للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إثْبَاتَ الدَّيْنِ، وَالْبَيْعُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الثَّمَنِ الَّذِي هُوَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مُرَكَّبٍ بَعْضُ أَجْزَائِهِ بِمِقْدَارٍ خَاصٍّ فَهُوَ غَيْرُ الْمُرَكَّبِ الَّذِي يَتَرَكَّبُ بِمِقْدَارٍ أَكْثَرَ مِنْهُ، فَفِي هَذَا الْحَالِ لَا يَحْصُلُ نِصَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى أَحَدِهِمَا وَلَا يَثْبُتُ الْبَيْعُ مُطْلَقًا (الشِّبْلِيُّ) .

إيضَاحُ الِاخْتِلَافِ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ:

إذَا شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّ الْمَبِيعَ بِيعَ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ ذَهَبًا وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهُ بِيعَ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ فِضَّةً فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ الْوَاحِدُ بِثَمَنِ خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ ذَهَبًا ثُمَّ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ فِضَّةً (أَبُو السُّعُودِ وَالْهِنْدِيَّةُ) .

إيضَاحُ الِاخْتِلَافِ فِي مِقْدَارِ الْبَدَلِ فِي الْإِجَارَةِ:

إذَا اخْتَلَفَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ فِي ابْتِدَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَقَبْلَ تَسْلِيمِ الْمَأْجُورِ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَاخْتَلَفَتْ الشُّهُودُ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى ذَلِكَ فِي مِقْدَارِ بَدَلِ الْإِجَارَةِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعِي الْمُؤَجِّرَ أَوْ الْمُسْتَأْجِرَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِذَلِكَ هُوَ إثْبَاتُ الْعَقْدِ حَيْثُ إنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمُؤَجِّرِ فِي بَدَلِ الْإِجَارَةِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمُسْتَأْجِرِ الْمَنْفَعَةَ وَلِذَلِكَ تَخْتَلِفُ الشَّهَادَةُ بِاخْتِلَافِ الْبَدَلِ وَلَا تَثْبُتُ الْإِجَارَةُ (الشِّبْلِيُّ وَالْهِنْدِيَّةُ) .

وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ:

١ - إذَا أَجَّرَ الْمُؤَجِّرُ دَارِهِ إلَى أَحَدٍ وَقَبْلَ تَسْلِيمِهَا لِلْمُسْتَأْجَرِ ادَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: قَدْ آجَرْتُك دَارِي هَذِهِ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَاسْتَلَمَهَا، وَأَنْكَرَ الْمُسْتَأْجِرُ عَقْدَ الْإِجَارَةِ فَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ اللَّذَيْنِ أَقَامَهُمَا لِإِثْبَاتِ دَعْوَاهُ بِأَنَّهُ أَجَرَ الدَّارَ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهُ أَجَرَهَا بِأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَلَا تُقْبَلُ.

٢ - إذَا ادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ قَائِلًا: قَدْ اسْتَأْجَرْت هَذِهِ الدَّارَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ أَحَدُ شَاهِدَيْ دَعْوَاهُ بِأَنَّ الْإِجَارَةَ وَقَعَتْ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهَا وَقَعَتْ عَلَى تِسْعِينَ دِرْهَمًا فَلَا تُقْبَلُ إذْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ مَقْصِدَ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ دَعْوَاهُ إثْبَاتَ الْعَقْدِ. أَمَّا إذَا سُلِّمَ الْمَأْجُورُ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَكَانَ الْمُدَّعِي الْمُؤَجِّرَ وَادَّعَى الْأَكْثَرَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْأَقَلِّ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى دَعْوَى مَالٍ، وَلَكِنْ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْأَقَلَّ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِالْأَكْثَرِ فَلَا تُقْبَلُ (الزَّيْلَعِيّ) سَوَاءٌ كَانَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ مُنْقَضِيَةً أَوْ غَيْرَ مُنْقَضِيَةٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ قَدْ انْتَفَعَ بِالْمَأْجُورِ أَوْ لَمْ يَنْتَفِعْ، مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُؤَجِّرُ قَائِلًا: قَدْ أَجَّرْتُك دَارِي بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ سَنَوِيًّا وَسَلَّمْتُك إيَّاهَا وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: إنَّنِي اسْتَأْجَرْتهَا مِنْك بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقَبَضْتهَا وَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّ الدَّارَ أُجِّرَتْ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَنَّهَا أُجِّرَتْ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَتُقْبَلُ شَهَادَتَهُمَا؛ لِأَنَّ مَقْصِدَ الْمُؤَجِّرِ الِادِّعَاءُ بِبَدَلِ الْإِجَارَةِ وَلَيْسَ إثْبَاتَ الْعَقْدِ؛ وَتَقْيِيدُهُ فِي الدُّرَرِ بِقَوْلِهِ: وَالْمُدَّعِي هُوَ الْمُؤَجِّرُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ عَقْدَ الْإِجَارَةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ اعْتِرَافًا بِمَالِ الْإِجَارَةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ مَا اعْتَرَفَ بِهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى اتِّفَاقِ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ اخْتِلَافِهِمَا؛ لِأَنَّهُ إنْ أَقَرَّ بِالْأَكْثَرِ لَمْ يَبْقَ نِزَاعٌ وَإِنْ أَقَرَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>