للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَكِنْ لَا يُجْبَرُ الشَّاهِدُ عَلَى أَدَاءِ الشَّهَادَةِ فَلِذَلِكَ إذَا أَنْكَرَ الشَّاهِدُ الَّذِي أَحْضَرَهُ الْمُدَّعِي أَمَامَ الْقَاضِي لِلشَّهَادَةِ شَهَادَتَهُ مُبَيِّنًا أَنَّهُ لَيْسَ لَدَيْهِ عِلْمٌ بِالْمَشْهُودِ بِهِ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي تَحْلِيفُهُ الْيَمِينَ؛ لِأَنَّهُ إذَا أُجْبِرَ عَلَى الْيَمِينِ فَيُمْكِنُ أَنْ يَشْهَدَ تَخَلُّصًا مِنْ الْيَمِينِ وَالْحَالُ أَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ لَا تَكُونُ مَقْبُولَةً وَلَا يَحِلُّ الْحُكْمُ بِمُوجَبِهَا (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ الشَّهَادَاتِ) .

شُرُوطُ فَرْضِيَّةِ الْأَدَاءِ: إنَّ فَرْضِيَّةَ الْأَدَاءِ مَشْرُوطَةٌ بِتِسْعَةِ شُرُوطٍ:

١ - أَنْ يَطْلُبَ الْمُدَّعِي الشَّهَادَةَ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ: لِأَنَّ الشَّهَادَةَ هِيَ حَقُّ الْمُدَّعِي فَكَمَا يُشْتَرَطُ الطَّلَبُ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ فَيُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ طَلَبُهَا أَيْضًا (الدُّرَرُ) . وَلَكِنْ فِي حُقُوقِ اللَّهِ كَالطَّلْقَاتِ الثَّلَاثَةِ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ فِي الْحُرْمَةِ الْمُغَلَّظَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا طَلَبُ الشَّهَادَةِ وَيَجِبُ عَلَى الشَّاهِدِ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ وَبِلَا دَعْوَى أَنْ يَذْهَبَ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي وَيَشْهَدَ فِي ظَرْفِ خَمْسَةِ أَيَّامٍ حَتَّى إنَّهُ إذَا أَخَّرَ الشَّهَادَةَ إلَى بَعْدِ خَمْسَةِ أَيَّامٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَكَانَ عَالِمًا بِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ يُعَاشِرَانِ بَعْضَهُمَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ يَكُونُ فَاسِقًا وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ.

مَثَلًا: إذَا تُوُفِّيَ أَحَدٌ وَتَرَكَ زَوْجَتَهُ وَوَرَثَتَهُ الْآخَرِينَ ثُمَّ شَهِدَ الشُّهُودُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي أَنَّ الْمُتَوَفَّى الْمَذْكُورَ قَدْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا وَكَانُوا عَالِمِينَ أَنَّ الزَّوْجَةَ الْمَذْكُورَةَ تُعَاشِرُ زَوْجَهَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ وَتَرَكُوا وَأَخَّرُوا الشَّهَادَةَ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَصْبَحُوا فَاسْقِينَ بِسَبَبِ تَأْخِيرِهِمْ الشَّهَادَةَ وَالْحَالُ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ عَادِلًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٧٠٥) أَمَّا إذَا كَانَ تَأْخِيرُ الشَّهَادَةِ لِعُذْرٍ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ (الْبَحْرُ وَالنَّتِيجَةُ) .

٢ - أَنْ يَعْلَمَ الشَّاهِدُ أَنَّ الْقَاضِيَ سَيَقْبَلُ شَهَادَتَهُ فَإِذَا كَانَ الشَّاهِدُ يَعْلَمُ بِأَنَّ الْقَاضِيَ سَوْفَ لَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَتَضَرَّرَ الشَّاهِدُ بِسَبَبِ عَدَمِ تَعْدِيلِ شَهَادَتِهِ وَجَرْحِهَا فَيَثْلِمُ شَرَفَهُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) .

٣ - أَنْ لَا يَكُونَ اعْتِقَادُ وَمَذْهَبُ الْقَاضِي مُخَالِفًا لِاعْتِقَادِ وَمَذْهَبِ الشَّاهِدِ. مَثَلًا إذَا كَانَ الْقَاضِي حَنَفِيَّ الْمَذْهَبِ فَبِمَا أَنَّهُ يَقُولُ بِعَدَمِ جَوَازِ هِبَةِ الْمُشَاعِ الْقَابِلِ الْقِسْمَةِ، وَكَانَ الشَّاهِدُ شَافِعِيَّ الْمَذْهَبِ وَيَقُولُ بِجَوَازِ هِبَتِهِ، فَإِذَا طَلَبَ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْ الشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى تِلْكَ الْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ فَلِلشَّاهِدِ الِامْتِنَاعُ عَنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ حَيْثُ إنَّ الشَّاهِدَ يَعْلَمُ بِأَنَّ الْقَاضِيَ سَوْفَ لَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُ وَلَا يَحْكُمُ بِصِحَّةِ الْهِبَةِ وَعَلَيْهِ فَإِنَّ عَدَمَ قَبُولِ الشَّهَادَةِ مِنْ الْقَاضِي هُوَ عُذْرٌ لِلشَّاهِدِ لِتَأْخِيرِ الشَّهَادَةِ (الْحَمَوِيُّ) .

٤ - أَنْ يَكُونَ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ مُتَعَيِّنًا عَلَى الشَّاهِدِ فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الشُّهُودُ جَمْعًا وَشَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ وَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا فَيَسْقُطُ وُجُوبُ الشَّهَادَةِ عَنْ الْآخَرِينَ. أَمَّا إذَا امْتَنَعَ بَعْضُهُمْ عَنْ الشَّهَادَةِ فَالْوَاجِبُ عَلَى الْآخَرِينَ أَنْ يُؤَدُّوا الشَّهَادَةَ؛ لِأَنَّ الْآخَرِينَ إذَا لَمْ يُؤَدُّوا الشَّهَادَةَ يَتْلَفُ حَقُّ الْمُدَّعِي وَحَيْثُ إنَّ هَذَا التَّلَفَ يَكُونُ مُضَافًا إلَيْهِمْ فَيَكُونُونَ مُتَسَبِّبِينَ بِتَلَفِ حَقِّ الْمُدَّعِي (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>