فِي عَقَارِ الْمِلْكِ فَلَا تُسْمَعُ بَعْدَ مُرُورِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَإِنْ كَانَتْ فِي عَقَارِ الْوَقْفِ فَلِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَدَّعِيَهَا إلَى سِتٍّ وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَكَمَا لَا تُسْمَعُ دَعَاوَى الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ بَعْدَ مُرُورِ عَشْرِ سَنَوَاتٍ كَذَلِكَ لَا تُسْمَعُ دَعَاوَى الطَّرِيقِ الْخَاصِّ وَالْمَسِيلِ وَحَقِّ الشُّرْبِ فِي الْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةِ بَعْدَ أَنْ تُرِكَتْ عَشْرَ سَنَوَاتٍ) .
إنْ كَانَتْ دَعْوَى الطَّرِيقِ الْخَاصِّ وَالْمَسِيلِ وَحَقِّ الشُّرْبِ فِي عَقَارِ الْمِلْكِ فَلَا تُسْمَعُ بَعْدَ مُرُورِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَيُسْتَعْمَلُ الطَّرِيقُ الْخَاصُّ وَالْمَسِيلُ فِي مَعْنَيَيْنِ وَيُسْتَعْمَلُ الطَّرِيقُ الْخَاصُّ وَالْمَسِيلُ فِي مَعْنَيَيْنِ: أَوَّلُهُمَا بِمَعْنَى رَقَبَةِ الطَّرِيقِ وَرَقَبَةِ الْمَسِيلِ، وَقَدْ مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّتَيْنِ (١٢١٣ و ١١٤٣) تَعْرِيفُ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ كَمَا أَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (١٢٢٠) بِأَنَّهُ كَالْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ لِمَنْ لَهُمْ فِيهِ حَقُّ الْمُرُورِ وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (١٤٤) أَنَّ الْمَسِيلَ هُوَ مَحِلُّ جَرَيَانِ الْمَاءِ وَالسَّيْلِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فِي قَوْلِهِ: وَبَيْعُ الطَّرِيقِ وَهِبَتُهُ) .
وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى إذَا كَانَ الطَّرِيقُ وَالْمَسِيلُ لِعَقَارِ الْمِلْكِ فَمُدَّةُ مُرُورِ الزَّمَنِ فِيهِمَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَاذَا كَانَ الْعَقَارُ وُقِفَ فَمُدَّةُ مُرُورِ الزَّمَنِ فِيهَا سِتٌّ وَثَلَاثُونَ سَنَةً وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْمَادَّتَيْنِ (١٦٦٠ و ١٦٦١) فَإِذَا كَانَ يَقْصِدُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ هَذَا الْمَعْنَى فَيَكُونُ تَكْرَارًا كَمَا أَنَّ عِبَارَةَ (فِي الْعَقَارِ الْمِلْكِ) مَانِعَةٌ مِنْ إرَادَةِ هَذَا الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ ظَرْفًا لِنَفْسِهِ.
ثَانِيهِمَا - مَعْنَى حَقِّ الْمُرُورِ وَحَقِّ الْمَسِيلِ وَهَذَا الْمَعْنَى مُنَاسِبٌ لِتَعْبِيرِ حَقِّ الشُّرْبِ وَإِذَا قَصَدَ هَذَا الْمَعْنَى فَلَا يَكُونُ الْكَلَامُ تَأْكِيدًا بَلْ يَكُونُ تَأْسِيسًا وَالتَّأْسِيسُ أَوْلَى مِنْ التَّأْكِيدِ.
مِثَالٌ لِلْمَعْنَى الثَّانِي: إذَا ادَّعَى أَحَدٌ بِأَنَّ لَهُ حَقَّ مُرُورٍ فِي الْعَرْصَةِ الَّتِي فِي تَصَرُّفِ آخَرَ مُسْتَقِلًّا مُدَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأَنَّهُ كَانَ يَمُرُّ مِنْهَا قَبْلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَاذَا كَانَتْ فِي الْعَقَارَاتِ الْمَوْقُوفَةِ فَلِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَدَّعِيَ ذَلِكَ لِسِتٍّ وَثَلَاثِينَ سَنَةً. مَثَلًا لَوْ كَانَ لِحَانُوتِ وَقْفٍ حَقُّ مَسِيلٍ فِي عَرْصَةٍ مَوْقُوفَةٍ لِجِهَةٍ أُخْرَى فَلِمُتَوَلِّي الْوَقْفِ الْأَوَّلِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى مُتَوَلِّي الْوَقْفِ الثَّانِي إلَى سِتٍّ وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَفِي ذَلِكَ ثَلَاثُ صُوَرٍ: الصُّورَةُ الْأُولَى - أَنْ يَكُونَ حَقُّ الطَّرِيقِ وَاقِعًا فِي الْعَقَارَاتِ الْمَوْقُوفَةِ وَأَنْ يَكُونَ الْعَقَارُ الَّذِي يَرْجِعُ إلَيْهِ حَقُّ الطَّرِيقِ وَقْفًا وَهُوَ كَمَا فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ آنِفًا.
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - أَنْ يَكُونَ حَقُّ الطَّرِيقِ وَاقِعًا فِي عَقَارَاتٍ مَوْقُوفَةٍ وَيَكُونَ الْعَقَارُ الَّذِي يَرْجِعُ إلَيْهِ حَقُّ الطَّرِيقِ مِلْكًا كَادِّعَاءِ أَحَدٍ عَلَى مُتَوَلِّي عَرْصَةٍ بِقَوْلِهِ: إنَّ لِدَارِي الْمِلْكِ حَقَّ طَرِيقٍ فِي الْعَرْصَةِ الَّتِي أَنْتَ مُتَوَلٍّ عَلَيْهَا وَمُدَّةُ مُرُورِ الزَّمَنِ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى عَلَى الظَّاهِرِ هِيَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً تَبَعًا لِلْعَقَارِ الْمِلْكِ الَّتِي هِيَ عَائِدَةٌ إلَيْهِ.
الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ - أَنْ يَكُونَ حَقُّ الطَّرِيقِ وَاقِعًا فِي الْعَقَارَاتِ الْمَمْلُوكَةِ وَيَكُونَ الْعَقَارُ الَّذِي يَرْجِعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute