للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ كَانَ لِزَيْدٍ حَقٌّ ثَابِتٌ فِي ذِمَّةِ عَمْرٍو فَتَغَيَّبَ عَمْرٌو بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ الْحَقِّ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً ثُمَّ حَضَرَ فَمَبْدَأُ مُرُورِ الزَّمَنِ يُعْتَبَرُ مِنْ تَارِيخِ حُضُورِ عَمْرٍو فَلَوْ أَقَامَ زَيْدٌ الدَّعْوَى بَعْدَ التَّارِيخِ الْمَذْكُورِ بِثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَالْمُدَّةُ الَّتِي تَمُرُّ بِأَعْذَارٍ كَهَذِهِ لَوْ بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ أَوْ خَمْسِينَ سَنَةً فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ مِنْ الْمُقَرَّرِ أَنَّ التَّرْكَ لَا يَتَأَتَّى مِنْ الْغَائِبِ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَأَتِّي الْجَوَابِ مِنْهُ بِالْغَيْبَةِ وَالْعِلَّةُ خَشْيَةُ التَّزْوِيرِ وَلَا تَتَأَتَّى بِالْغَيْبَةِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

الْأَعْذَارُ الثَّلَاثَةُ، يُطْلَقُ عَلَى الْأَعْذَارِ الْمُبَيَّنَةِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ الْأَعْذَارُ الثَّلَاثَةُ: الْأَوَّلُ - الْقَاصِرِيَّةُ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ كَوْنِ صَاحِبِ الْحَقِّ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مَعْتُوهًا فَالْمُدَّةُ الَّتِي تَمُرُّ أَثْنَاءَ الْقَاصِرِيَّةِ لَا تَدْخُلُ فِي حِسَابِ مُرُورِ الزَّمَنِ سَوَاءٌ بَلَغَتْ حَدَّ مُرُورِ الزَّمَنِ أَوْ لَمْ تَبْلُغْ. مَثَلًا لَوْ دَامَتْ الْقَاصِرِيَّةُ خَمْسَ سَنَوَاتٍ وَزَالَتْ فِي ابْتِدَاءِ السَّنَةِ السَّادِسَةِ فَيُبْتَدَأُ مُرُورُ الزَّمَنِ اعْتِبَارًا مِنْ السَّنَةِ السَّادِسَةِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ دَامَتْ الْقَاصِرِيَّةُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَزَالَتْ فِي ابْتِدَاءِ السَّنَةِ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ فَيُحْسَبُ مُرُورُ الزَّمَنِ مِنْ ابْتِدَاءِ السَّنَةِ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ، أَمَّا إذَا بَدَأَ مُرُورُ الزَّمَنِ حِينَمَا لَمْ تَكُنْ الْقَاصِرِيَّةُ مَوْجُودَةً وَقَبْلَ اكْتِمَالِ مُرُورِ الزَّمَنِ حَصَلَتْ الْقَاصِرِيَّةُ ثُمَّ زَالَتْ بَعْدَ مُدَّةٍ فَهَلْ يَجِبُ تَنْزِيلُ الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ فِيهَا فِي حَالَةِ الْقَاصِرِيَّةِ مِنْ مُدَّةِ مُرُورِ الزَّمَنِ؟ يَعْنِي مَثَلًا لَوْ بَاعَ زَيْدٌ وَهُوَ أَهْلٌ لِلتَّصَرُّفِ مَالًا لِعَمْرٍو بِعِشْرِينَ دِينَارًا وَبَعْدَ خَمْسِ سَنَوَاتٍ طَرَأَ عَلَى عَمْرٍو قَاصِرِيَّةٌ دَامَتْ عَشْرَ سَنَوَاتٍ ثُمَّ زَالَتْ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ زَوَالِ الْقَاصِرِيَّةِ بِثَمَانِي سَنَوَاتٍ فَإِذَا نُزِّلَتْ مِنْ الْمُدَّةِ مُدَّةُ الْقَاصِرِيَّةِ فَيَكُونُ مَجْمُوعُ الْمُدَّةِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَيَجِبُ سَمَاعُ الدَّعْوَى وَفِي حَالَةِ عَدَمِ تَنْزِيلِهَا تَكُونُ الْمُدَّةُ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ سَنَةً وَيَجِبُ عَدَمُ سَمَاعِ الدَّعْوَى؟ إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُحْتَاجَةٌ لِلْحَلِّ وَمَنْ الْمُوَافِقِ اسْتِمَاعُ الدَّعْوَى لِحِينِ وُجُودِ مَسْأَلَتِهَا الصَّرِيحَةِ.

الثَّانِي - الْغَيْبَةُ؛ وَهِيَ أَعَمُّ مِنْ غَيْبَةِ الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالْمُدَّةُ الَّتِي تَمُرُّ فِي حَالَةِ الْغَيْبَةِ سَوَاءٌ بَلَغَتْ حَدَّ مُرُورِ الزَّمَنِ أَوْ لَمْ تَبْلُغْ فَلَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي مُرُورِ الزَّمَنِ إذَا كَانَ ثُبُوتُ الْحَقِّ الْمُدَّعَى بِهِ فِي حَالَةِ الْغِيَابِ.

مِثَالٌ عَلَى كَوْنِهِ بَالِغًا مُدَّةَ مُرُورِ الزَّمَنِ: إذَا كَانَ لِأَحَدٍ فِي ذِمَّةِ آخَرَ حَقٌّ وَهُوَ مُقِيمٌ فِي دِيَارٍ بَعِيدَةٍ مُدَّةَ السَّفَرِ وَتَحَقَّقَ فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ بِطَرِيقِ الْبَيْعِ أَوْ الْإِجَارَةِ أَوْ الْإِقْرَاضِ بِطَرِيقِ الْمُكَاتَبَةِ أَوْ الْمُرَاسَلَةِ أَوْ بِإِتْلَافِ الْمَالِ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الِادِّعَاءِ بِمَطْلُوبِهِ ثُمَّ بَعْدَ مُرُورِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً حَضَرَ ذَلِكَ الشَّخْصُ ثُمَّ بَعْدَ مُرُورِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْ حُضُورِهِ أَقَامَ صَاحِبُ الْحَقِّ عَلَيْهِ الدَّعْوَى فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ. مِثَالٌ عَلَى عَدَمِ بُلُوغِ مُدَّةِ مُرُورِ الزَّمَنِ: إذَا ثَبَتَ لِأَحَدٍ فِي ذِمَّةِ آخَرَ حَقٌّ وَهُوَ مُقِيمٌ فِي دِيَارٍ أُخْرَى بَعِيدَةٍ مُدَّةَ السَّفَرِ وَدَامَتْ غَيْبَةُ الْمَدِينِ مُدَّةَ خَمْسِ سَنَوَاتٍ إلَّا أَنَّهُ حَضَرَ فِي ابْتِدَاءِ السَّنَةِ السَّادِسَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>