) فَعَلَى هَذَا إذَا وَهَبَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ أَوْ أَعَارَهُ شَخْصًا آخَرَ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ إلَى الْمُشْتَرِي فَتَلِفَ فِي يَدِ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَوْ أَوْدَعَهُ شَخْصًا آخَرَ فَاسْتَعْمَلَهُ الْمُسْتَوْدَعُ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ بَيْنَ إبْقَاءِ الْبَيْعِ وَتَضْمِينِ ذَلِكَ الشَّخْصِ لِلْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لِلشَّخْصِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ - وَفَسْخُ الْبَيْعِ.
وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ الْبَائِعُ مَا بَاعَهُ بَيْعًا ثَانِيًا مِنْ شَخْصٍ آخَرَ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ إلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَتَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ ذَلِكَ الشَّخْصِ فَالْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ مُخَيَّرٌ فَيُبْقِي الْبَيْعَ إذَا أَرَادَ وَيُضَمِّنُ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي وَيَسْتَرْجِعُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي مَا دَفَعَهُ إلَى الْبَائِعِ وَإِذَا كَانَ الْمَالُ الَّذِي دَفَعَهُ إلَى الْبَائِعِ مَوْجُودًا أَخَذَهُ عَيْنًا. وَسَنَذْكُرُ الْمَسَائِلَ فِي تَلَفِ بَعْضِ الْمَبِيعِ فِي يَدِ الْبَائِعِ. إنَّ تَلَفَ بَعْضِ الْمَبِيعِ يَكُونُ عَلَى خَمْسَةِ أَنْحَاءٍ: (١) تَلَفُ بَعْضِ الْمَبِيعِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَالنُّقْصَانُ الَّذِي يَعْرِضُ لِلْمَبِيعِ إنْ كَانَ نُقْصَانَ قَدَرٍ تَسْقُطُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ (بَزَّازِيَّةٌ) وَيَكُونُ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ مُخَيَّرًا فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمِقْدَارَ الْبَاقِيَ مِنْ الْمَبِيعِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ (خُلَاصَةٌ) وَيُسَمَّى هَذَا الْخِيَارُ خِيَارَ تَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ بِهَلَاكِ بَعْضِ الْمَبِيعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ (بَحْرٌ) .
مِثَالُ ذَلِكَ. إذَا بَاعَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ خَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَقَبَضَ الثَّمَنَ إلَّا أَنَّهُ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْحِنْطَةِ تَلِفَ مِنْهَا عَشْرُ كَيْلَاتٍ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَقْبِضَ يَدَهُ عَنْ الْمَبِيعِ وَيَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ مِنْ الْبَائِعِ وَبَيْنَ أَنْ يَقْبَلَ الْأَرْبَعِينَ كَيْلَةً الْبَاقِيَةَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ هَلَاكَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ يُوجِبُ انْفِسَاخَ الْبَيْعِ وَسُقُوطُ الثَّمَنِ بِقَدْرِ ذَلِكَ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ. كَفَوِيٌّ) .
وَكَذَلِكَ إذَا هَلَكَ مِقْدَارٌ مِنْ الْمَكِيلَاتِ أَوْ الْمَوْزُونَاتِ أَوْ الْمَعْدُودَاتِ الْمَبِيعَةِ فَالْبَيْعُ يَنْفَسِخُ فِي الْمِقْدَارِ الْهَالِكِ.
وَيَكُونُ الْمُشْتَرِي فِي الْبَاقِي مُخَيَّرًا فَلَهُ أَخْذُهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَتَرْكُهُ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ يُقَابِلُهُ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ (وَاقِعَاتٌ) إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ دَابَّتَيْنِ مِنْ آخَرَ فَقَبَضَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ تَلِفَا وَاخْتُلِفَ فِي. قِيمَتِهِمَا فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي أَمَّا إذَا كَانَ النُّقْصَانُ الَّذِي عَرَضَ لِلْمَبِيعِ نُقْصَانَ وَصْفٍ فَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ بِهِ لَكِنْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي مُخَيَّرًا بَيْنَ أَنْ يَتْرُكَ الْمَبِيعَ وَأَنْ يَأْخُذَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٢٣٤) وَالْوَصْفُ مَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِغَيْرِ ذِكْرٍ كَالْأَشْجَارِ وَالْبِنَاءِ فِي الْأَرْضِ وَالْأَطْرَافِ فِي الْحَيَوَانِ وَالْجَوْدَةِ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ (خُلَاصَةٌ) .
مِثَالُ ذَلِكَ إذَا بَاعَ شَخْصٌ طَاحُونًا مِنْ آخَرَ وَقَبَضَ مِنْهُ الثَّمَنَ وَقَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ الْمَبِيعَ لَهُ جَاءَ سَيْلٌ جَارِفٌ فَهَدَمَ الطَّاحُونَ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يُقَصِّرَ يَدَهُ عَنْ الطَّاحُونِ وَيَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ الَّذِي دَفَعَهُ.
(٢) أَنْ يَتْلَفَ بَعْضُ الْمَبِيعِ بِفِعْلِ الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ تَسْقُطُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ سَوَاءٌ أَكَانَ النُّقْصَانُ الْعَارِضُ فِي الْمَبِيعِ بِهَلَاكِ الْبَعْضِ نُقْصَانَ وَصْفٍ أَمْ نُقْصَانَ قَدَرٍ فَعَلَى أَيِّ حَالٍ الْبَائِعُ مُخَيَّرٌ فَلَهُ تَرْكُ الْمَبِيعِ وَلَهُ قَبُولُ الْبَاقِي مِنْهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي تَضْمِينُ الْبَائِعِ مَا اسْتَهْلَكَهُ.
(٣) أَنْ يَتْلَفَ بَعْضُ الْمَبِيعِ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ وَالْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ فَلَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute