الْخِيَارَ إذَا شُرِطَ إلَى اللَّيْلِ لَمْ يَدْخُلْ اللَّيْلُ فِي الْخِيَارِ مَعَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ اللَّيْلَ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْأَوَّلُ فِيهِ تَشْدِيدٌ وَالثَّانِي فِيهِ تَخْفِيفٌ وَتَوْسِعَةٌ.
وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْفَسْخُ أَوْ الْإِجَازَةُ فِي كُلِّ الْمَبِيعِ فَلَا يَجُوزُ الْإِجَازَةُ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ وَالْفَسْخُ فِي بَعْضِهِ الْآخَرِ فِيمَا بِيعَ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَاشْتُرِطَ فِيهِ الْخِيَارُ أَيْ لَا يَكُونُ حُكْمٌ لِلْإِجَازَةِ أَوْ الْفَسْخِ وَيَبْقَى الْخِيَارُ عَلَى حَالِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ صَاحِبُ الْخِيَارِ الْبَائِعَ أَمْ الْمُشْتَرِي أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ وَاحِدًا أَمْ مُتَعَدِّدًا أَوْ كَانَ مَقْبُوضًا أَمْ غَيْرَ مَقْبُوضٍ لِأَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ مَانِعٌ لِتَمَامِ الصَّفْقَةِ فَالْإِجَازَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ تُوجِبُ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ قَبْلَ تَمَامِهَا وَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ أَمَّا بَعْدَ التَّمَامِ فَجَائِزٌ (هِنْدِيَّةٌ) .
مِثَالُ ذَلِكَ: أَنْ يَبِيعَ الْبَائِعُ بَغْلَتَيْنِ عَلَى أَنْ يَكُونَ مُخَيَّرًا فِي الْبَيْعِ ثُمَّ يَبْطُلُ الْخِيَارُ فِي أَحَدِهِمَا بِلَا تَعْيِينٍ أَوْ بِتَعْيِينٍ فَهَذَا الْإِبْطَالُ لَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا وَيَبْقَى الْخِيَارُ عَلَى حَالِهِ وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ شَخْصٌ بَغْلَةً عَلَى أَنْ يَكُونَ مُخَيَّرًا فِي الْبَيْعِ فَنَقَضَ الْبَيْعَ فِي النِّصْفِ فَهَذَا النَّقْضُ بَاطِلٌ (هِنْدِيَّةٌ. أَنْقِرْوِيّ) . قُلْنَا (يُشْتَرَطُ عِلْمُ الطَّرَفِ الْآخَرِ بِالْفَسْخِ) لِأَنَّ صَاحِبَ الْخِيَارِ إذَا فَسَخَ الْخِيَارَ بِالْقَوْلِ فَعِنْدَ الطَّرَفَيْنِ يَجِبُ عِلْمُ الطَّرَفِ الْآخَرِ بِالْفَسْخِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَإِذَا فَسَخَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فِي الْبَيْعِ وَمَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ بِدُونِ أَنْ يَعْلَمَ الطَّرَفُ الْآخَرُ بِذَلِكَ لَزِمَ الْبَيْعُ عَلِمَ الطَّرَفُ الْآخَرُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ أَمْ لَمْ يَعْلَمْ (دُرُّ الْمُخْتَارِ. رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَكَذَلِكَ إذَا فَسَخَ صَاحِبُ الْخِيَارِ الْبَيْعَ فِي غِيَابِ الطَّرَفِ الْآخَرِ فَهَذَا الْفَسْخُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ الطَّرَفُ الْآخَرُ بِهِ فَإِذَا أَجَازَ الْبَيْعَ كَانَتْ إجَازَتُهُ صَحِيحَةً.
أَمَّا إذَا عَلِمَ الطَّرَفُ الْآخَرُ بِالْفَسْخِ قَبْلَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْخِيَارِ فَقَدْ تَمَّ الْبَيْعُ (خُلَاصَةٌ) وَإِذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا عَلَى أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَاخْتَفَى الْبَائِعُ لِيَكُونَ الْبَائِعُ عَاجِزًا عَنْ فَسْخِ الْبَيْعِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يُرْفَعَ الْأَمْرُ إلَى الْحَاكِمِ لِيَنْصِبَ وَكِيلًا لِلْبَائِعِ يَرُدُّهُ عَلَيْهِ إذَا أَرَادَ الْفَسْخَ وَعِنْدَ الْإِمَامِ الثَّانِي يَصِحُّ الْفَسْخُ الْقَوْلِيُّ بِدُونِ عِلْمِ الطَّرَفِ الْآخَرِ وَلَيْسَ فِي الْمَجَلَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَرْجِيحِهَا أَحَدَ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ وَكَذَلِكَ يَجْرِي هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ أَمَّا الْفَسْخُ الْفِعْلِيُّ فَيَجُوزُ بِدُونِ أَنْ يَعْلَمَ الطَّرَفُ الْآخَرُ وَذَلِكَ كَأَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ مُخَيَّرًا فَيَبِيعَ الْمَبِيعَ مِنْ آخَرَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ أَوْ يُؤَجِّرَهُ فَالْبَيْعُ بِذَلِكَ يَنْفَسِخُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ بَيْعَ الْبَائِعِ لِلْمَبِيعِ أَوْ إيجَارَهُ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِبْقَاءِ الْمَبِيعِ فِي مِلْكِهِ وَكَذَلِكَ الْمُشْتَرِي إذَا كَانَ مُخَيَّرًا وَتَصَرَّفَ فِي الثَّمَنِ الَّذِي يَكُونُ عَيْنًا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ مَا لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ مِنْ الْفَسْخِ وَمَوَانِعُ الْفَسْخِ: (١) الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ (٢) الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ غَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ (٣) الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مَانِعَةٌ (١) لِلْفَسْخِ وَذَلِكَ كَمَا إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَالًا عَلَى أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ فَزَادَ بَعْدَ الْقَبْضِ فِي يَدِهِ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً مُتَوَلِّدَةً مِنْ الْأَصْلِ كَالسَّمْنِ وَالْبُرْءِ مِنْ الْمَرَضِ وَذَهَابِ الْبَيَاضِ مِنْ الْعَيْنِ أَوْ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْهُ كَصَبْغِ الثَّوْبِ وَخِيَاطَتِهِ وَالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ، أَوْ زِيَادَةً مُنْفَصِلَةً مُتَوَلِّدَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute