِ يَحْلِفُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي بَابِ الْقَاضِي وَالْبَحْرُ) وَإِذَا نَكَلَ الْمُدَّعِي عَنْ حَلِفِ الْيَمِينِ يَثْبُتُ دَفْعُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَمْنَعُ الْقَاضِي الْمُدَّعِيَ مِنْ مُعَارَضَتِهِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٨٢٠) .

وَإِذَا حَلَفَ الْمُدَّعِي تَعُودُ دَعْوَاهُ الْأَصْلِيَّةُ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ يَكُونُ فِي أَصْلِ الدَّعْوَى احْتِمَالَانِ:

الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ - أَنْ تَثْبُتَ دَعْوَى الْمُدَّعِي نَظَرًا لِكَوْنِ دَفْعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارَ وَفِي هَذَا الْحَالِ يُحْكَمُ بِأَصْلِ الدَّعْوَى كَمَا هُوَ فِي الْمِثَالِ الْآنِفِ الذِّكْرِ حَيْثُ إنَّ دَفْعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: إنَّنِي أَدَّيْت الْمَبْلَغَ الْمُدَّعَى بِهِ هُوَ إقْرَارٌ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ. فَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْأَدَاءَ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ عَلَى عَدَمِ الْأَدَاءِ يُحْكَمُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَدَاءِ الْمَبْلَغِ الْمُدَّعَى بِهِ لِلْمُدَّعِي.

كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِكَذَا دَرَاهِمَ مِنْ جِهَةِ كَذَا فَدَفَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّعْوَى قَائِلًا: قَدْ أَبْرَأْتنِي مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَفْعَهُ هَذَا بِالْبَيِّنَةِ فَبِهَا. وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ يُحَلِّفُهُ. فَإِذَا نَكَلَ عَنْ الْحَلِفِ يَثْبُتُ دَفْعُهُ وَيَمْنَعُ الْمُدَّعِيَ مِنْ الْمُعَارَضَةِ، وَإِذَا حَلَفَ يَحْكُمُ بِأَصْلِ الدَّعْوَى حَيْثُ تَكُونُ قَدْ ثَبَتَتْ لِأَنَّ الِادِّعَاءَ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ الْمَالِ إقْرَارٌ بِذَلِكَ الْمَالِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (١٥٨٢) . (النَّتِيجَةُ) .

الِاحْتِمَالُ الثَّانِي - أَنْ لَا تَكُونَ الدَّعْوَى الْأَصْلِيَّةُ ثَابِتَةً وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ تُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمُدَّعِي

<<  <  ج: ص:  >  >>