الشَّرْطُ الثَّانِي: يَحْصُلُ الْيَمِينُ بِتَحْلِيفِ الْقَاضِي أَوْ نَائِبِهِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمُعْتَبَرَةَ الْقَاطِعَةَ لِلْخُصُومَةِ هِيَ الَّتِي تَحْصُلُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي أَمَّا الْيَمِينُ الَّتِي لَا تَكُونُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي فَلَيْسَتْ بِقَاطِعَةٍ لِلْخُصُومَةِ (فَتْحُ الْقَدِيرِ مُلَخَّصًا) .
الْيَمِينُ فِي حُضُورِ - ظَاهِرٌ، أَمَّا الْيَمِينُ فِي حُضُورِ نَائِبِهِ فَهُوَ أَنَّهُ: إذَا كَانَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهَا مَعْذِرَةٌ مَشْرُوعَةٌ فِي عَدَمِ الْحُضُورِ إلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي كَأَنْ تَكُونَ مِنْ مُخْدَرَاتِ النِّسَاءِ وَتَوَجَّهَ عَلَيْهَا الْيَمِينُ فَالْقَاضِي يُرْسِلُ أَمِينَهُ مَعَ عَدْلَيْنِ إلَى مَكَانِ تِلْكَ الْمَرْأَةِ وَالْأَمِينُ يُحَلِّفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهَا الْيَمِينَ وَالرَّجُلَانِ الْعَدْلَانِ يَشْهَدَانِ أَمَامَ الْقَاضِي عَلَى حَلْفِهَا الْيَمِينَ أَوْ عَلَى نُكُولِهَا عَنْ الْحَلِفِ وَلَا يَقْبَلُ الْقَاضِي قَوْلَ الْأَمِينِ بِدُونِ الشَّهَادَةِ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى فِي الدَّعْوَى وَوَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) .
أَمَّا إذَا كَانَ الْقَاضِي مَأْذُونًا بِالِاسْتِنَابَةِ وَعَيَّنَ نَائِبًا عَنْهُ مَأْذُونًا بِالْحُكْمِ وَذَهَبَ مَعَ الْمُدَّعِي إلَى مَكَانِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَكَلَّفَهُ بِحَلِفِ الْيَمِينِ فَقَبِلَ الْحَالِفُ أَوْ نَكِلَ عَنْهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ مُعْتَبَرَةٌ وَلَا يَلْزَمُ فِيهَا وُجُودُ شُهُودٍ.
إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى تُرَى غِيَابِيًّا فِي مُوَاجَهَةِ وَكِيلٍ مُسَخَّرٍ وَلَمْ يَسْتَطِعْ الْمُدَّعِي إثْبَاتَ دَعْوَاهُ بِالْبَيِّنَةِ وَطَلَبَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْغَائِبِ الْيَمِينَ فَيَجِبُ إحْضَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى الْمَحْكَمَةِ جَبْرًا حَسَبَ الْمَادَّةِ (١٨٣٢) أَوْ يُرْسِلُ الْقَاضِي نَائِبًا مَأْذُونًا بِالْحُكْمِ مَعَ الْمُدَّعِي إلَى مَحَلِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُكَلِّفُهُ حَلْفَ الْيَمِينِ وَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ عَلَى الْغَائِبِ مُعَلَّقًا عَلَى نُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الْحُكْمِ وَلَا اعْتِبَارَ بِالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ فِي حُضُورِ غَيْرِهِمَا. فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ بِطَلَبِ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ مِنْ ذِمَّتِهِ فِي غَيْرِ حُضُورِ الْقَاضِي أَوْ نَائِبِهِ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَدَى تَكْلِيفِهِ حَلْفَ الْيَمِينِ نَكِلَ عَنْ الْحَلِفِ فَلَا يَلْزَمُهُ أَدَاءُ الْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ، كَذَلِكَ إذَا اتَّفَقَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا حَلَفَ الْيَمِينَ فِي غَيْرِ حُضُورِ الْقَاضِي عَلَى بَرَاءَتِهِ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ وَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ فَلَا يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ وَلِلْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُثْبِتَ دَعْوَاهُ فِي حُضُورِ الْقَاضِي وَإِذَا عَجَزَ عَنْ الْإِتْيَانِ أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثَانِيًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَكِيلًا مِنْ قِبَلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الدَّعْوَى وَعِنْدَ تَوَجُّهِ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَفَادَ الْوَكِيلُ بِأَنَّ مُوَكِّلَهُ نَاكِلٌ عَنْ حَلْفِ الْيَمِينِ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي بِنَاءً عَلَى إفَادَةِ الْوَكِيلِ اعْتِبَارُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ نَاكِلًا عَنْ الْيَمِينِ وَالْحُكْمُ عَلَيْهِ.
أَمَّا إذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: إنَّكَ قَدْ حَلَّفْتَنِي الْيَمِينَ عَلَى ذَلِكَ أَمَامَ الْقَاضِي الْفُلَانِيِّ أَوْ أَمَامَ الْمُحَكِّمِ الْفُلَانِيِّ مِنْ أَجْلِ هَذِهِ الدَّعْوَى فَإِذَا أَقَرَّ الْمُدَّعِي بِذَلِكَ فَلَا يَجْرِي التَّحْلِيفُ وَإِذَا أَنْكَرَ تُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا أَثْبَتَ ذَلِكَ فَبِهَا، وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي بِالطَّلَبِ (الدُّرَرُ والشرنبلالي فِي الدَّعْوَى) .
وَالْيَمِينُ إنَّمَا يَكُونُ بِتَحْلِيفِ الْقَاضِي أَوْ نَائِبِهِ أَوْ الْمُحَكِّمِ وَلَا يُعْتَبَرُ تَحْلِيفُ غَيْرِهِمَا فَلِذَلِكَ لَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute