الثَّانِي، مَوْجُودًا فَلَا يُعْطِي لِأَوْلَادِ الْبَطْنِ الثَّالِثِ حِصَّةً وَلَا يَكُونُ لَهُمْ تَوْلِيَةٌ عَلَى الْوَقْفِ.
كَذَلِكَ لَوْ ضَبَطَ أَجْنَبِيٌّ تَوْلِيَةَ الْوَقْفِ الْمَشْرُوطَةَ لِأَوْلَادِ الْوَاقِفِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ فِي مُوَاجَهَةِ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ مُدَّةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَانْقَرَضَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ فَادَّعَى أَحَدُ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ مِنْ الْبَطْنِ الثَّانِي التَّوْلِيَةَ الْمَذْكُورَةَ مِنْ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ فَلَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَدْفَعَ دَعْوَاهُ بِقَوْلِهِ: إنَّ دَعْوَى الْمُدَّعِي غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ لِمُرُورِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً.
سُؤَالٌ - لَوْ تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي مُوَاجَهَةِ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ خَمْسًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَتَصَرَّفَ سَنَةً فِي مُوَاجَهَةِ أَوْلَادِ الْبَطْنِ الثَّانِي فَتَبْلُغُ مُدَّةُ تَصَرُّفِهِ سِتًّا وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَبِمَا أَنَّهُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (١٦٧) لَوْ تَرَكَ الدَّعْوَى الْوَارِثُ مُدَّةً وَالْمَوْرُوثُ مُدَّةً وَبَلَغَ مَجْمُوعُ الْمُدَّتَيْنِ حَدَّ مُرُورِ الزَّمَنِ فَيَجِبُ عَدَمُ اسْتِمَاعِ الدَّعْوَى؟ الْجَوَابُ - إنَّ تَوْجِيهَ التَّوْلِيَةِ لِلْبَطْنِ الثَّانِي لَمْ يَكُنْ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ بَلْ هُوَ بِمُقْتَضَى شَرْطِ الْوَاقِفِ فَإِذَا انْتَقَلَتْ التَّوْلِيَةُ إلَى الْبَطْنِ الثَّانِي قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ مُرُورِ الزَّمَنِ فِي مُوَاجَهَةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ فَلِلْبَطْنِ الثَّانِي حَقُّ الدَّعْوَى إلَى انْتِهَاءِ مُدَّةِ مُرُورِ الزَّمَنِ اعْتِبَارًا مِنْ تَارِيخِ انْتِقَالِ التَّوْلِيَةِ لَهُ مَعَ أَنَّ الْمُدَّةَ الَّتِي تَمُرُّ فِي زَمَنِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَالْبَطْنِ الثَّانِي لَا تُضَمُّ إلَى بَعْضِهَا الْبَعْضِ إلَّا أَنَّهُ إذَا بَلَغَتْ الْمُدَّةُ فِي زَمَنِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ حَدَّ مُرُورِ الزَّمَنِ ثُمَّ انْتَقَلَتْ التَّوْلِيَةُ إلَى الْبَطْنِ الثَّانِي فَهَلْ لِلْبَطْنِ الثَّانِي حَقُّ الدَّعْوَى؟ فَنَظَرًا إلَى الْمِثَالِ الثَّانِي وَالَى دَلِيلِهِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لَهُ حَقُّ الدَّعْوَى إلَّا أَنَّ دَلِيلَ الْفُقَهَاءِ لَا يُثْبِتُ الْمَسْأَلَةَ بِالْكُلِّيَّةِ فَيَجِبُ الْعُثُورُ عَلَى صَرَاحَةِ الْمَسْأَلَةِ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ تُسْتَمَعَ الدَّعْوَى لِحِينِ الْعُثُورِ عَلَى صَرَاحَتِهَا.
مَثَلًا: لَوْ تَصَرَّفَ أَحَدٌ فِي عَقَارٍ عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِيَّةِ سِتًّا وَثَلَاثِينَ سَنَةً فِي مُوَاجَهَةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ فَانْقَرَضَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ فَتَصَرَّفَ أَيْضًا بِالْعَقَارِ الْمَذْكُورِ سِتًّا وَثَلَاثِينَ سَنَةً فِي مُوَاجَهَةِ الْبَطْنِ الثَّانِي ثُمَّ انْقَرَضَ الْبَطْنُ الثَّانِي فَرَاجَعَ الْبَطْنُ الثَّالِثُ الْمَحْكَمَةَ وَادَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّ تَوْلِيَةَ وَغَلَّةَ ذَلِكَ الْعَقَارِ مَشْرُوطَةٌ لِأَوْلَادِ الْوَاقِفِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَأَنَّهُ وَإِنْ تَصَرَّفَ فِي الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ مُدَّةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ سَنَةً فِي مُوَاجَهَةِ أَوْلَادِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَالْبَطْنِ الثَّانِي إلَّا أَنَّهُمَا قَدْ انْقَرَضَا وَأَصْبَحَتْ تَوْلِيَةُ وَغَلَّةُ الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ عَائِدَةً لَهُ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؟ فَإِذَا اُسْتُمِعَتْ دَعْوَاهُ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَحَقَّقَ مُرُورُ زَمَنٍ فِي نَوْعِ هَذِهِ الْأَوْقَافِ وَإِنْ يَكُنْ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (١٦٧٥) لَا يَجْرِي مُرُورُ الزَّمَنِ فِي بَعْضِ الدَّعَاوَى إلَّا أَنَّ دَعَاوَى التَّوْلِيَةِ لَيْسَتْ مِنْ قَبِيلِ تِلْكَ الدَّعَاوَى (وَقَدْ وَرَدَ فِي الْبَهْجَةِ فِي هَامِشِ كِتَابِ الشَّهَادَةِ أَنَّهُ إذَا اسْتَمَعَ زَيْدٌ الْقَاضِي دَعْوَى التَّوْلِيَةِ الْمَشْرُوطَةَ الَّتِي تُرِكَتْ أَرْبَعِينَ سَنَةً بِلَا عُذْرٍ وَحَرَّرَ حُجَّةً بِذَلِكَ فَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَلَا تُعْتَبَرُ حُجَّتُهُ وَإِنْ يَكُنْ أَنَّهُ يَفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْفَتْوَى أَنَّهُ إذَا مَرَّ أَرْبَعُونَ سَنَةً عَلَى الْبَطْنِ الْأَوَّلِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْبَطْنِ الْأَوَّلِ) إلَّا أَنَّ هَذِهِ الْفَتْوَى لَا تَدُلُّ صَرَاحَةً عَلَى عَدَمِ جَوَازِ اسْتِمَاعِ دَعْوَى الْبَطْنِ الثَّانِي.
وَكَذَلِكَ يُعْتَبَرُ مَبْدَأُ مُرُورِ الزَّمَنِ فِي دَعْوَى الْمَهْرِ الْمُؤَجَّلِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ أَوْ مِنْ تَارِيخِ مَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ الْمُؤَجَّلَ لَا يَكُونُ مُعَجَّلًا إلَّا بِالطَّلَاقِ أَوْ الْوَفَاةِ وَقَدْ بُيِّنَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ إثْبَاتُ الْمَهْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute