للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّاهِدَيْنِ بِأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَشَهِدَ الْآخَرُ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ الْعِشْرِينَ لَا تُعْطَفُ عَلَى الْعِشْرِينَ فَلَا يُقَالُ عِشْرُونَ وَعِشْرُونَ بَلْ يُقَالُ أَرْبَعُونَ (الْفَيْضِيَّةُ وَالْخَانِيَّةُ) .

إنَّ الزَّيْلَعِيّ قَدْ عَدَّ قَوْلَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ هُوَ الرَّاجِحَ وَقَدْ أَفْتَى مَشَايِخُ الْإِسْلَامِ بِقَوْلِ الْإِمَامِ إلَّا أَنَّ صَدْرَ الشَّرِيعَةِ قَالَ: إنَّ قَوْلَ الْإِمَامَيْنِ أَظْهَرُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالزَّيْلَعِيّ وَالشِّبْلِيُّ) لَا يُوجَدُ فِي الْمَجَلَّةِ صَرَاحَةٌ تَدُلُّ عَلَى تَرْجِيحِ أَحَدِ هَذَيْنِ الْمَذْهَبَيْنِ إذْ إنَّ حُكْمَ الْمَادَّةِ (١٧٠٧) هِيَ بِالِاتِّفَاقِ وَلَمْ تَكُنْ مَبْنِيَّةً عَلَى قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ شَرْطِ التَّوَافُقِ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالدَّعْوَى وَبَيْنَ شَرْطِ التَّطَابُقِ بَيْنَ الشَّهَادَتَيْنِ، أَلَا يُرَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا ادَّعَى الْغَصْبَ أَوْ الْقَتْلَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْغَصْبِ أَوْ الْقَتْلِ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ، أَمَّا إذَا شَهِدَ أَحَدُ الشُّهُودِ عَلَى الْغَصْبِ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْغَصْبِ فَلَا تُقْبَلُ كَمَا سَيُوَضَّحُ ذَلِكَ قَرِيبًا، وَيُتَحَرَّى التَّطَابُقُ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ وَلَيْسَ فِي لَفْظِ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ الْمَحْكُومَ بِهِ وَالْمَقْصُودَ هُوَ الْمَشْهُودُ بِهِ وَلَيْسَ لَفْظُ الشَّهَادَةِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الدَّعْوَى وَالزَّيْلَعِيّ) .

فَلِذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَفْظُ شَهَادَةِ أَحَدِ الشُّهُودِ عَيْنَ لَفْظِ شَهَادَةِ الْآخَرِ بَلْ كَانَ مُرَادِفًا لَهُ فَهُوَ جَائِزٌ كَمَا أَنَّ اخْتِلَافَ الشُّهُودِ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا يَلْزَمُ ذِكْرُهَا وَبَيَانُهَا غَيْرُ مُضِرٍّ (الزَّيْلَعِيّ وَالشِّبْلِيُّ) .

بَعْضُ مَسَائِلَ مُتَفَرِّعَةٍ عَلَى ذَلِكَ:

١ - لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ قَائِلًا: إنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَدْ وَهَبَ وَسَلَّمَ هَذَا الْمَالَ لِهَذَا الشَّخْصِ وَشَهِدَ الشَّاهِدُ الْآخَرُ بِأَنَّهُ أَعْطَاهُ لَهُ عَطِيَّةً وَسَلَّمَهُ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ وَالْعَطِيَّةَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُتَرَادِفَةِ (أَبُو السُّعُودِ) .

٢ - إذَا ادَّعَى الْمَدِينُ الْإِبْرَاءَ مِنْ دَيْنِهِ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْإِبْرَاءِ مِنْ الدَّيْنِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِالْهِبَةِ وَالتَّصَدُّقِ بِهِ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ أَوْ لِلتَّصَدُّقِ بِهِ أَوْ تَمْلِيكِهِ هُوَ إبْرَاءٌ لِلْمَدِينِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٨٤٧) فَتَكُونُ أَلْفَاظُ الشَّهَادَتَيْنِ مُتَرَادِفَةً (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الدَّعْوَى وَالطَّحْطَاوِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .

أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمَدِينُ إيفَاءَ الدَّيْنِ وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى إقْرَارِ الدَّائِنِ بِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّ الدَّائِنَ قَدْ أَبْرَأَ الْمَدِينَ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِالدَّيْنِ أَوْ حَلَّلَهُ لِلْمَدِينِ فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَانِ لَفْظًا وَمَعْنًى إلَّا إذَا قَالَ شَاهِدُ الْبَرَاءَةِ: إنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ بَرِيءَ إلَيْهِ بِالْإِيفَاءِ (لِسَانُ الْحُكَّامِ) .

٣ - لَوْ قَالَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ: إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ وَهَبَهُ هَذَا الْمَالَ وَقَالَ الشَّاهِدُ الْآخَرُ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِهَذَا الْمَالِ فَإِذَا قَالَ الْمُدَّعِي: إنَّنِي لَمْ أَهَبْ كَمَا إنَّنِي لَمْ أَتَصَدَّقْ بِذَلِكَ الْمَالِ فَيُحْكَمُ بِالْمَالِ لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِذَلِكَ كُلِّهِ إقْرَارٌ بِالْمِلْكِ فَثَبَتَ الِاتِّفَاقُ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الدَّعْوَى) .

<<  <  ج: ص:  >  >>