للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَثَلًا إذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي قَرْيَةٍ وَأَنْكَرَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ الْقَتْلَ فَلِوَلِيِّ الْقَتِيلِ أَنْ يَخْتَارَ خَمْسِينَ شَخْصًا مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ وَأَنْ يُحَلِّفَ كُلًّا مِنْهُمْ بِوَاسِطَةِ الْقَاضِي بِأَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْ الْقَتِيلَ وَأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْقَاتِلَ فَإِذَا حَلَفُوا الْيَمِينَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يُحْكَمُ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ بِالدِّيَةِ فَإِذَا نَكَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ حَلْفِ الْيَمِينِ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ وَلِيُّ الْقَتِيلِ قَدْ ادَّعَى عَلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ قَتْلًا مُوجِبًا لِلْقِصَاصِ فَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَا يُحْكَمُ عَلَى الشَّخْصِ النَّاكِلِ عَنْ الْيَمِينِ بِالدِّيَةِ بَلْ يُسْجَنُ إلَى أَنْ يَحْلِفَ الْيَمِينَ أَوْ أَنْ يُقِرَّ بِالْقَتْلِ، أَمَّا إذَا ادَّعَى وَلِيُّ الْقَتِيلِ عَلَى أَهَالِي الْقَرْيَةِ قَتْلًا مُوجِبًا لِلدِّيَةِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُحْكَمُ عَلَى الشَّخْصِ النَّاكِلِ عَنْ الْيَمِينِ بِجَمِيعِ الدِّيَةِ.

عِلْمُ الْقَاضِي: إنْ عَلِمَ الْقَاضِي بِالشَّيْءِ الَّذِي سَيَحْكُمُ بِهِ هُوَ مِنْ طَرِيقِ الْقَضَاءِ عَلَى رَأْيِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصِدَ مِنْ الشَّهَادَةِ هُوَ مَعْرِفَةُ طَرِيقِ الْحَقِّ وَبِمَا أَنَّ الْقَاضِيَ أَمِينٌ فَإِنَّ عِلْمَهُ أَكْثَرُ مِنْ الشَّهَادَةِ (الْبُخَارِيُّ) ، مَثَلًا لَوْ أَقْرَضَ إنْسَانٌ آخَرَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَشَاهَدَ الْقَاضِي ذَلِكَ فِي السُّوقِ قَبْلَ أَنْ يَتَوَلَّى الْقَضَاءَ أَوْ أَثْنَاءَ تَوْلِيَتِهِ الْقَضَاءَ ثُمَّ ادَّعَى الْمُقْرِضُ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي فَأَنْكَرَ الْمُسْتَقْرِضُ فَلِلْقَاضِي عَلَى قَوْلٍ أَنْ يَحْكُمَ بِالْقَرْضِ قَائِلًا: قَدْ شَاهَدْتُ الْقَرْضَ وَالِاسْتِقْرَاضَ فَلِذَلِكَ حَكَمْتُ عَلَيْكَ. إلَّا أَنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ نَظَرًا لِفَسَادِ الزَّمَانِ لَا يَعُدُّونَ عِلْمَ الْقَاضِي طَرِيقًا لِلْقَضَاءِ وَمِنْ أَسْبَابِ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ إذَا حَكَمَ بِعِلْمِهِ يُلْقِي نَفْسَهُ تَحْتَ التُّهْمَةِ وَيَدْعُو إلَى سُوءِ الظَّنِّ بِهِ وَيُكْرَهُ أَنْ يُوجِبَ أَحَدٌ سُوءَ ظَنِّ النَّاسِ فِيهِ (الْحَارِثِيُّ) .

فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِلْقَاضِي فِي هَذَا الزَّمَنِ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ وَبِمَا أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى ذَلِكَ فَلَمْ تَعُدَّ الْمَجَلَّةُ عِلْمَ الْقَاضِي مِنْ أَسْبَابِ الْحُكْمِ، فَعَلَيْهِ لَوْ حَكَمَ الْقَاضِي فِي دَعْوَى بِنَاءً عَلَى عِلْمِهِ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ الْحُكْمُ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ بِزِيَادَةٍ) .

وَالْمَقْصِدُ مِنْ عِلْمِ الْقَاضِي هُوَ عِلْمُ الْقَاضِي الْوَاقِعُ فِي مَحَلٍّ خَارِجٍ عَنْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ، أَمَّا إذَا اسْتَمَعَ الْقَاضِي أَثْنَاءَ فَصْلِهِ الدَّعْوَى إقْرَارَ أَحَدِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ وَحَكَمَ بِذَلِكَ فَالْحُكْمُ صَحِيحٌ بِالِاتِّفَاقِ اُنْظُرْ مَادَّتَيْ (١٨١٧ و ١٥٧٨) .

الْمَادَّةُ (١٧٤١) - (الْقَرِينَةُ الْقَاطِعَةُ هِيَ الْأَمَارَةُ الْبَالِغَةُ حَدَّ الْيَقِينِ مَثَلًا إذَا خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ دَارِ خَالِيَةٍ خَائِفًا مَدْهُوشًا وَفِي يَدِهِ سِكِّينٌ مُلَوَّثَةٌ بِالدَّمِ فَدُخِلَ فِي الدَّارِ وَرُئِيَ فِيهَا شَخْصٌ مَذْبُوحٌ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلَا يُشْتَبَهُ فِي كَوْنِهِ قَاتِلَ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى الِاحْتِمَالَاتِ الْوَهْمِيَّةِ الصِّرْفَةِ كَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ رُبَّمَا قَتَلَ نَفْسَهُ رَاجِعْ الْمَادَّةَ ٧٤) .

الْقَرِينَةُ الْقَاطِعَةُ هِيَ الْأَمَارَةُ الْبَالِغَةُ حَدَّ الْيَقِينِ. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ هِيَ الْقَرِينَةُ الْوَاضِحَةُ بِحَيْثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>